Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 06/05/2013 Issue 14830 14830 الأثنين 26 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بعد التمهيد الذي جعله المؤلف الكريم تعريفاً بالزِّركلي؛ مُتحدِّثاً عن اسمه وولادته وتعلُّمه وذريته وأعماله واشتغاله بالحركات الوطنية، وعنه شاعراً، ووفاته انتقل إلى الحديث في الفصل الأول من الكتاب،

الذي جاء مشتملاً على تفصيلات حياته في المملكة العربية السعودية؛ وبخاصة عمله في صحيفة أم القرى، وصلته بالملك عبد العزيز ثم بأبنائه الملوك: سعود وفيصل وخالد، وصلته بعلماء المملكة، ورأيه في الحركة الإصلاحية، التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وعنايته بتاريخ شبه الجزيرة العربية. وقد استهلَّ الفصل بالحديث عن بعد نظر الملك عبد العزيز، رحمه الله، من حيث استقطابه عدداً من الشخصيات العربية من بلدان عربية مختلفة ليعملوا معه تحت رايته؛ وفي طليعتهم رشدي ملحس من فلسطين، ويوسف ياسين من سوريا، ومدحت شيخ الأرض من سوريا أيضاً وأخوه فخري، وحافظ وهبة من مصر، وفؤاد حمزة من لبنان، وفؤاد الخطيب من لبنان أيضاً، وخالد القرقني من ليبيا، والمُؤلَّف عنه الكتاب خير الدين الزِّركلي.

وبعد ذلك تَحدَّث المؤلف عن صلة الزِّركلي بالملك عبد العزيز بالتفصيل. ثم أورد أربع قصائد قالها فيه بمناسبات جديرة بأن تُكتَب عنها تلك القصائد. ثم تَكلَّم عن صلته بالملك سعود، فصلته بالملك فيصل، فصلته بالملك خالد، الذي نقل عنه أن والده عبد العزيز حفظ سوراً من القرآن الكريم، وقرأه كاملاً على الشيخ محمد بن مصيبيح.

وبعد ذلك تَحدَّث المؤلف الفاضل عن صلة الزِّركلي بعلماء المملكة؛ وفي طليعتهم محمد نصيف، وفوزان السابق، وحمد الجاسر، ومحمد العبيكان، وعبد الله البسام، وعبد القدوس الأنصاري، ومحمد المانع، ومحمد سرور الصبان. ومن المعروف أن بعض هؤلاء لم يكونوا علماء شريعة كما هو متعارف عليه مَحلِّياً عند إطلاق العلماء. وأكثر من تَحدَّث المؤلف عن صلته به من أولئك الأفاضل هو شيخنا حمد الجاسر، الذي قرأ عليه كثيراً من فصول كتابه شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز قبل طباعته، فأفاده ببعض المعلومات والملحوظات القَيِّمة.

ولقد أوضح المؤلف الكريم رأي الزِّركلي في الحركة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ومن ذلك الرأي أنه كان يَعدُّ دعوة ذلك الشيخ “ الشعلة الأولى لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله: تَأثَّر بها رجال الإصلاح في الهند ومصر والعراق والشام وغيرها”. وهذا الرأي - مع الاحترام الكبير لصاحبه - يحتاج إلى تدقيق وتمحيص. وما قاله الزِّركلي، أيضاً، من أن العامة نفرت من حركة الشيخ محمد زمناً ما تأثُّرا بما غرسته الدعاية العثمانية التركية في النفوس من تشويه لها ولأهدافها ولسيرته وتاريخها قول يحتاج - هو الآخر - إلى تدقيق وتمحيص. فأول من شَوَّه سمعة الحركة فقهاء من نجد، التي هي موطن ابن عبد الوهاب، وتوالى تشويهها من أناس غير النجديين، لكنهم من أبناء الجزيرة العربية. ولم يَتحرَّك القادة العثمانيون ضدها؛ سواء من خلال ولايتهم في العراق أو ولايتهم في الحجاز، إلا بعد أن أصبح أنصارها، بقيادة آل سعود، قوة اعتقدوا أنها تُهدِّد الحجاز؛ وهي منطقة في غاية الأهمِّية للدولة العثمانية. ولما أدخلوا الحجاز تحت رايتهم ساق العثمانيون قواتهم من مصر، بقيادة واليهم هناك، محمد علي باشا، لاستخلاص الحجاز من آل سعود وتحطيم قوتهم بحيث لا يُهدِّدون تلك المنطقة مرة أخرى.

وكان آخر ما تَحدَّث عنه المؤلف الكريم في الفصل الأول من كتابه عن الزِّركلي عناية ذلك العالم المؤرخ الشاعر بتاريخ شبه الجزيرة العربية. وفي هذا المجال أشار إلى كتابيه: ما رأيت وما سمعت، وشبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز، الذي قال عنه: “ إنه يُعدُّ ثلاثة كتب في كتاب واحد؛ إذ أرَّخ للدولة السعودية في أدوارها الثلاثة؛ الأول والثاني والثالث، وإنه استقصى خلاصة تاريخ قيام الدولة السعودية في الدور الأخير على يد الملك عبد العزيز. وقال عن الكتاب: إنه “عمدة الباحثين والمؤرخين لتاريخ شبه الجزيرة العربية وسيرة الملك عبد العزيز”. والواقع أن عمدة الباحثين في تاريخ الدولتين السعوديتين الأولى والثانية ليس كتاب الزِّركلي؛ بل تاريخي ابن غنَّام وابن بشر وتواريخ أخرى كالفاخري وابن عيسى.

أما الفصل الثاني من كتاب الأخ الفاضل العلاونة عن خير الدين الزِّركلي فهو عن مُؤلَّفاته؛ وبخاصة ذات الصلة الوثيقة بشبه الجزيرة العربية. وقد بدأه بالحديث؛ مُفصَّلاً، عن كتاب شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز. وقد جاء اسمه في قائمة موضوعاته بزيادة كلمة “العربية” بعد كلمة “الجزيرة”. وهذا لا يَتَّفق مع واقع الكتاب ولا مع عنوانه في الصفحة التالية لقائمة الموضوعات. وقد ذكر قصة إعداد ذلك الكتاب، ومصادره، التي أشار إلى أن من بينها الشيخ حمد الجاسر، الذي قرأ عليه فصولاً منه كما ذكر أجزاء الكتاب وفصوله. ثم بَيَّن محاسن الكتاب؛ وهي عديدة، فالمآخذ عليه؛ وهي قليلة، ثم تفصيل محتوياته. وبعد انتهاء ذلك التفصيل أشار إلى أثر الكتاب قائلاً:

“ لَعلَّ من نافلة الكلام أن أُردِّد القول في عظيم أثر الكتاب. ويمكنني أن أقول بثقة: إنه لا يوجد مؤرخ مهتم بالدولة السعودية لم يسمع بهذا الكتاب أو لم يُفِد منه”. وكتاب شبه الجزيرة.. للزِّركلي كتاب جدير بالإشادة والتقدير، أفاد منه كثير من المهتمين بتاريخ المملكة العربية السعودية. ولذلك فإن إطالة المُؤلِّف الكريم الحديث عنه إطالة لها ما يُبرِّرها.

أما الكتاب الثاني الذي تَحدَّث عنه المُؤلِّف فهو كتاب الأعلام. وقد قال عنه: “ لَعلَّه أشهر كتاب في التراجم ومن أنفسها... وقد أصاب به شهرة عظيمة، وأصبح من خلاله صاحب مدرسة مستقلة في فن التراجم”. وذكر طريقته في ترتيب التراجم، وقال: “إنه عندما يترجم للشعراء فإنه غالباً ما يثبت بيتاً أو بيتين أو أبياتاً هي أشهر شعر المترجم ومختارها”. وقال عنه، أيضاً: “لا تخلو مكتبة عالم أو طالب علم من هذا الكتاب العظيم. وقد بلغ الأمر ببعض الناس أن يَتمنَّوا الموت قبل الزِّركلي لتكتب تراجمهم فيه، كالذي تراه في ترجمة مصطفى الشهابي”. ويقول كاتب هذه السطور: إن كلاماً مثل هذا كلام فضفاض تتجلَّى فيه المبالغة بكل صورها.

وبعد ذلك تَحدَّث المؤلف الكريم؛ مُعرِّفاً بكتاب: ما رأيت وما سمعت. ثم تَحدَّث؛ مُعرِّفاً بديوان الزِّركلي، ومما قاله عنه:” إن قصائده أكثرها في القضايا الوطنية، وإن المرأة غابت عنه (إلا قليلاً)، وضاعت آثارها من شعره وآثاره. فحب الوطن أنساه كُلَّ حب آخر”. وقد بَرَّر وقوع الزِّركلي في خطأ نادر بمدحه من لم يكن يستحق المدح بأن ما فعله كان اضطراراً أملاه الخوف من بطش الظالم.

وكان ختام الفصل الثاني؛ وهو الأخير من الكتاب، الحديث عن مقالات الزِّركلي في صحف ومجلات مُتعدِّدة، وعن خزانة كتبه، وأخيراً عن عضويته في المجامع واللجان العلمية.

أما ملحق الكتاب فمشتمل على صور ووثائق لخطابات وأسماء لصحف وكتب وعناوينها، فقائمة بمصادر ذلك الكتاب ومراجعه؛ وعددها ستة وعشرون. وأما خاتمة الكتاب فقائمة بأسماء البحوث التي أصدرتها دارة الملك عبد العزيز قبل هذا الكتاب؛ وعددها 284 . فجزى المُؤلِّف الكريم.. أحمد العلاونة.. خيراً على تأليف كتابه عن الزِّركلي، رحمه الله، وجزى دارة الملك عبد العزيز خيراً على نشرها لهذا الكتاب، ولما قامت - وتقوم - به من جهود عظيمة داعمة للبحوث العلمية؛ وبخاصة تلك المُتَّصلة بتاريخ شبه الجزيرة العربية وحضارتها.

قراءة في كتاب..خير الدين الزِّركلي تأليف: أحمد إبراهيم العلاونة - 2 -
د.عبد الله الصالح العثيمين

د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة