Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 08/05/2013 Issue 14832 14832 الاربعاء 28 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

ليس من الصعب على المتابع لنوع محدد من إنتاج الكتابة المتعدد والمتنوع بالمجتمع السعودي وأقصد منه على وجه الدقة كتابة مقالات الرأي أن يلاحظ وجود توجها جديدا يجترحه الشباب تحديدا في هذه الكتابة. ويمكن للمعني بالموضوع أن يضع يده على عدد من العلامات الفارقة التي تميز مقالات الرأي التي يكتبها الشباب السعودي اليوم.

وهذا التوجه وإن تأجج وتوهج في المراحل الأولى لاندلاعات الربيع العربي نهاية 2010 وبدايات 2011م وخاصة في مناخ الزخم السياسي والإعلامي الجديد لطلائعه الشبابية، فإن جذور تلك الجذوة التجديدية تعود لأبعد من ذلك التاريخ، وهي وإن كانت حاضرة بين مد وجزر في كثير من مفاصل التحولات بالمجتمع السعودي، حيث كان لكل جيل طلائعه الشبابية ذات التطلعات التجديدية، فإن التوجه المحدد الذي نتناوله هنا قد جاءت بداية بوادره وتباشيره مع بدايات الألفية الميلادية الثالثة. ومن خلال توظيف أداة الملاحظة بالقراءة على طريقة الملاحظة بالمعايشة باعتبار أن فعل القراءة بالنسبة لي هو فعل معايشة، فإنني أسمح لنفسي بالاجتهاد في استنباط بعض أبرز مشتركات ملامح هذه الكتابة الشبابية الجديدة من مقالات الرأي مع وجود تمايزات فردية فيما بينها بطبيعة الحال وبحسب طبيعة الموضوع ومنطلقات الطرح من ناحية وحسب روح الكاتب وثقافته وطبيعة موقفه ونوع طموحه من الناحية الأخرى. ومن هذه الملامح:

- التجديد في قائمة الموضوعات. لقد كانت إلى تاريخ غير بعيد العينة الأكبر لما يطرح من مقالات الرأي بما فيها ما يكتبه الشباب تتمحور حول مواضيع ذات طبيعة اجتماعية محضة إما بالمعنى الوظيفي لإشكاليات قطاع الخدمات العامة مثل، (بنية تحتية، أوضاع مستشفيات، ضمان اجتماعي..)، أو بمعنى المشكلة الاجتماعية والتربوية مثل،( الطلاق، غلاء المهور، التعليم، مكافحة المخدرات، البطالة، الغلاء، مشكلات الإعلام، الالتباسات الحضارية، إشكاليات التنمية بطبقاتها وأوجهها..). أما مع الموجة التجديدية لكتابة الشباب فقد استجدت على قائمة مقالات الرأي مواضيع سياسية ومواضع فقهية ومواضيع اقتصادية، ومواضيع حقوقية ومواضيع يتشابك فيها الاجتماعي بالسياسي والديني بالسياسي والسياسي بالنسوي وسواهما. بل إن بعضها لم يتورع أو يتحرج كما كان الأمر سابقا من التطرق لمواضيع في مجال السياسة المحلي بعد أن كان ذلك لا يجري إلا في نطاق التعليق التوافقي مع الموقف أو الحدث السياسي المحلي مع اقتصار النقدي منه على الموقف أو الحدث السياسي العربي أو العالمي.

- التجديد في أسلوب الطرح. وفي هذا سجل شباب مقالات الرأي خروجا واضحا على الرمزية والغموض والغمغمة التي كانت أجيال من كتاب مقالات الرأي تضطر لها أو تلجأ إليها خاصة لو أرادت أن تقدم طرحا يخرج ولو قليلا على التابوه السياسي أو الديني أو الاجتماعي. وهذا جعل كتابات الرأي التي نتناول تذهب إلى المباشرة بدل التورية. فصار التصريح بديلا للتلميح، والطرح المحدد بديلا للطروحات الفضفاضة والعائمة والشفافية بدل المواربة ملمحا واضحا من ملامح كتابة الرأي الشبابية. مع أهمية التنويه بأن هذا التوجه قد نما في أحضان التسامح الرقابي الذي أتيح في المرحلة الأخيرة لحكم الملك فهد رحمه الله وبداية عهد الملك عبدالله حفظه الله، كما ترعرع وربى في أحضان ثورة الاتصالات التي فتحها على مصراعيها البث الفضائي التلفزيون والفضاء الافتراضي لشبكة الإنترنيت.

- شجاعة النقد للواقع الموضوعي. يظهر من المتابعة التأملية المتأنية لعدد غير قليل من أسماء الشباب في عدد من مقالات الرأي التي يكتبها كل منهم أو منهن أن هناك خطا نقديا ينتهجه الشباب في توجههم التجديدي لكتابة مقالات الرأي وفي انتقاء مواضيعها، حيث يتميز هذا الخط بالقدرة على تقديم قراءة نقدية للواقع. وهذا الخط على ما أزعم في ملاحظته يتسم بأنه يقدم نقدا موضوعيا، لا يشتم منه رائحة النقد الناقم أو الناسف. وهذا يقترن بملمح آخر من ملامح كتابات الرأي الشبابية. وهو ملمح الاتسام بالنفس التحاوري والتفاوضي أكثر من الميل إلى التصادمية أو المخالعة السافرة للواقع القائم. وإذا كان هناك من قد يقرأ هذا الملح تحديدا في ضوء عموم الطبيعة المحافظة للنظام السياسي والمجتمع السعودي أو في ضوء نتائج الربيع الكارثية في غير دولة من دوله، فإنه يمكن أن يقرأ أيضا في ضوء المقومات الذاتية لهذا التوجه نفسه، مثل جدة تجربته، نزعته العقلانية، سلميته. وهذه نقطة تستحق مزيدا من البحث والتعميق.

- مساحة للتعدد والتواضع في العلاقة بالذات. تتسم كتابات الرأي المعنية في هذا المقال بوجود مساحة عند غالبيتها لتقبل بعضها بعضا بما فيها المختلف عنها في الطروحات وبميل الكثير منها لعدم التشنج في التعبير عن الرأي. وإن كان هذا يعكس سمة أساسية من سمات التوجه النقدي في اجتهاداته الأخيرة على مستوى الفكر الفلسفي والإنتاج الفكري عالميا، فإنه يمثل فضيلة كثيرا ما كانت تغيب غيابا فادحا عن المجتمع السعودي عموما وعن أصحاب الرأي فيه بمن فيهم المحسوبين مجازيا على اليمين أو على اليسار وهي فضيلة التسامح والخروج من عنق الأحادية الخانقة. وهذا وإن كان بطبيعة الحال يستدعي التواضع الموضوعي في العلاقة بالذات فإنه يتطلب القدرة والإرادة الموضوعية الصارمة بأن يشمل توجهه النقدي الاستعداد لنقد الذات.

غير أن الاجتهاد الذي أقدمه هنا في قراءة بعض ما أعتبره أوضح ملامح كتابات الشباب التجديدية في مقالات الرأي يبقى ناقصا إن لم أقرنه باجتهاد آخر أقدمت عليه في محاولة استنباط بعض مشتركاتها في النقد الذي يمكن أن يوجه إليها، وكذلك ما لم أقدم عينة لبعض الأسماء التي تمثل بكتاباتها أشواق جيل من الشباب يحاول أن يقدم اجتهاداته ويضع بصمته في حب الوطن بتقديم مشاركته الخاصة في التعبير عن هذا الحب. وهذا ما سأعمل على تناوله الأسبوع القادم بإذن الله.

Fowziyaat@hotmail.com
Twitter: F@abukhalid

قوى ناعمة وواقع خشن كتابات الرأي الشبابية
د.فوزية عبدالله أبو خالد

د.فوزية عبدالله أبو خالد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة