Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 10/05/2013 Issue 14834 14834 الجمعة 30 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في خضم الأحداث، لا شيء أغلى من الأمن، ولا مسلكاً أيسر من الأمن، ولا مطية أكثر راحة من الأمن، في ظلاله يعيش الناس دون قلق، وينعمون بما أعطى الباري وخلق، ويبيتون قريري العين دون أرق، فكم هو جميل لا يعرف جماله إلاّ من فقده، ولا يجهل مقداره إلاّ من غلبته الحسرة، فيه تتم راحة البال، ويذهب الناس إلى أماكن عملهم، ومراتع سعدهم ولعبهم، وهم قريرو العين، مطمئنون على أموالهم وأعراضهم وذويهم.

المسافر في أقاصي الدنيا يعيش مرتاح البال، وأهله عنه بعيدون، لأنه يعلم أنه في بلد آمن ومناخ من التآلف حاضن، فما أتم نعم الله علينا، وما أجلها وقد اكتسبناها، فالحمد لله والمنّة، فهو وحده المستعان، ومنه العطاء الجزيل، وله العزة والكمال، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} والأمن نعمة ظاهرة جلية غير خفية، لا يتجاهلها وينظر إلى غيرها إلاّ مكابر يبحث عن الإثارة والفتنة.

الأمن مطر هام مستمر، وكوكب مضن مستقر، وعبق بخور لا يزول ولا يفر، جذعه نماء، وأغصانه رخاء، وظلاله أفياء وزهره مشرق ومنظره مورق، وثمره خير، ونداه عطاء ومير، فيه أخياف من الورد، وندى يتلألأ كأنه الزرد. فيا له من مبهج للأنفس.

في ظلال الأمن، يعيش الناس مطمئنين بقدر ما منحهم الله وحباهم وأكرمهم وأعطاهم، ولكل مجتهد نصيب، بتوفيق الله ورحمته، فيأكلون ويشربون، وينعمون ويستظلون، فبالأمن يزدهر في النفوس الأمل، وبه يثمر في البلاد كل جهد وعمل.

عندما ينظر المرء إلى ما حوله يزيد يقيناً بأن الأمن عماد النجاح، وأساس الفلاح، وأقوى أدوات الإصلاح، فمعه يمكن أن يتحقق الكثير، ويتم التهذيب والترتيب، ودونه لا يمكن أن ينتج الأمر إلاّ مزيداً من الدمار، وكثيراً من الخراب.

في ظل الأمن يمكن للاقتصاد أن ينمو، وللعقود أن تبرم، وللقوانين أن تسود، وسيعيش الناس حياتهم بقدر استطاعتهم، وعلى قدر معرفتهم بعد توفيق الله ورحمته بهم.

الناس في الغالب تبحث عن الأفضل، وهذا مطلب حق، وتتوق إلى ما يزيد عمّا لديها وهذا أمر مشروع، وتتشوق إلى اللحاق بالمراكب الأخرى، وهذا لا غبار عليه، لكن ذلك لا يمكنه أن يتأتى إلا في وجود الأمن، وعلى ضفافه، فلا تقدم مع فوضى، ولا تطور مع صراع على غير حق، ولا أمل من خير في فتنة، فكم من مهالك أوردتها الفتن. ومشعلوها إما طامعون، أو حاقدون، أو زائغون، أو سائرون في مراكب غيرهم.

جعل الله بلادنا آمنة من كل شر، محفوظة من كل مكروه، وأن يرزقنا شكر نعمه، والرضا بما أعطى وقسم، وأن يديمها منبراً للخير والسلام في العالم أجمع، وأن يعم الأمن والسلام سائر بلاد الدنيا، وأن تكون العقول البشرية متمسكة بالقيم العليا، غير مغلوبة من الشهوات التي تدفع ببني البشر إلى المهالك والمظالم، وسيظل الصراع بين العقل والشهوة قائماً، وكلما انتصر العقل على الشهوة، ساد الأمن والرخاء، فجعلنا الله ممن يحكم عقله على شهوته وعاطفته، ويديم علينا الأمن والأمان.

نوازع
في خضم الأحداث
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة