Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 11/05/2013 Issue 14835 14835 السبت 01 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

أبدى المهندس عبدالله الحصين، وزير المياه والكهرباء، قلقه حيال الاستنزاف الجائر للمياه، وقال في لقاء «قبة الجزيرة»: «إننا نستنزف المياه بمعدل هائل جداً، ونستنزف المخزون الذي حبانا الله إياه». أتفق مع كل ما ذكره المهندس الحصين، وأعترف بأننا مسرفون في استهلاك المياه، وأُقر بأننا لا نمتلك في الوقت الحالي الأنهار والآبار والأمطار القادرة على تأمين احتياجاتنا المائية، ولولا الله ثم محطات التحلية لعطش أهل الرياض والقصيم وجدة وباقي مناطق المملكة. وأحترم في الوقت عينه جهود الوزارة في ترشيد استهلاك المياه، وحرصه الشخصي على المراقبة الذاتية في بعض الأحيان لضمان جودة عمل الوزارة وإداراتها في فرض النظام ومخالفة المستهترين بثرواتنا المائية، إلا أنني لا أنفك من ترديد سؤال، لم أجد له جواباً بعد، هو: أين دور الوزارة في خزن مياه السيول والأمطار، ومعالجة مياه الصرف واستغلالها؟ ومن يُسائل الوزارة عن هدرها ثرواتنا المائية المتجددة؟ ومن يخالفها على تهاونها في تنفيذ مشروعات السدود وتصريف المياه التي تهاوى بعضها سريعاً أمام الأمطار الغزيرة، التي كشفت أن تذمر الوزارة من استنزاف المواطنين للمياه لم يقابله عمل يؤدي إلى خزنها والمحافظة عليها من الضياع؟

كميات الأمطار المهولة التي تساقطت على المملكة الأسابيع الماضية ذهبت سُدى دون أن يستفيد منها أحد؛ فحولت صحاري الربع الخالي إلى بُحيرات من المياه العذبة، وأروت عطش الأودية، وأجرت شعابها، وأغرقت المدن والقرى؛ فانقلبت رحمتها إلى شقاء وفناء! بَشَّرَ أحد المختصين في علوم الفلك في قناة «العربية» بأن كميات الأمطار المهولة ستختفي خلال أسبوع، وطمأن المواطنين بقرب زوال البرك المائية! لم أكن من السعداء بما بشَّر به؛ بل كنت من المتألمين بسبب هدر تلك المياه التي كنا نحاول إلى عهد قريب استمطار سُحبها لمواجهة الجفاف! إذا كان الاستنزاف هو الهاجس الدائم للوزارة فهاجسنا الأهم - إلى جانب الترشيد - هو المحافظة على مياه السيول والأمطار التي تثبت أن الله أكرم بسُقياه من الآبار الناضبة ومحطات التحلية المهددة بالتوقف. كُل ما نحتاج إليه هو إحسان الظن بالله، والعمل على حفظ ثرواتنا المائية في جانبَي ترشيد الاستهلاك وخزن مياه الأمطار والسيول لإعادة استخدامها، والاستفادة منها.

أعود إلى مشروعات السدود وتصريف مياه الأمطار، التي انكشفت سريعاً بعد زخات المطر الأولى، وأستشهد بمشروع سد وادي تبالة في محافظة بيشة، الذي تعرض لانهيار جزئي؛ وكاد يتسبب في كارثة إنسانية لولا لطف الله، ثم جهود الدفاع المدني. الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير، قال للصحفيين بعد تفقده السد إن ما شاهده على أرض الواقع «لا يعدو كونه مجموعة ردميات بسيطة، لا ترتقي إلى اسم مشروع سد، وأن هذا المشروع كان يفترض أنه على الأقل شارف على الانتهاء مقارنة بعمره الزمني الذي استمر ستة أعوام».

أحسب أن تصريحات الأمير فيصل بن خالد الصادرة من القلب المشفق المحب الحريص على الوطن والمواطنين تكشف نوعية مخرجات السدود ومشروعات المياه في المملكة، وآلية ترسيتها وتنفيذها والإشراف عليها. وبغض النظر عن مسؤولية وزارة المالية عن ترسية المشروع، وفق آلية المناقصات العامة (البالية)، تبقى مسؤولية وزارة المياه ثابتة بحكم تبعية المشروع.

الوزير الحصين أشار إلى أن الزراعة تستهلك (85 %) من استهلاك المياه في المملكة، وهنا أسأل عن سبب عدم استغلال الوزارة لمياه الصرف الصحي التي تُهدر دون استغلال متسببة في تلوث البيئة. هي ثروة مائية مهولة، يمكن استثمارها من خلال مشروعات محطات المعالجة والتنقية، وتوجيهها للزراعة. فهل خططت الوزارة لذلك؟!

وكيل الوزارة لشؤون المياه قال: «خلال (30) سنة استنزفت الزراعة ما يعادل الاستهلاك البلدي لمياه الشرب لمدة (250) سنة، فلو وفرنا استهلاك الـ(30) سنة الماضية فلم نزرع ما زرعناه، ولم نتوسع في النشاط الزراعي في الفترة الماضية، لكفتنا المياه التي استُهلكت (250) سنة مقبلة»! وهذا يؤكد أن الحكومة لم تعتمد الدراسات المتخصصة والخطط الاستراتيجية في تعاملها مع الثروات المائية والأنشطة الزراعية. كيف جمعت الحكومة بين خطر نضوب المياه وتشجيع الزراعة في آن؟!

كل ما نتمناه من وزارة المياه أن تعتمد الدراسات العالمية المتخصصة منهاجاً لها، وأن تتعاون مع مراكز البحث والاستشارات المتخصصة حول العالم؛ لإجراء دراسات مستقلة حول مستقبل المياه في المملكة، والتغيرات المناخية، وكميات الأمطار المتوقع هطولها، والعمل على وضع خطة استراتيجية لحفظ مياه الأمطار والسيول ووقف هدرها، من خلال مشروعات الخزن الاستراتيجية التي أصبحت المملكة أكثر حاجة لها من أي وقت مضى.

f.albuainain@hotmail.com

مجداف
استنزاف المياه أم هدر الثروات المائية؟
فضل بن سعد البوعينين

فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة