Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 12/05/2013 Issue 14836 14836 الأحد 02 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

الطيور المهاجرة.. جند الله في الأرض والسماء
إعداد/ د. محمد بن يسلم شبراق

إعداد/ د. محمد بن يسلم شبراق

Previous

Next

رجوع

قبل أسابيع تلقيت رسالة على البريد الإلكتروني من زميلي ورفيق دربي أ. عبدالله السحيباني أحد المعروفين باهتماماتهم البيئية خاصة فيما يتعلق بالطيور وحمايتها، وقد حملت الرسالة في طياتها موقعين على الشبكة الإلكترونية يحتوي الأول على مشاهد فيديو لرحلة صيد غير نظامية لأحد أجمل الطيور التي تمر ببلادنا الغالية خلال هجرتها بين مواقع تكاثرها بالشمال ومناطقها الشتوية بأفريقيا ويعرف محلياً بالرهو وعلمياً Anthropiodes virgo، أما الثاني فكان منظر لعدد كبير من الطيور المقتولة والمكدسة في ثلاجات بريشها ودمها منها عدد من أنواع طيور الدخل والصفاري ولقميري حتى الهدهد والصرد - والتي نهى رسولنا صلى الله عليه وسلم من صيدهما - لم يسلما من العابثين، والحقيقة أن ما رأيت في المقطعين يشير إلى حاجتنا لتضافر الجهود لزيادة البرامج التوعوية للحفاظ على ما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية ، وقبل أن يأتي اليوم الذي نسأل فيه أمام الخالق سبحانه وتعالى بأي ذنب قتلت...

لقد دار أمامي - وأنا أنظر إلى هذه المناظر البشعة من قتل لمخلوقات الله - الكثير من الصور ومر في مخيلتي أيضاً تلك المحاضرة التي حضرتها في مؤتمر الطيور العالمي بهامبرج بألمانيا وكانت لأحد علماء الطيور الأمريكي الجنسية اليهودي الأصل، وتذكرت كيف كان يتكلم وما أحسست به وهو يتحدث بفخر عن أن هناك العديد من الأنواع والتي تصل أعدادها بالملايين تمر فوق الأرض المقدسة (يقصد بها فوق مدينة القدس ومنطقة وادي الأردن)، وقلت في نفسي ألا يحق لنا أيضاً أن نفتخر، فنحن في هذه الأرض المباركة أرض الحرمين تمر عبرها الملايين من الطيور المهاجرة، ليس هذا وحسب لكن هناك 100 مليون مسلم يتوجهون بصلاتهم نحو هذه الأرض المباركة، وأحسست في حينها بالفخر لانتمائي لهذه الأرض الطيبة وكذلك بالمسئولية للتعريف بكنوزها والحديث عن جمال أرضها وما عليها من مخلوقات حباها الله لبلادنا وكنت أردد كلما شاهدت منظراً لهذه الطيور المهاجرة بأشكالها وألوانها الجميلة، ألا ليت قومي يعلمون....

لقد كان منظر طيور الرهو المقتولة بالفعل مقزز بالرغم أن هذه الطيور تعتبر من أجمل الطيور المهاجرة التي تمر على بلادنا - وهي حية بالطبع وليست مقتولة - فهي من الطيور المميزة عن الغرانيق الأخرى من نفس العائلة بوجود ريش في منطقة الرأس وعدم وجود البقعة الجلدية الحمراء، وقصر منقارها الذي يشبه مناقير طيور الحبارى، الذكر أكبر قليلاً من الأنثى ولونه رمادي والرقبة ونهاية الريش الثانوي بالجناح أسود، كما يوجد ريش لونه أبيض يبدأ من خلف العين الحمراء اللون. وجمال هذه الطيور ليس في شكلها فقط ولكن أيضا في سلوكها خاصة في فترة التزاوج بالإضافة إلى وهجرتها وطريقة طيرانها والأصوات التي تصدرها سواء في فترة التزاوج أو أثناء تحليقها خلال هجرتها، فهذه الطيور عرف عنها إخلاصها فهي تعرف أن الذكر والأنثى يرتبطان مع بعضهما طوال العمر ويعرف هذا السلوك (Monogamous)، ولقد أكرمني الله بشاهدتها وهي تتراقص خلال موسم التزاوج وكان منظر لا ينسى فقد كان الوجين فتقفز تارة وتخفض رأسها تارة أخرى وتصدر تلك الأصوات الغزلية والتي تستمر حتى بعد وضع الأنثى للبيضة الأولى، وتستمر الرابطة حتى خلال هجرتها فهي تهاجر سوياً، ولقد رمزت عدد من الثقافات في شرق آسيا (الصين واليابان) للحب والإخلاص للرابطة الزوجية لعائلة الغرانيق والتي ينتمي إليها الرهو، كما رمزت هذه الطيور في ثقافة العديد من الدول الآسيوية إلى طول العمر والخلود.

لقد سُجل طيران هذه الطيور فوق أعلى قمة في العالم (قمة إفيريست) أي على ارتفاع أكثر من ثمانية آلاف متر عن سطح البحر، والمشكلة ليست في تحملها لدرجات الحرارة المنخفضة فقط لكن أيضاً قدرتها على تحمل التيارات الباردة أو المُجمدة والتي تصطدم بجسمها خلال طيرانها، ناهيك عن عدم تجمد ماء عيونها وهي على هذا الارتفاع الشاهق.

ولا يقتصر عجائب طيران هذه الطيور على هذا ولكن طيرانها فوق البحار فيه أيضاً من الغرابة والتي تخالف ما يعرف عن هذه الطيور، فالرهو يعبر سنوياً خلال هجرته فوق البحر الأحمر وهذا بالنسبة لطائر كبير يعرف بأنه من الطيور المحلقة يعني الكثير، فهذه المجموعة من الطيور المحلقة تجد عادةً صعوبة بالطيران فوق المياه فهي تعتمد على تيارات الحمل (الهواء الساخن) لرفعها عالياً بدون تحريك أجنحتها وهذه التيارات غير موجودة فوق المياه، مما يجعل طيرانها فوق المياه مكلف بالنسبة لها فكبر حجمها وهجرتها الطويلة وحاجتها إلى الطاقة تجعلها تقلل من اعتمادها على الرفرفة بجناحيها لفترة طويلة، ليس هذا وحسب ولكن أيضاً طيرانها بشكل منتظم على شكل سبعة يجعلها من وجهة نظري عبرة ودرس لبني البشر، يقول جل في علاه أوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ . سورة الملك

ويذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية أن الطيور تَارَة يَصْفُفْنَ بأَجْنِحَتهنَّ فِي الْهَوَاء وَتَارَة تَجْمَع جَنَاحًا وَتَنْشُر جَنَاحًا « مَا يُمْسِكهُنَّ « أَيْ فِي الْجَوّ « إِلَّا الرَّحْمَن « أَيْ بِمَا سَخَّرَ لَهُنَّ الله مِنْ الْهَوَاء ومِنْ رَحْمَته وَلُطْفه « إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْء بَصِير» أَيْ بِمَا يُصْلِح كُلّ شَيْء مِنْ مَخْلُوقَاته.

والحقيقة أن القلق من هذا الصيد الجائر لهذه الطيور راجع إلى أن هذه تعرف بهجرتها بأنها ذات هجرة ضيقة (Narrow-fronted Migration) فلكل مجموعة من هذه الطيور هجرة تطير في مسار واحد ضيق فتمر فوق نفس مناطق محددة كل عام وهذا يجعلها عرضة للانقراض في حالة وجود صيد جائر في طريقها، وقد عرف العالم انقراض أنواع وأخرى تواجه شبح الانقراض ومنها الغرنوق السيبيري أحد أجمل أنواع الغرانيق وأكبرهم حجماً وسناً، حيث تصل أعمارها إلى أكثر من 83 سنة.

خرجت عصر ذلك اليوم من مكتبي بالجامعة حاملاً في صدري هم وأسى وحزن لما رأيت في تلك الصور، ورفعت يدي أدعوه سبحانه وتعالي أن يحمى بلادنا من شر العابثين وأن يرحم أهلها وأن لا يؤخذنا بما فعل السفهاء منا وأن يرفع الظلم عن هذه المخلوقات الجميلة والتي هي بحق جند من جنود الله في الأرض والسماء فهي معلمة للبشرية، يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم في قصة إبني آدم «قابيل وهابيل» وكيف أن الله بعث غراباً ليعلم الإنسان كيف يُدفن الموتى، فكان هذا أول درس تعلم فيه الإنسان ما يجب أن يقوم به لدفن موتاه قال الله تعالى:

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ سورة المائدة: 27- 31 .

ركبت سيارتي وأدرت محركها وأخذت أتجول بناظري قبل خروجي من الجامعة نحو المسطحات الخضراء بالجامعة للتعرف على أنواع جديدة من الطيور المهاجرة التي تمر بمنطقة الطائف، وكان منظر تجمع كبير لطيور الذعرة البيضاء بأعداد تصل إلى أكثر من ألفي طائر فوق المسطحات الخضراء، جميعها تتحرك بطريقتها الجميلة فهي تسير خطوات وتتوقف لتحرك ذيلها إلى أعلى وإلى أسفل وتلتقط يرقات تلك القشريات التي تتطفل على الحشائش بشكل ملفت للنظر وكانت تأكلها بنهم شديد والحقيقة إن هذا المنظر بقدر ما حمل صدري من حزن على ما شاهدته بالصور إلا أن أعداد هذه الطيور وحركتها وسلوكياتها أنستني هم وغم تلك الصور، فيا سبحان الله فبالرغم من وجودي بالجامعة لأكثر من سبع سنوات فلم أشاهد هذا المنظر من قبل، وأخذت أنظر إليها وهي تمشي بين الحشائش بمشيتها المعروفة وقد أحسست بفرح يقتلع الأسى داخل صدري وأحسست وأنا أنظر لهذه الطيور أن هناك مهمة تقوم بها في هذا المكان وهذا الوقت ولتكمل دورها في التخلص أو التقليل من هذه القشريات الضارة بالحشائش والتي تكلف الجامعة مبالغ كبيرة للعناية بالمسطحات الخضراء، ومن هنا بدأت أستذكر تلك الدراسات وما تحويه من معلومات عن دور الطيور المهاجرة في البيئة وما تقوم به من أعمال جليلة للبشرية خلال هجرتها، وقد تذكرت وأنا أنظر إلى هذا المنظر تلك الدراسة التي قام بها هينك بومان وجريج سيمس وهانالين دوبليسيس ونشرت عام 2012م في موقع البيرد لايف جنوب إفريقيا عن أحد أنواع الصقور يعرف باسم صقر أميور واسمه العلمي Flaco amurensis عن أهمية حماية هذه الطيور، فقد أشارت الدراسة أن هذه الصقور تقوم بالتخلص من أكثر من 2.5 بليون نمله بيضاء خلال تواجدها في جنوب أفريقيا لتقضي فيها فترة الشتاء والتي تصل من 3-4 أشهر.

والحقيقة إن الدراسة نشرت على خلفية ما نشرته أحد مواقع الإنترنت عن صيد جائر لهذه الصقور في الهند حيث قدر بعض الباحثين في الهند أن هناك أكثر من 120-140 ألف من هذه الصقور تم مسكها وقتلها للتغذي عليها بين عام 2006-2012م، وعليه فإن هذه الدراسة تشير إلى المشاكل البيئية والاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على جنوب أفريقيا نتيجة ما يحدث من صيد جائر لهذه الطيور. فالنمل الأبيض والجراد الصحراوي يؤثرا بشكل كبير على المزروعات وبتناقص هذه الطيور نتيجة الصيد الجائر لهذه الصقور بالهند سوف يطرح أعباء اقتصادية على جنوب إفريقيا للتخلص من هذه الحشرات الضارة، وسوف يسبب زيادة بأعداد النمل الأبيض وكذلك زيادة نوع من الديدان التي تهاجم نبات الدخن تعرف علمياً Helicoverpa armigera تذكر الدارسة أن هذه الصقور تتغذى على هذه الديدان وأيضاً على الجراد الصحراوي اللذان يسببان خسائر كبيرة بالمزروعات بأفريقيا، فيا سبحان الله تتزامن هجر هذه الصقور مع فترة الإنتاجية لهذه المزروعات مما يساهم طبيعياً في التخلص من هذه الحشرات الضارة.

ومن الأمثلة الأخرى التي أذكرها لطلابي وهي أن هناك طيور تغير من تغذيتها في أوقات معينة من حياتها وأهمية ذلك في التوازن البيئي، فالعصفور المنزلي منقاره متكيف على أكل الحبوب لكن في فصل التكاثر والتي تزيد فيها الحشرات يتغذى على الحشرات ليزيد من نسبة الكالسيوم التي يحتاجها لتغذية الصغار، وطيور مثل عقاب السهول والذي يتغذى على نوع من القوارض في مناطق تكاثره بوسط آسيا وتتغير نوعية غذائه خلال هجرته فتغذى على الحيوانات الميتة بشكل خلال مروره بالجزيرة العربية أما في مناطقه الشتوية بأفريقيا فيتغذى على النمل الأبيض خلال تواجده بأفريقيا.

و من هنا يتضح أن هذه الطيور المهاجرة لها دور أمرها الله بأدائه للحفاظ على سلامة هذه الأرض، ونحن كمسلمين نعلم أن الله لم يخلق كائناً عبثاً فهناك حكمة وسبب لا يعلمها إلا الله، وأن الطيور المهاجرة لها دور تلعبه في للحفاظ على حياة وسلامة البشرية ، فالرهو القادم من مستنقعات روسيا ووسط آسيا يمر فوق بلادنا الغالية والتي بها قبلة المسلمين ليس فقط لأنها تقع ضمن مسار هجرتها، لكن لأسباب ربما نجهلها في الوقت الحاضر لكن حركتها وطيرانها وتغذيتها على الحشرات تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وأنها جند من جنود الله...

نعم إن الطيور المهاجرة هي جند من جنود الله وما ورد في قصة أصحاب الفيل وكيف أرسلها الله لتهزم جيش اغتر بقوته، فقد جاء إبرهة الأشرم بأقوى الحيوانات وهي الفيل والتي لم تعرفها العرب من قبل فسلط الله عليه أضعف الحيوانات وهي الطيور الأبابيل، والتي يشير العديد من المؤرخين أنه طائر السنونو وهذا موضوع يحتاج لدراسة من بين المؤرخون والأدباء لمعرفة نوعية هذه الطيور، وعلى أية حال فلو نظرنا إلى ما ذكره المؤرخون بأن هذه الحادثة حصلت قبل خمسين يوماً من مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كان مولده صلى الله عليه وسلم في 20 أو 22 من شهر إبريل فهذا يعني أن حادثة الفيل حصلت في نهاية شهر فبراير وبداية شهر مارس وهي الفترة التي تبدأ فيها الطيور رحلة عودتها من الجنوب لمناطق تكاثرها في الشمال ليرسلها الله لتلعب دوراً لحماية بيته من ذلك الجيش ولتشير بحق أنها جند من جنود الله، قال الله سبحانه وتعالى:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول . سورة الفيل

لقد كانت الطيور ومازالت مصدر إلهام للإنسان حول العالم وعبر العصور فقد ألهمت ألوان الريش الفنانين فظهرت في رسوماتهم والأدباء في قصصهم وأشعارهم حتى أصحاب الموضة استلهموا من الطيور وهجرتها إبداعات زادت من ثراء الثقافة البشرية، فهذه العملات النقدية في كثير من الدول منها العربية ومنها الأجنبية، منها القديم ومنها الحديث، قد رسمت الطيور في عملاتها، كما أن عدد من الدول جعلت من بعض الطيور شعاراً لها، فالعقاب في الشعار الأمريكي ونسر الكوندور في عدد من دول أمريكا الجنوبية كبوليفيا يعتبر رمز للقوة والعلاج من الأمراض. ودخلت الطيور في ثقافة وحضارة الشعوب بعضها يدل على الخير وآخر يدل على الشر، فهدة البومة ترمز عند بعض الشعوب إلى الحكمة والمعرفة، وعند أخرى تدل على الموت والظلام، وهناك طيور الغرانيق والتي ترمز في ثقافات العديد من الدول الآسيوية إلى طول العمر والخلود، فهذه الطيور يعرف عنها أنها من الطيور المعمرة، وقد سجل أطول عمر بالطيور بالأسر كان لطائر الغرنوق السيبيري وهو من نفس عائلة الرهو حيث مات عن عمر يناهز 83 عاماً. كما عرفت العرب النسور بطول عمرها وضربوا الأمثال بها في ذلك، فقد ذكر الجاحظ في كتابه الحيوان أن العرب عرفوا أن النسور من الطيور المعمرة وذكر أن الخزرجي وصف طول عمر معاذ بن مسلم بن رجاء مولى القعقاع بعمر نسر لقمان:

إن معاذ بن مسلمً رجل

قد ضج من طول عمره الأبد

قد شاب رأس الزمان واختضب

الدهر أثواب عمره جـدد

يا نسر لقمان كم تعش

و كم تلبس ثوب الحياة يا لبد

ولم يقتصر إلهام الطيور للإنسان على أشكالها وعمرها فحركتها ورقصاتها ألهمت الكثيرين، فبعض رقصات الهنود الحمر والرقصات الفولكلورية نجد أن لها علاقة بالطيور. من هنا يتضح لماذا هذه الاتفاقيات البيئية بين الدول خاصة التي تتعلق بحماية التنوع الأحيائي بشكل عام واتفاقيات الطيور بشكل خاص، فما يحدث من صيد جائر في بلد سوف يؤثر بشكل غير مباشر في بلد آخر، وما نحن من هذا ببعيد

لقد خرجت من الجامعة يومها وأنا على يقين من أهمية زيادة الوعي للحفاظ على الطيور المهاجرة وأن علينا جميعاً دوراً هاماً للتعريف بأمة تعيش بيننا لا هم لها إلا ذكر الله وتسبيحهْ وتعمل دوماً لتحقيق ما أمرها الله به مسخرة نفسها لتسهيل حياة المستخلفين بالأرض، ونحن أبناء هذه الأرض الطيبة يعلم ذلك فشريعتنا السمحة علمتنا احترام الآخر، ودعوت الله أن يرفع الظلم عن هذه الأمة وأن يبدل بنادق الصيادين إلى كاميرات تصور الجمال وتوثق تنوع الطيور بهذه الأرض الطيبة وما تقوم به لتكون رسالة للأجيال القادمة ومصدراً نُقَوي فيه إيماننا بخالقنا وعلمٌ ينتفع به أبناؤنا.


- وكيل عمادة البحث العلمي بجامعة الطائف

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة