Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 15/05/2013 Issue 14839 14839 الاربعاء 05 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

التدخين عادة سيئة لدى كل الشعوب في العالم، وفي ديننا الإسلامي الحنيف أن التدخين محرم لما يسببه من الأمراض القاتلة، وذلك في ضوء الحديث النبوي الشريف (لا ضرر ولا ضرار).

ويعد التدخين من أهم الأسباب المؤدية للوفاة، إذ إنه سبب مهم لكثير من الأمراض مثل مرض شرايين القلب التاجية وسرطان الرئة والالتهاب المزمن للقصبات الهوائية المؤدية إلى الفشل التنفسي ومرض شرايين الأطراف السفلية، كما أنه سبب مهم للوفاة المفاجأة، وهذه الأمراض تؤدي إلى عدد كبير من الوفيات إذا ما قورنت بالأسباب الأخرى للوفيات بين غير المدخنين.

فعلى سبيل المثال يتسبب التدخين في وفاة 440.000 (أربعمائة وأربعين ألف) وفاة سنويًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا العدد يوازي 20% (عشرين بالمائة) من مجموع الوفيات السنوية، ويوازي مجموع الوفيات الناتجة عن مرض المناعة المكتسبة والوفيات الناتجة عن الإدمان على الأدوية والخمور، والوفيات الناتجة عن حوادث السير، والوفيات الناتجة عن حالات الانتحار وحالات القتل المتعمد.

من أجل ذلك أدركت الدول الغربية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودول غرب أوروبا وأستراليا ونيوزولاندا خطورة التدخين على مجتمعاتها وسنت العديد من الأنظمة التي تمنع التدخين في الأماكن العامة ومنع الدعاية المباشرة للترويج للتدخين في وسائل الإعلام المختلفة ومنع بيع التبغ ومشتقاته للأطفال.

وبهذه الإجراءات المتعددة انخفضت نسبة المدخين في كثير من هذه الدول، ففي الولايات المتحدة الأمريكية انخفضت نسبة المدخنين من 42% في عام 1965م إلى 19% في عام 2012م.

وفي المملكة العربية السعودية يوجد توجيه سامي بمنع التدخين في الأماكن العامة مثل المطارات والجامعات والمستشفيات والمطاعم منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، إلا أن هذا المنع لم يفعَّل بشكل مرضي إلا في السنوات الأخيرة مع وجود مخالفات لهذا المنع من وقت لآخر في ضوء ما يتوفر من جهاز رقابة لمن يخالف النظام القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة. وبالتأكيد أن التوجيه السامي المشار إليه يحتاج إلى مراقبة من يخالفه. كما أن هناك حاجة ماسة إلى تفعيل نظام مكافحة التدخين والمقر من مجلس الشورى منذ عدة سنوات. نحن ندرك أن معظم المدخنين بدأوا التدخين في سن الطفولة والمراهقة، إذ إن هذا السن كما نعرف يتعرض فيه الطفل والمراهق إلى التأثير السلبي لوسائل الإعلام من خلال شركات صناعة التبغ، كما ندرك أن مادة التبغ وما تحتويها من نيكوتين تؤدي إلى الإدمان.

ففي أحد الدراسات التي أجريت على مجموعة كبيرة من المدخنين اتضح أن 88% منهم بدأوا التدخين قبل سن الثامنة عشرة، كما أوضحت الدراسة أن 70% منهم يرغبون في التوقف عن التدخين وحاولوا ولم ينجح منهم إلا نسبة لا تزيد عن خمسة بالمائة (5%) عن التوقف نهائيًا عندما لم يتواصلوا مع العيادات المخصصة لمساعدة الراغبين في التوقف عن التدخين. وذلك لأنه كما ذكرنا أن مادة النيكوتين تؤدي للإدمان، كما أن تغيير نمط الحياة عمومًا من الأمور التي يصعب تغييرها، إذ إن كثيراً من الناس يعدها أموراً شخصية.

وهناك سؤال ملح بدأ يطرح نفسه في الآونة الأخيرة وهو: وماذا عن توظيف المدخنين في القطاعات الحكومية والأهلية؟ حيث بدأت بعض المؤسسات والشركات في الولايات المتحدة الأمريكية عدم التعاقد مع المدخنين لعدة حجج منها أن المدخنين أقل إنتاجية في العمل وأكثر غيابًا، كما أن تكلفة الضمان الصحي لهم مرتفعة مقارنة مع من لا يدخنون.

وعلى الرغم من أن تسعة وعشرين (29) ولاية من الولايات الأمريكية سنت قوانين لمنع هذا التحيز ضد المدخنين، إلا أن هناك إحدى وعشرين ولاية (21) لا يوجد بها نظام حاليًا يمنع هذا الإجراء لحماية المدخنين.

ولا شك أن مثل هذا الإجراء فيه إضرار بالمدخنين خصوصاً إذا عرفنا أن نسبة التدخين مرتفعة أكثر بين شرائح المجتمع الأقل تعليمًا والأكثر فقرًا. وفي دراسة عن انتشار التدخين بين العاملين والعاطلين عن العمل وجد أن نسبة التدخين بين العاطلين عن العمل 45% مقارنة بـ28% بين من هم على رأس العمل.

على الرغم من كل هذا اتجهت بعض المؤسسات إلى عدم توظيف المدخنين، فقامت منظمة الصحة العالمية بعدم التعاقد مع المدخنين وإن كان هذا الإجراء رمزي، إذ إن عمل المنظمة يهدف إلى الوقاية من الأمراض ومن أهمها الأمراض الناتجة عن التدخين كما قامت عيادة كليفلاند في أمريكا بتطبيق بيئة خالية من التدخين في مباني المؤسسة وما حولها من فناءات عام 2005م وتوقفت عن التعاقد مع المدخنين منذ عام 2007م.

وفي استفتاء تم في أمريكا خلال 2012م أيد 45% من المستفتيين عدم توظيف المدخنين، بينما عارض 65% منهم التحيز ضد المدخنين. ولا شك أن هذا الإجراء ضد المدخنين له جوانب أخلاقية وقانونية معقدة لكن كما يبدوا أن هناك ازدياداً في الوعي لدى عامة الناس في الدول الغربية بالأضرار المرتبة على التدخين خصوصاً أن نسبة غير المدخنين تشكل أكثر من 80% في كثير من هذه الدول.

إن إجراء مثل هذا يفاقم الوضع الاجتماعي للمدخنين ويلحق بهم أضراراً تضاف إلى ما يعاني منه بعضهم من البطالة والفقر وانخفاض مستوى التعليم، يضاف إلى أن المدخنين يحتاجون إلى المساعدة لإنتشالهم من هذا الإدمان الذي يعانون منه.

كما أن الأمر يتطلب أخذ الوسائل للحد من بدء الأطفال والمراهقين التدخين وهم في سن لم يصل إدراكهم إلى الأضرار المرتبة على التدخين، ويحتاج ذلك إلى تضافر الجهود بين الجمعيات الطبية المعنية بالأمر مثل جمعية القلب السعودية وجمعية أمراض الصدر والجهات المسؤولة عن الوقاية من الأمراض المزمنة في وزارة الصحة ووزارة الإعلام والجهات الأخرى ذات العلاقة، ولا شك أن ذلك -بإذن الله- سيكون له مردود إيجابي يؤدي إلى خفض نسبة المدخنين في مجتمعنا، كما نجحت الدول الغربية في الحد من أضرار التدخين وبشكل متواصل عامًا بعد عام.

Malnozha@hotmail.com
أكاديمي سعودي

مكافحة التدخين بين الشرق والغرب
منصور محمد النزهة

منصور محمد النزهة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة