Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 16/05/2013 Issue 14840 14840 الخميس 06 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

ليس من الطرافة أن يضحكك الخبر الذي تداولته بعض المواقع الإلكترونية، والصحف المصرية، عن التحقيق الذي أجري مع «حشمت» الموجِّه بإحدى الإدارات التعليمية بالمنصورة في مصر العربية، من أجل قطعة أدبية أختيرت من عيون التراث الأدبي الإنجليزي، الذي يشبه كليلة ودمنة ابن المقفع، وحيوان الجاحظ، وحمار الحكيم.. بل من العقل أن يجعلك الخبر تفكر كيف تبدّلت نوايا التأويل لمضامين الإبداع، ليس في محيط المتلقِّين له في فضاءات التلقِّي العامة، بل دخلت «أزمة» التأويل لمقاعد الدرس، وبيئة التعليم، ومحيط المربين..

القطعة التي أثارت حفائظ المسؤولين في تعليم مصر، بسبب سوء التأويل،الذي أدرج محتواها في مجرى السياسة، هذه السياسة التي قضت على براءة النفوس، وشوّهت نقاء نسيجها، كانت تقص عن حاكم غبي، لكنه ظالم بحكمه على كل من يخالفه بقطع أصابعه، الأمر الذي أثار عليه غضب الناس واحتجاجهم، فأطلقوا على أنصاره صفة الخرفان وطالبوه بالابتعاد معهم إلى الغابة وهناك يمكنه أن يحكم خرفانه بعيداً عن الشعب.. من أجل هذه القصة «حشمت» الموجِّه للغة الإنجليزية خضع للتحقيق عما إذا كانت هذه القطعة الأدبية «مدسوسة» بين أسئلة الاختبار لطلاب الصف الثاني في المرحلة المتوسطة لأغراض سياسية، تمكنهم من القياس عند قياس فهمهم لها على شخصيات سياسية..!، بمعنى أنّ اختيارها مسبق النية، معقود على التشبيه..!!

لكنه خرج من «مأزق» سوء الظن السياسي كما الشعرة من العجين, بمجرّد تأكيد استلالها من موروث أدبي غربي لا غير لا نية فيه للتشبيه، أو التعيين.. وأنه كان بإمكان من اختارها أن يختار قصة أخرى..

ما نخلص إليه من هذا الخبر، هو استمرارية ممارسة التأويل في صالح السياسة لمقاصد الإبداع..

ومع أنّ الإبداع حلّق في عصور كثيرة بالمضطهدين خارج أسوار الأَسْر الروحي، والفكري في أوروبا, وعبر بالغا في الإيصال عن مكنون النفس البشرية في جميع تراث العالم الأدبي .., وواجه عديداً, بل كثيراً من محاكمات النوايا على مدى حقب التاريخ .., إلاّ أنه في زمن مثل الذي نعيش، ويعيش فيه هذا الجيل، ينبغي أن تطلق له أجنحته، ويفك عنه أسر التأويل، ومن ثم المحاسبة، فالمواجهة، فالمجابهة.. فالمحاكمة، لأنّ الكلمة طليقة كالطير، متى أسر تغيّرت، وتبدّلت طبيعته وعاداته.. والكلمة كذلك..

إنّ الكلمة المبدعة ينبغي ألاّ تتغيّر طبيعتها في هذا الزمن الطليق..,

فما حدث في المنصورة، بمصر لقطعة أدبية في مؤسسة تعليمية.. ما كان ينبغي أن يكون.. كيلا تدس السياسة كرتها في ملعب غير ملعبها.., وإنها لو فعلت، فستعود كرتها في مرماها كما أعادها «حشمت» موجِّه مقرّر اللغة الإنجليزية.. فخرجت فاشلة في نتائج تأويلها، خاسرة في نواياها..!

فلكي تتحقق مصداقية التطوُّر،.. وتمكُّن الوعي.., فإنّ المبتدأ يأتي من مضمار الفكر، وقوادم الإبداع.., بلا ريب، إذ تنصرف مقاصده في حياة الإنسان نحواً فاعلاً للتنمية الأدوم, والتغيير الأسلم، والتحديث الأنفع, والتعبير عن الخفي مما لا تلتقطه عين الإنسان فقط, بل بقية عيونه الخفية..

من هنا يبقى للتراث الأدبي أثره المستديم، خلاقاً محلقاً في إرث البشرية على الأرض.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

لما هو آت
خسران النوايا.. بطلان التأويل..!
د. خيرية ابراهيم السقاف

د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة