Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 20/05/2013 Issue 14844 14844 الأثنين 10 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

قد يحدث في محطة من محطات حياة الإنسان لاسيما في حقب مبكرة منها، عندما تكون مجساته مع الحياة بأعلى درجات حساسيتها وعنفوانها، حيث تثيره الدهشة وتستفزه حب المغامرة وتسكنه رغبة التمرد وهاجس التغيير، في خضم ذلك قد يهوى وجه امرأة عادية ويعشقها فيحولها الى ملاك فينوسي..

.. فلا يرى عيبا خلقيا ولاسلوكيا فيها، وهذا أمر هين وبالإمكان الشفاء منه بمرور الزمن وتحولات ذلك العشق من حال لحال، لكن الأمر الأخطر هو التعلق - بوهم الذات - وهوى الأنا - أن هذا الهوى من أخطر أنواع الهوى، لأنه يعمي بصر وبصيرة صاحب - الذات - فتجده لا يرى عيوباً في نفسه ولا حتى ثلمة تستحق النقد أو المراجعة، فهو عند ذاته في ميزان المثال والصورة والمراية العاكسة للأشياء كلها، حتى تبدو له بقية الأشياء والناس أمامه هزيلة خاوية، أن هذا التعلق اليقيني بالذات أصبح في عالمنا مصدراً عادياً للمباهاة الصفراء ومنبعا للفخر الأصفر، أن أهل - الذات - لديهم شعور غير طبيعي وغير عادي بالعظمة حد الجنون بتضخيم (الأنا) وبأنهم الأفضل والأجمل والأحسن والأذكى والأرقى والأدهى والأمثل، وأن الآخرين أقل منهم شأناً وأدنى، ولذلك فهم يمنحون أنفسهم أحقية نقد الناس والسخرية منهم والتكبر والتعالي.

إن - أهل الأنا - يحاولون دائماً وباستماتة عجيبة وباستفزاز ظاهر الظهور بمظهر الأنيق والمميز في الملبس والمركب والمسكن والمأكل والمشرب كي يبدوا في عيون الناس محط الإعجاب ومركز التحديق، وأهل الأنا أشخاص لا يقبلون إلا لصوت المديح العالي وكلمات الإطراء والإعجاب وقرع الطبول والتصفيق الحاد والتصفير الكبير، وأهل الأنا لديهم تميز خاص وتفرّد بالغرور والتعالي واصطناع الأشياء والطموح الزائد غير المشروع ومحاولة كسب الأشياء والسيطرة عليها، ولديهم الرغبة المستمرة في البحث عن الألمعية والجمال، وبأنهم الأكمل في كل شيء حتى في طريقة الاحتفاء والكلام والمصافحة والابتسام، ولديهم إحساس كبير بأنهم نادرون مثل الجواهر الثمينة والأحجار الكريمة، وإنهم نوع خاص وفريد لا يمكن محاذاتهم أو مجاراتهم أو حتى تقليدهم. إن - أهل الأنا - أشخاص يبالغون جداً في تأطير الأنا ببذخ عجيب رغم شخصياتهم الهشة والرقيقة في حقيقتها، إن - أهل الأنا - يعانون خواءً عاطفياً وتفاوتاً واضحاً وبائناً في أمزجتهم وخيبة أمل وهوس وقلق واضطراب، لذلك نجدهم يجمحون بإفراط عجيب نحو استخدام قدراتهم اللغوية رغم ضعفها وقصر مفرداتها في جلب الانتباه ولفت الأنظار فيما يودون قوله وفعله وطرحه، إن - أهل الأنا - يملكون التباهي والزهو الحاد، لكنهم لا يملكون أدنى درجات المنطق ولا رجاحة العقل ولا الحكمة ولا رؤية الأشياء على طبيعتها ولا يملكون آلية التعامل برفق مع معايير الأشياء ومتطلبات الحياة ولديهم تبجح تام ودائم بالذات وبهرجة ملوّنة تشبه كرنفالات الأعياد بمناسبة وبغير مناسبة مما يترك البصر حسيراً.

إنني في حياتي قد عرفت عن قرب بعض الأشخاص من - أهل الأنا - الذين يملكون مسحة عالية من التعالي وغروراً كبيراً بالنفس واهتماماً حاداً وضخماً بـ(الذات) حد التقديس الممل، على الرغم من أنهم لا يتميزون على أرض الواقع بشيء عن الآخرين إن لم يكونوا أقلّ شأناً منهم وأقصر قامة وأدنى موقعاً ودرجة، فيا أهل الأنا، يا أهل الهوى بالذات، لا تكونوا مثل نبات - النرجس - ذي الحراشف اللحمية والقواعد الورقية والرائحة القوية واللون الأخضر والأملس والذي به شبهت العيون الفواتر لانكساره وميله، لكنه في نفس الوقت يقتل أعداءه من النباتات الأخرى التي تنمو بجواره دون وجه حق.

ramadanalanezi@hotmail.com
ramadanjready @

وهم الأنا وهوى الذات!
رمضان جريدي العنزي

رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة