Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 20/05/2013 Issue 14844 14844 الأثنين 10 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

أخذت الدعوى المقدمة من عضو مجلس الشورى القاضي الدكتور عيسى الغيث، ضد الشيخ الدكتور محمد العريفي أبعادا كثيرة، يأتي على رأس قائمتها خروجها عن النسق الرسمي، والذي يحصر النظر في قضايا النشر في لجنة المطبوعات والنشر في وزارة الإعلام، وكأن الشيخين وبدون تنسيق مسبق حققا مطالب الاتجاه السلفي المحافظ الذي يطالب أن تنظر المحاكم الجزائية في المخالفات الشرعية في قضايا النشر والمطبوعات، وطالب “الغيث” في دعواه بسجن الشيخ محمد العريفي 6 سنوات، وغرامة مالية 3 ملايين و500 ألف ريال، وهي أقصى عقوبة حسب قانون وضعي إن صح التعبير، وهو ما يعد سابقة في المحاكم الشرعية والتي تعطي القاضي حق تقدير الحكم من خلال أحكام الشريعة،، وقد كانت قضية التعويضات ضد الضرر المعنوي محل اختلاف، ويرى الاتجاه المحافظ أن التعويض على الضرر المعنوي ليس له مرجعية في الشريعة الإسلامية.

يأتي فتح الباب أمام المحاكم الجزائية للنظر في قضايا النشر والمطبوعات تحولا قد يعيد ترتيب الأوراق في الإعلام السعودي، والذي يعتبر في نظر التيار القضائي السلفي مخالفا لما جاء في الشريعة حسب المرجعية الدينية في اجتهاداتها الدينية المحافظة جداً، وقد نشهد انقلابا نوعيا في الإعلام السعودي، وذلك لأن كثيرا مما تعرضه شاشات وصفحات الجرائد من صور وموسيقى وأفلام ومسلسلات سيعتبر مخالفة يستحق مقترفها العقوبة الشرعية، وربما تهمة الإفساد في الأرض، وسيدخل في ذلك قضايا عمل المرأة والاختلاط في العمل، ولولا الحماية التي تقدمها السلطة السياسية منذ عقود للإعلام ولقوانين العمل لتوقف الإعلام عن البث بقنواته المتعددة، ولتم منع المرأة من العمل في المستشفيات والأسواق، وقد سمعنا في الماضي القريب دعوات وصلت إلى حد التكفير لملاك القنوات الفضائية، وقرأنا مطالبات من وعاظ ودعاة وقضاة تحتج على عمل المرأة في نمطها الحالي.

وهذا لا يعني أنني لا أؤيد إخراج اللجنة القضائية للنظر في مخالفات النشر والمطبوعات من تحت إشراف وزارة الإعلام إلى القضاء، وذلك لأن البيروقراطية الإدارية قد تعيق النظر في كثير من القضايا المشابهة، وقد صرح مصدر مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام أن لجنة النظر في مخالفات المطبوعات والنشر تستقبل كثيرا من القضايا، إلا أنها لم تصدر أي حكم فيها، وهي تعمل فقط خلال هذه الفترة على استقبال القضايا والشكاوى واستكمال إجرائها من الأدلة والإثباتات، وفي ذلك دليل على أن القضاء تحت مظلة بيروقراطية لن يكون فعالاً.

لكن القضية الشائكة في الساحة القضائية السعودية أن أحكامها لا زالت تنظر إلى المستجدات الفكرية والتقنية والحياة العصرية والحرية المسؤولة بعين الريبة وأحياناً بالتحريم، ويتضح ذلك في مواقفها المتشددة من الانفتاح الإعلامي ومن حرية التعبير والترجمة والفنون والأدب الروائي، ويظهر في تلك الخصومة المزمنة بين الدعاة والقضاة من جهة وبين الإعلام والقوانين في الجهة الأخرى في مفهومها الحديث والمتطور، إذ لازال مبدأ الحد من حرية التعبير يدخل في باب سد الذرائع، وفي حال استمرار سيطرة الفكر السلفي المحافظ جداً على القضاء ستبقى هذه الخصومة تزداد سخونة كلما استجد أمر في الفكر والعلم والأدب ثم تمت مواجهته بالقضاء الذي يقف موقف الممانعة والتحريم لما يحدث على الساحة الإعلامية والأدبية والفكرية والفنية، وذلك ليس بالأمر الجديد، فقد بدأ أفول الحضارة العربية الإسلامية المستنيرة بعد تحريم الترجمة ومحاربة الفلاسفة والمفكرين والعلماء في القرن الرابع الهجري من قبل نفس الاجتهاد الديني.

لكن في الجهة المقابلة حدثت تطورات وقفزات مفاجئة في ممارسات الدعاة والوعاظ والمفتين خلال الأربعين عاماً الماضية، فقد كانوا في السبعينيات الميلادية يرفضون التصوير والظهور في القنوات الإعلامية المحلية، وكان البديل آنذاك رموز دينية محسوبة على المد الإخواني، لكن ذلك تغير مع مرور الوقت وأصبحنا نشاهد بعضهم يخرج في قنوات إعلامية لبنانية تستخدم الجنس للترويج الإعلامي،كما صرح مالكها في وسائل الإعلام، لكن برغم من ذلك لا زال بعضهم يزايد في مواقفهم المتطرفة ضد وسائل التعبير في الإعلام المحلي من خلال بنيته الفكرية المتطرفة، وكم نحتاج في هذه الفترة الحرجة إلى مراجعة فكرية على أعلى مستوى للخصومة الشرسة مع الاجتهاد المحافظ في القضاء وصاحب الموقف المعلن ضد حرية الفكروالنشر والتعبير ووسائل الإعلام الحديث.

بين الكلمات
في قضية الغيث والعريفي
عبدالعزيز السماري

عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة