Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 20/05/2013 Issue 14844 14844 الأثنين 10 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بما أننا نعيش هذه الأيام زمن السرعة، وحياة العجلة، ولغة الامتلاء، وتداخل الأمور وتحولاتها، واندماج الأجناس بعضها ببعض حتى حدود إمحاء الخطوط الفاصلة بين عالم وآخر، إلا أن جل هذه التحولات التي نشهدها في حياتنا المعاصرة لم تعد سوى تحولات شكلية تجافي الواقع الذي يزداد تباعداً وترقباً، وتسلحاً، وبناء للمتاريس والأسوار، و(الشبوك)، والأسلاك الشائكة.. فبات الكل يهجس، أو يحدس، أو يخمن بقرب خطر ما!!

ففي ظل هذه الصور المتناقضة والمحيرة في حياتنا المعاصرة نجزم بأن الهجمة التقنية، أو الهبة المعلوماتية العصرية هي من تسببت في شيء من هذه العزلة حولنا على الرغم من مزاعم تشير إلى أن العالم ينفتح ويتداعى بعضه على بعض، فالكل يبني عالمه الخاص وينغلق على ذاته على نحو “احترام الخصوصية” الموعودة التي باتت من قبيل أساليب الانكفاء على الذات وبناء جدران وهمية وأخرى واقعية حول حياتنا لتصبح أكثر تعقيداً.. فلم تعد الحياة الآن في هذا الهياج الاستهلاكي المحموم للخصوصية سوى ممرات ضيقة لأرواحنا، أو أحلام ذابلة لأفراحنا.

وحينما ندقق في العالم الجديد سعياً إلى معرفة وجه الحقيقة أو عينيها فإننا سنكتشف أن هذا العالم المتطور يصنع الشيء ونقيضه، فهو يقدم التقنيات والآلات ووسائل الرفاهية، بل ويبشر بالإعلام الجديد، والانتصار على كل ما هو قديم، والزعم بأنه سيحطم الفقر، ويدفن الجهل، ويدحر الظلم.. وما إلى تلك الإدعاءات، وفي ذات الوقت يميل بطريقة راديكالية مفجعة إلى التعامل بحذر وتردد، بل يدعم كل ما هو قائم وثابت حتى وإن كان متهالكاً وبالياً!!

وقد برز من خلال هذه الاحتشاد الكبير للتناقضات والتباين في حضارة اليوم وجود الكثير من المشاريع الوهمية على المستوى الاجتماعي، فكلما خرجت على الملأ رؤية حديثة قد تنسف ما يعيق تطور المجتمعات النامية ونجاحها سرعان ما يهرع البعض من القلقين من التحول الجديد، والتطور المفيد إلى السعي خطلاً من أجل إيقاف عجلة هذا التحول المنشود، إذ يقومون بصنع ما هو مشابه لهذه الموجات الحديثة والبرامج الجديدة، إلا أنها غالباً ما تكون مفرغة من محتواها ولا معنى لها.

ومن أمثلة ذلك حينما تهرع بعض المؤسسات إلى عقد لقاءات وحوارات ونقاشات وورش عمل على سبيل المثال حول الإعلام الجديد ووسائله الحديثة، أو سبل التواصل الاجتماعي وتقنياته، إلا أنك حينما تدقق فيها ستلمح ما هو على النقيض من هذه المشاريع الجديدة، أي أن هذه الرؤى تقدم بشكل شكلي لا مضمون لها، أو يوحي ببادرة تحول نحو العالم الجديد، وكثيراً ما تنغرس هذه الطروحات في مفاهيم التشبث بما هو مألوف أو معتاد، لتتعلق بحبل البقاء حول ما قد يظن أنها ثوابت وتعليمات، أو سعي واهم من أجل القبض على الماضي وإبقائه أمام أعينهم، حتى أن هذه اللقاءات سرعان ما تأول إلى مجرد فقاعات عابرة لا أثر لها.

فالمشاريع الإنسانية والصور الحياتية - ولسرعة تلاحق الزمن الجديد - باتت تتأثر بكل ما هو جيد حتى وإن كان في طور التجريب، أو غير واضح المعالم.. فمن الأولى أن تنضج في هذا السياق ووفق هذا التحول أمورنا الحيوية على نحو التربية والتعليم، والمعارف، والصحة، والشأن الاجتماعي، والحقوقي، وترشيد الاستهلاك، ومعالجة هدر الموارد، ومن ثم الحديث عن الانفتاح على العالم من حولنا.

hrbda2000@hotmail.com

بين قولين
عصريات.. أم شكليات؟!
عبد الحفيظ الشمري

عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة