Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 22/05/2013 Issue 14846 14846 الاربعاء 12 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

ليس من السهل أن يكتب المرء عن سعيد المزين، فالرجل ليس قائداً وحسب، إنه شاعر وأديب ومجاهد، وهو فوق ذلك يتدفق شفافية ويفيض أحاسيس.

كل كتابة عنه ستكون ناقصة، لأن قضيته لم تكتمل بعد.

ذلك أن (أبا هشام) لم يكن في حياته وفي التزامه مجرد شخص اختار طريق الجهاد والنضال والمقاومة بل كان إلى جانب ذلك نموذجاً بارزاً لجيل فلسطيني كامل هو جيل مقاومة المحتل منذ اليوم الأول للنكبة، ومن خلال تمثيله لهذا الجيل، ومن خلال تعبيره عنه بالبندقية المقاتلة والكلمة الحرة الأبية اكتسب قيمته كمجاهد وكمعلم وكرمز من رموز هذا الجيل.

لقد آمن (أبو هشام) أن الكتابة الثورية (وهي هوايته وقناعته ومعاناته في آن واحد) لا معنى ولا أثر لها إذا لم تتجسد بالممارسة والسلوك اليومي، وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط ولا المهادنة ولا التأجيل ولا الاستراحة، وأن الكلمة الثائرة لا تعرف المواربة ولا الدبلوماسية ولا التلفيق ولا الاصطناع.

لقد كان في سعيد المزين من صدق المجاهد وجرأته ما يعجز الواقع عن تحمله، فيثير فيه بكلماته وأشعاره وأعماله موجات متلاحقة من التأزم فيجعل هذا الواقع قلقاً مستنفراً يبحث عن الحقيقة بكل ما فيها من مرارة، وعن الخلاص بكل ما فيه من تضحيات.

كان صورة من صور الحياة النابضة بالمقاومة والوطنية والطموح الخلاق، يرنو إلى العلا في كل مجال من مجالاته، ويتقن فن الجهاد والمقاومة ويحفظ دروسها عن ظهر قلب، ويلقنها لأبناء شعبه البطل.

عظم (أبو هشام) الكلمة في فكره وعقيدته، وقدر العمل في نضاله وكفاحه اليومي، وسبق الآخرين بنظره الثاقب فكان فارسنا يجيد السباق في كل ميدان من ميادين الجهاد والنضال والعمل الوطني.

هو الشاعر والزعيم الفلسطيني القائد المجاهد سعيد خليل المزين (أبو هشام) والملقب بـ(فتى الثورة) ولد في مدينة أسدود عام 1935م وهو من طلائع حركة فتح الأولى عام 1959م ومن وائل المتفرغين لها عام 1966م.

نشأ في فلسطين بمدينة أسدود وتلقى تعليمه في مدارسها، وفي عام 1948م وبعد النكبة طرد هو وأهله وتم تهجيره إلى قطاع غزة ولكن (أسدود) بقيت مغروسة في قلبه ووجدانه طوال حياته.

التحق وهو ابن السابعة عشرة هو وصديق عمره خليل الوزير (أبو جهاد) بالمنظمات الطلابية المقاومة لاحتلال الصهيوني.

ذاق (أبو هشام) مرارة التهجير واللجوء التي ولدت عنده روح الإصرار والتحدي فكان من أول المؤسسين لجماعات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة عام 1956م بمشاركة القائدين كمال عدوان وأبو يوسف النجار، وكانوا من أوائل قادة المقاومة التي قاومت الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1956م.

كان (أبو هشام) مسؤولا عن طباعة المنشورات حيث كان يمتلك في بيته آلة طباعة بسيطة إلا أنه تم القاء القبض عليه من قبل جنود الاحتلال وحوكم وتم سجنه هو وجميع من كان يعمل معه، ولم يفرج عنه إلا بعد انسحاب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة عام 1957م.

خرج من المعتقل مؤمناً بأنه لا سبيل للخلاص إلا بالمقاومة والكفاح والبذل والعطاء لتحرير الشعب والأرض فبدأ مع رفاق دربه بتأسيس الخلايا الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إلى أن انطلقت الحركة لتخط الطريق إلى فلسطين عبر التضحية والنضال.

عمل بعد ذلك في غزة في التدريس كمدرس تاريخ، وفي عام 1957م تعاقد مع المملكة العربية السعودية للتدريس وذلك من عام 1957م وحتى عام 1959م، وبعد ذلك غادر إلى دمشق للعمل في منظمة التحرير الفلسطينية.

ومع انطلاقة الثورة في الفاتح من يناير عام 1965م تفرغ للعمل الثوري وتولى العديد من المهام والمسؤوليات عبر مسيرته النضالية، مسؤول الإعلام الفلسطيني، مسؤول التعبئة والتنظيم، مسؤول الإدارة العسكرية لقوات العاصفة ثم التعبئة والتنظيم مرة أخرى وذلك ما بين دمشق وبيروت، وكان عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1969م ثم كان أول ممثل لحركة التحرير الوطني الفلسطيني في المملكة العربية السعودية بين عامي 1973 - 1978م عمل خلالها على توطيد العلاقات الفلسطينية - السعودية على المستوى الحكومي والشعبي من خلال إيمانه الراسخ بأزلية هذه العلاقة المعقودة بعقد قرآني مجيد كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُُ} (1) سورة الإسراء. وكان عضواً في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي عن دولة فلسطين ومشرفاً على لجنة القدس التابعة لها ورئيساً لتحرير مجلة ديوان القدس التي كانت تصدر من القاهرة.

تعامل القائد المجاهد سعيد خليل المزين (أبو هشام) مبكراً مع الكلمة، ووقف معظم شعره وكتاباته لفتح الثورة وفلسطين الوطن.

لقد كان - رحمه الله - قائداً فذاً وسياسياً محنكاً وكاتباً وأديباً وشاعراً، أثرت كتاباته الحركة الأدبية الفلسطينية وعبرت أعماله الأدبية والشعرية عن مراحل التاريخ النضالي الفلسطيني ابتداءً من الأناشيد الثورية التي ألهبت حماس الجماهير في الستينيات والسبعينيات وفي مقدمتها النشيد الوطني الفلسطيني فدائي - أنا يا أخي - أنا صامد - في عرس النصر - وصية شهيد - لا صلح لا استسلام لا لا مليون لا - عالرباعية - وغيرها من الأناشيد والقصائد التي وثقت مراحل النضال الفلسطيني وعبرت عن تطلعات الشعب، وكذلك كان كاتباً مسرحياً فكتب العديد من المسرحيات التي أسست للمسرح الوطني الفلسطيني في الستينيات وابتدأها بمسرحية (شعب لن يموت) التي ترجمت لعدة لغات وآخرها كان مسرحية (الدار دار أبونا)، كما كتب العديد من الملاحم الشعرية مثل ملحمة (طوباس) و(الكف والمخرز)، ومن آخر كتاباته ملحمة شعرية بعنوان: (سفر السيف) والتي تعتبر تدويناً شعرياً لتاريخ القضية الفلسطينية بأحداثها وأشخاصها ووصيته للأجيال القادمة التي رددها من خلال لازمتها الشعرية المتكررة (لا تنسوا يوماً أو تقفوا).

كما أشرف على إصدار عدد من المجلات الدورية، مثل مجلة الاشبال التي كانت تصدر من دمشق وكذلك نشرة المسيرة التي كانت موجهة لقوات العاصفة ومجلة ديوان القدس الصادرة من القاهرة.

توفي القائد المجاهد سعيد خليل المزين (أبو هشام) يوم الجمعة 29 مارس عام 1991م الموافق 13 رمضان 1411هـ في المدينة التي أحبها وأحبته (الرياض).

رحم الله القائد المجاهد سعيد خليل المزين (أبو هشام) (فتى الثورة) الذي وهب حياته لفلسطين شعباً وأرضاً ومقدسات قائداً ومجاهداً وأديباً وشاعراً.

كاتب وصحفي فلسطيني

سعيد المزين (أبو هشام) فتى الثورة
عادل أبو هاشم

عادل أبو هاشم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة