Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 23/05/2013 Issue 14847 14847 الخميس 13 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

ظُلِمَ الأستاذُ إبراهيم التركيُّ مرةً، وظُلِمْتُ مرَّاتٍ؛ وذلك عندما كتب الأستاذ عبدالله الفوزان مقالته (بين دوَّامة ابن عقيل وغموض التركي) ولم يكن يومها التركي دكتوراً، وذلك في هذه الجريدة بالعدد 8054 في 12-5-1415هـ..

والأستاذ التركي كما هو خجول في مقابلته هو كذلك مُسالِـم في كتاباته: يُبدي لصاحب الكلمة الطيبة الشكرَ عليها، ويَعِفُّ عمَّا سوى ذلك.. وشملت تُهمةُ الغموض الكاتبةَ فاطمةَ العتيبي التي يُثير حَرْفُها اضطرابَ التَّلقي بين العقل والقلب في القراءة الأولى، ثم تسبح الروح في حُلْمٍ مَعْرفيٍّ لذيذ بعد القراءة الثانية؛ ولِمُسالَمة التركي تناولَ الدفاع عنهما الأستاذ أحمد عثمان أبو صابر بيَّض الله وجهه؛ إذْ أنصفهما وإن لم ينصفني؛ وذلك في مقالته (أصبتَ في ابن عقيل.. أما في التركي وفاطمة فلا)؛ وذلك في هذه الجريدة في العدد 8083 في 2-6-1415هـ.

قال أبو عبدالرحمن: التركي غِرِّيدٌ، والفنُّ كلُّه لا تَسْتَثْنِ منه شيئاً مُعَبِّراً بخلاف تمحُّكات سارتر في كتابه ما الأدب، والفنُّ المُمَوْسق محاكاتٌ للطبيعة ومنها تغريد البلابل وهي ذات تعبير؛ فما بالك بالفن المقروء؟!.. غاية ما هنالك أن التركي كاتب (مَحَطَّات) في الأكثر، وليس صاحب إسهاب في موضوع واحد، إلا أن يكون ذلك فُرِض عليه في أطروحتي الماجستير والدكتوراه؛ فكيف ينالهما لو لم يكن في سياق موضوع واحد.. وقد تابعتُ مَحَطَّاته، ولكن فاتني الاحتفاظُ بها، ثم وجدتها مطبوعة بين دِفَّتي كتابين.. ومما احتفظتُ به من متونه وهوامشه ما نشره بهذه الجريدة في عددها 14828 في 24-5-1434هـ؛ فذكر رفض الشيخ المنشاوي دعوة جمال عبدالناصر له رحمهما الله؛ لأن مندوب عبدالناصر أضاف أن تلبية المنشاوي للدعوة شرف له.. وجاء الخبر بصيغة (يُروى) بالبناء على ما لم يُسمَّ فاعله، وعقَّب بمحطَّة بيَّن فيها أن المعنى (الذي هو ههنا حُسْنُ قَصْدِ عبدالناصر) تاه بإضافة المبعوث؛ فأحدثتْ زيادتُه مزايدة.. وتعقيب التركي عسير الفهم في القراءة الأولى، ولكنه يُعرف في القراءة الثانية بدلالة السياق.. وليس غموضي النادر كهذا؛ فإنني أتعامل مع كل حقلٍ علمي أُحْسنه بلغته؛ فإن كان انفعالَ غضبٍ أو طربٍ فهناك شفافية الإيحاء، وتراقص الجُمَل.. ثم أردف الأستاذ التركي بمحطة أخرى عن الحواشي، وهي حواشي التفسير، وليست حواشي التوثيق التي أهملها التركي كما اضطررتُ إلى إهمالها في الجرائد إلا أن تكون بين معقوفين هكذا خلال المتن لا في الحاشية أسفل المتن - وبعض الكتبة يُسمِّي الحاشية هامشاً بينما الحاشية أسفل والطُّرة من فوق، والهامشان من يمين وشمال -، وهي حول نصب (مواليا) ورفع (مجلف) في بيتين للفرزدق، ولم يكن الفرزدق بِعَفْرَتَتِه قد غلب النحاة كما ظن أخي إبراهيم، بل كانوا يرخون له العنان لو أن (مواليا) على الإتباع مثل (بداية ونهاية)، أو كانت مما يُمَدُّ في القوافي ومراعاة الفواصل؛ لأن ذلك أسلوب عرب السليقة؛ فيجوز إشباع مَدِّ (الرسولَ) هكذا (الرسولا) إذا كانت فاصلة حين الوقف.. وأما (مجلف) فضمها عند الفرزدق مكابرة للنحاة وليس انتصاراً عليهم، ولو رفع (مسحتاً) مع (مجلف) لما كان لذلك وجه صحيح في الاستثناء التام المنفي؛ لأنها ههنا على النصب حتماً؛ بالاستثناء وبالاتباع.. ومحطته التعقيبية واضحة بعد القراءة الثانية، ولكن لا رائحة فيها لنصرمُؤزَّر يرفع درجةَ الفرزدق.

وفي تعقيبه على بقية المحطَّات كلام جميل يُحرِّك الفكر مع جناس وسجع أَتِيَّيْن غير متكلَّفين [ عورة وروعة، ويحكم ويحلم، والخلط والخبط، والكبار والصغار، والغد والمجد.. إلخ ]، ومع مضامينها الفكرية الجميلة فليست مِصْداقاً لدلالة ما سِيْقَت لأجله.. وليست محطات الأستاذ التركي كلُّها كذلك، بل هي شُحنات من المعارف والعلوم والثقافات رامزة مشحونة بالدلالة، وليس الرمز تعقيداً في التعبير، ولكنه لمحة واضحة، وهي بعض تعبير؛ فَلْيُعْمِلْ القارئُ فكره وثقافته في استكمال الدلالة وإكمال التعبير.. هكذا الرمز في عمومه، وهو وسيلة فنية جميلة ما دامت الوسائل الدلالية والفكرية والثقافية تُظهره وتُحدِّده.

قال أبو عبدالرحمن: أَسْتَعْدِي كل حَـمَلَةِ القلم من أقران التركي أو فوقه لا ممن هم دونه أن يجلدوا هذا الكاتب الوديع الخجول المسالم الذي تحار في أسلوبه؛ فهو مرة شعر، وهو مرة فلسفة، وهو مرة (ما لكم تكأكأتم عليَّ كتأكُئ ذي جِنَّة افرنقعوا) رحم الله عيسى بن عمر !!.. أستعديهم عليه بأن يجلدوه بسياط الحبِّ والإثارة معاً لعله يَسْتطعم - مع ما عنده من لذَّة فنية- شيئاً من صواعق ابن حزم - وتَرسُّل الزيات، وتَدفُّق طه حسين، وتَرقيص دريني خشبة وسيد قطب، ولَوثة الدكاترة زكي مبارك عفا الله عنا وعنهم جميعاً.. ولعله يُقلِّل من السجع، وأن لا يترك حواشي التوثيق أسفل المتن إذا جمع المحطات في كتاب، ولا يترك الإسناد خلال المتن في الجريدة والكتاب معاً إذا كان يروي؛ فإن كان في الإسناد حرجٌ، أو كان يروي إبداعاً من خياله لا يُـحبُّ إسناده إلى نفسه فلا بأس مِن (يُروى) بالبناء على ما لم يُسَمَّ فاعله.

أخي إبراهيم - وأستاذ أَحَبُّ إليَّ من دكتور - لك حبي وتقديري إن أطريتك بما أنت أهله، أو عركتُ أذنك كما أعرك آذان حفدتي، وأما ذريتي المباشرة فلا أقدر عليها، وسامحني على التقصير؛ فحجم خَمِيسِيَّتي محدود بالحروف والصفحات، وأخشى إن أسهبتُ أن تنشر في صفحات المتابعة، وإلى لقاء قريب عاجل إن شاء الله، والله المستعان.

- عفا الله عنه -

الرَّمزُ المليءُ نِصْفُ تعبيرٍ
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة