Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 24/05/2013 Issue 14848 14848 الجمعة 14 رجب 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* أُهدي موسوعتي لمحمد جبر الحربي: قبل بيان قصة الموسوعة، وهي (مجموعةُ التأصيلِ النَّقْديِّ والدراساتِ الأدبيةِ) التي أهديتها كلَّ من يُشارِكُني عِشْقَ الميزةِ في كل جديد، وطرْح المُجْمَل من كلِّ قديم مع استبقاء الميزة .. ومَن لم يشاركني ذلك فحقوق القراءة محفوظة للمؤلِّف وسالكي دَرْبِه؛ وإنما جعلت للحربي خصوصَ إهداءٍ من العموم الذي أسلفته؛ لأنه منذ ثلاثة عقود إلا قليلاً كتب نقداً آلمني؛ وما أمرضني وأوهن قدرتي البلاغية مثله؛ وبهذا سقطتُ في المَرْحمة، وراوحتُ بين الدفاع والاستعطاف؛ فكان مما قلته: (كان القاضي صهيب بن منيع يلبس خاتماً نَقْشُه:

ياعليماً كل غيبِ

كن رؤوفاً بصهيب

ولقد غاب عند الحاجب موسى بن حُدَيْر غَيْبَةً يؤاخذ عليها؛ فاختلس الحاجبُ خاتمه، وأحضر نقاشاً نقش فيه هذا البيت الآخر:

واستر العيبَ عليهِ

إن فيهِ كلَّ عيب

وظل يختم به ولم يفطن إلا بعد ذلك بحين [انظر جذوة المُقتبس ص 352].. والكرام إذا ستروا العيوبَ اعتبروا ملوكاً ، وهذا الحاجب أخلاقه أخلاق ملوك؛ إذْ ستر عيب صهيب .. فيا أيها الأخ الحربي، ويا معشر الشباب: هل أنتم ساترون على هذا الظاهري عيوبه وإن أحنقكم بإخلاصه لرأيه، وهل أنتم مطارحوه النقد فكرياً وعلمياً دون أن تحركوا مواجعه التي أعلن لكم مرات كثيرة الندم عليها من ذكريات (الطير المسافر) وشبهها .. هل أنتم مُقدِّرون له هموماً أثقل من جبال الهملايا والألب معاً؛ فتقيلون عثرته إن وجدتم له عثرة دون أن يفقد إعجابكم واحتفاءكم .. هذا ما أرجوه إن تركتُ الأمر لصفحكم .. وإن أبيتهم إلا النقاش بميزان العدل لا بميزان الصفح فلعلَّ براءتي من أفكار الدكتور عبدالواحد لؤلؤة قريبة من براءة ابن يعقوب من صواع الملك) .. إلى أن قلت: (إذن كم ظاهريَّاً في بلدكم ؟!) .. ولقد فرح بمقالة الشاعر الحربي كثير من الكتبة؛ لأن صراعي معهم كثير قارص، وصراعي لا يتجاوز إمتاعَ القُرَّاء بتناقر الديوك، ولا يتسرب إلى قلبي شيئ من الحقد؛ ولكنني أضمرتُ في قلبي أن أُتابع إنتاج الحربي لعلِّي أجد عنده ما آخذ به ثأري؛ فإن لم أجد تأوَّلتُ عليه ــ وفي ذلك خيانةُ لأمانة القلم ــ، ثم تراجعتُ وقلت: (إن فعلتُ ذلك جعلتُ مجالاً لمن يدخل عليه من غير باب القيمة الفنيَّة)، وما أكثر من يصطاد في الماء العكر يومها .. ثم خفَّف من كآباتي تعاطُف بعض الأحباب كالأستاذ الذي لم يذكر اسمه، وذلك في المسائية في عددها رقم 1174 في 12 -2 -1406 هـ؛ فكان مِـمّْا قال: (لا أُخْفيكم القول إذا قلت:إن أبا عبدالرحمن بذلك التعقيب قد كسب تعاطف مَن كان توقَّف رأيه فيه بعد نشر ذلك الاتهام.. ناهيك عن الذين كانو متعاطفين معه من قبل .. ألم أقل من البداية أن هذا الظاهري رائع رائع حتى وإن تعرض لاتهام أشبه بالحَبْل المحكم حول الرقبة .. ومع هذا وذاك كان مقال أبو عبدالرحمن رائعاً .. رائعاً .. رائعاً).. ثم كتب الحربي نفسه كليمةً لم أسْتَبِن يومها رَوْعتَها وما في ظاهرها وباطنها من وُدٍّ مكين؛ لأنني في دَوَّامة الكآبة ووطأةِ الحياء من مقولة: (قد قيل ما قيل)؛ فما بالك (من قولٍ إذا قيلا) مع أنه مضى على النقد سنوات .. وفي تنظيمي أوراق أضابيري التي سأذكر إن شاء الله قصتها، وقد ملأتْ الرحبَ والرَّدْبَ من مكتبتي: وجدتُ مقالة الحربي في قصاصة فقرأتها ثَمِلاً بها من غير مداة كأنني ما قرأتها .. بل كنتُ فعلاً لم أقرأها قراءة يُعْتَدُّ بها، وقد نشرها في جريدة الجزيرة العدد 8577 في 4 -11 -1416 هــ، وهي عمود موجز أنشرها بما فيها من إطراء؛ لأنها تساوي عندي أطروحة الدكتوراة التي حُرِمتُ منها، أو حرمتُ نفسي منها .. قال لا فُضَّ فوه:

(مفارقة أن تكون الطويل

وكل أياديك تشكو القصر

كلما مرت الأيام ازداد إعجابي وحبي لشيخنا الجليل أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري محبةَ الصغير للكبير، والسائل للعالم، والمتطلع للعَلَم، والمتعجِّل للمتأنِّي.. وكلما دارت الأيام أخذتني الدهشة من نشاط شيخنا الفذِّ المتنوِّع المثري - أطال الله في عمره -، وبمتابعته الدقيقة، وجلَده الأخَّاذ.. هذا الرجل لا يتعب من البحث، فكأنهما متلازمان يعرِّف أحدهما بالآخر. ولا يكتفي من العلم فكأنه جِهاته وخُطاه.. اختلفنا فكان الأنبل، وابتعدنا فكان الأجمل، والتقينا فكان عمره وعلمه الباسم المتقدمُ الأوَّلَ.. والحقيقة أننا لم نختلف، بل تساءلتُ فأجاب، ولكنَّ المصطادين كُثر، والحاقدين وُفر، والكائدين وإن أُوثِقُوا السرَّ جُهِر [مطلع للشاعرة خديجة العمري: المريدون كثرُ]؛ فما نالهم إلا الصواعق، ولم تنله إلا الديمُ .. ويظل الكبار كباراً، وتظلُّ أخلاقهم للصِّبية [قال أبو عبدالرحمن: هذا التفاتٌ منه إلى قرصي إياهم عن مودة بكلمة (أُغيلمة الصحافة)، واليوم بحمد الله كبروا علماً وعقلاً وسِناً] مناراً ــ هذا إذا عقِلوا وما أظنهم بفاعلين ــ . وأنا هنا لا أقدم اعتذاراً لشيخنا ومن واجبي أن أعتذر، ومن أخلاقه القبول .. ولا أَقَدِّم مديحاً ومن حقي أن امتدح من أشاء، وفي حقه يقْصُرُ المديح .. إني هنا أستعيد حالة أو غيمة أوسنبلة .. أستعيد الثراء المتنوِّع المثري، والشجاعة التي هي قبل شجاعة الشجعان، والاختلاف الموصِّل إلى النبع والمؤصِّل لأبجديات الثقافة، كما أستعيد لحظة التقينا فيها هنا في الجزيرة، فغمرني بمطر المحبة، وكساني بجلال العلماء، ويظل الكبير كبيراً .. كلما تجلَّـى ارتفع، وكلما نأى لمع .. ولكن يا شيخنا (يا شيخ غربتنا): قلْ لي بربك: من أين، وإلى أين ؟! ..من أين هذا الصبر، ومن أين هذا الذي يراه البعضُ تعالياً وأراه اعتزازاً واعتداداً ؟!.. وإلى أين تبغي: هل وسمت جبلاً، أم رسمت نجماً هناك في أعلى الأعالي، أو من أين وإلى أين ؟!.. أتركهما لك سؤالان مفتوحان بطول العمر وعرضه هكذا .. ويا شيخنا (يا شيخ ألفتنا، وياصاحب الحق والخير والجمال) كيف ترى، وماذا ترى ؟!.. كيف ترانا، ترى ساحتنا، ترى مساحاتنا ؟!.. كيف ترى الشعر والشعراء ؟!.. هل زحف الدَّبى، أم هل نَدُر الفرَاش واحترقت الفراشات ؟!.. هي أسئلة !.. تالله ما ابتعدتُ،ولكنها أمطرت البارحةُ فأمطَرتُ، وأعادت للروح صفاءً كان محبوساً، وحنيناً حزيناً أحيته طرقةٌ سَّابيةٌ على باب الذاكرة .. بل نافذتها الخشبية !!.. سلمتَ، وسلمتْ ذاكرتك وخطاك .. محمد جبر الحربي) .

قال أبو عبدالرحمن: واعُمراه وقد خلعت النصف الأول من العقد الثامن !!.. ما ظننتُ أن هذا الشاب سيغلبني بهذا الإيقاع الجميل، ولولا ارتباطُ فكري ـــ وهو الفكر البشري الحتمي المشتَرك ـــ بمبدإ الهُوِيَّة لآمنتُ بما افتروه من تسمية (قصيدة النثر) .. إن هذه الكليمة شعر بالموسيقى الداخلية؛ ففداءٌ له الموسيقى الخارجية التي تجعل النص (كوبليهات من الأنغام)؛ لهذا كله جعلتُ له خصوص إهداء عندما أردت إحياء سيرة السلف بجعل الإهداء في المُقَدِّمة لا بإهداء مستقلِّ العنوان، وسيجد إن شاء الله الجواب على أسئلته في المجموعةِ الموسوعةِ، وفي هذه الأحاسيس المتدفِّقة نموذج لما هناك بتحليل قصيدة عن عبدالله القصيمي نشرت بملحق هذه الجريدة للأستاذ سليمان العتيق .. ولكن أوجز الجواب بأن أدبنا العربي التراثي ليس نهائياً مطلقاً؛ وإنما هو (أدب تاريخي لأمة)، والتاريخ سيَّالٌ بكل ما تُبدعه الأفكار والعواطف والمهارات .. لا يضيرني أن ألتقط الميزة ـــ إن وجدتها ـــ ولو عند مثل (نيتشه) أحد أساطين الإلحاد، أو (بيرون) الذي اختصر كل القبلات في الوجود، أو (جلال الرومي) الذي هوَّم مع الحلول والاتحاد .. ولا أقبل أن يكون (الطَّعْم اللذيذ) بفتح الطاء المهملة المشدَّدة (طُعْما) بالضم في حُبَّالة أَحَدِ زبَّالي النِّحَل أو المِلل المَبدَّلة، أو الطائفية الشعوبية، أو المستأجَر؛ ليصطاد شخصيتي التي يؤسسها كل مسلم وكل عاقل على قيمتين أُخريين هما (بَهَرُ الحقِّ)، و (مَأْمن الخير)، فيكون الجمال الفني عنده مشروطاً بالجلال .

***

*** مَرْجع الضمائر في الأصل: نقل السيوطي في الإتقان 2-284ـــ285 كلاماً للزمخشري رحمهما الله تعالى مُسَلِّماً به بلا محاكمة؛ فقال: (الأصل توافق الضمائر في المرجع حَذَراً من التشتيت، ولهذا لما جوَّز بعضهم في:{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [ سورة طه -39 ]: أنَّ الضمير في الثاني للتابوت، وفي الأول لموسى: عابه الزمخشري، وجعله تنافراً مُخْرِجاً للقرآن عن إعجازه؛ فقال: والضمائر كلها راجعة إلى موسى .. ورجوع بعضها إليه، وبعضها إلى التابوت فيه هجنة؛ لما تؤدي إليه مِن تنافر النظم الذي هو أمُّ إعجاز القرآن، ومراعاتُه أهمُّ ما يجب على المفسِّر).

قال أبو عبدالرحمن: كلاَّ .. بل الأصل توافق الضمائر في المَرْجع ما لم يوجد ما نع، وههنا فيه مانع؛ لأنه لو اتحد المرجع لأوْهَم الكلامُ أن تقذف موسى في التابوت، ثم تقذف به من التابوت في اليم .. والصواب أن المراد قذف موسى عليه السلام في التابوت، ثم قذف التابوت الذي فيه موسى عليه السلام في اليمِّ؛ فالضمير الثاني للتابوت؛ وذلك رحمةٌ من ربه وصيانة له من الغرق، وعود الضمير الثاني إلى التابوت عودٌ إلى تابوتٍ معروفٍ وصْفَه بأن فيه موسى؛ فيُسْتصْحبُ هذا الأصل في مثل (خلق الله آدم على صورته)؛ لأنه لو جُعِل الضمير لله سبحانه لكان ضمير (طوله ستون ذراعاً) راجعاً إلى الله تعالى وتقدَّس .. ولو جعل الضمير الثاني لموسى وحده عليه السلام بدعوى أن التابوت في الأولى لمجرَّد إخفائه عن الرُّقباء: لقيل: هذه العلة موجودة في التابوت عند إلقائه في البحر، وموجود أكبر منها، وهو حمايته من الغرق أو أكْلِ هوامِّ البحر إن طغى عليه الموج.. والضمير الأول راجعٌ إلى موسى عليه السلام لأن النص يأمر بإلقاء موسى في التابوت، فتعيَّن في الضمير أن المرجع للتابوت الذي فيه موسى .. أي أن تلقي التابوت وفيه موسى .

*** متى سَيَعُون .. قال (بنجامين فرانكلين) عام 1789 م: (إن الولايات المتحدة تتعرض لخطر رهيب .. هو الخطر الذي يؤلِّفه وجود اليهود فيها؛ فحيثما حلوا تدنَّى المستوى الخلقي، والشرف التجاري . . وحيثما وُجِدوا ظلوا على انعزالهم لا يلتحمون أبداً بالشعوب الأخرى، وهم إذ يخشون على أنفسهم الاضطهاد ينتهون بخنق البلد الذي هم فيه على الصعيد الاقتصادي .. انظروا إلى إسبانيا .. انظروا إلى البرتغال !! .. إنهم سيغيِّرون شكل الحكم الذي من أجله سالت دماؤنا، ومن أجله ضحَّى كثيرون منا بأرواحهم؛ فإذا أنتم لم تطردوا اليهود؛ فإن أحفادنا سيُقاسون الكثيرَ منهم بعد مئة عام .. إني أُنذركم أيها السادة إذا لم تبعدوا اليهود؛ فإن أولادكم سيلعنون قبوركم .. إنهم خطر على بلادنا) .

قال أبو عبدالرحمن: هذه الوثيقة التي تُرْجِمتْ عشرات الترجمات، وأصبح مضمونها من ثقافة عجائز العوام، وأصبحت نبوءة صادقة: لم يزل تَلقِّيها عاديّْاً، ولم تزل نتائج النبوءة الصادقة ظاهرة طبيعية كأن شيئاً لم يكن؛ فهي بكل مدلولها لا تثير الدهشة وإن كانت بقلم زعيم حصيف تفوق رؤيتُه رؤية هتلر .. والسِّرُّ في ذلك أن كل مقوِّمات الحياة التي من أدناها هيمنة الإعلام، ومن أعلاها التَّحكُّم في الاقتصاد والإخضاع للقانون الوضعي بكل أنواعه التي هي (العبوديَّةُ القاهرة)، وهي التي لا يُوزن ذووها بكثرة العدد، وهي التي تُجنِّد لخدمتها الملايين من البشر؛ لأن (إحكام العمل الظلامي) ميزة تاريخية تميزوا بها بين البشر منذ عهد (عِجْل السامري)، والعمل الظلامي هو الذي سخَّر لهم الإرهاب العنيف والإكراه العلني بعشرات المنظمات الإرهابية الإكراهية؛ ولهذا فخلفاء (فرانكلين) ــ ثم انتقلت العدوى إلى عدد من زعماء العالم ــ لا يملكون غير الاستجابة، وتقبيل يد زعيم الصهيونية وإرضائه؛ لأنهم لا يجرؤون على القول، ولا يستطيعون المُخالَفة، ولا يفيدهم شيئاً أن يعوا أَوْلاً يعوا ما قاله (فرانكلين) .. ولكن هذه العبودية الإكراهية،وذلك الحِلْفُ التضليلي سينتهي يقيناً إلى حرب مُدمِّرة حاسمة بين الحليفين، والله أعلم متى يكون ذلك قُبَيْلَ عودة الحياة الفطرية .. وإن تعجبوا فعجب ما سألخصه لكم في مناسبةٍ ما من دراسات علمية فكرية كتبها ذوو اختصاص تاريخي عن رسم الهجرات الأوربية لبلاد (الهنود الحمر) ، والتخطيط لإبادتهم وقد بَيَّنَتْ الدراسة أن كل ذلك إنجاز يهودي .. وأبو العجب أن يقال: (أعطيتموهم فوق حجمهم !!) .. ولكن الواقع اليوم يقول: (سيادَةُ (تل أبيب) على كل القوى البشرية فوق المعمورة أعظمُ من الحجم الذي أنكرتموه) .. وقبل الهجرات الأوربية ما كان هناك مهاجرون مُنَغِّصون إلا بعض (المورسكيين) من فلول المسلمين المضطهدين في إسبانيا، فأخفوا إسلامهم بعد المجازر الرهيبة التي تلت محاكم التفتيش، وهم أوَّلُ من اكتشفوا القارة المجهولة، ولم يكن لهم اهتمام بتسجيل اكتشافهم؛ لأن غايتهم النجاةُ من الإبادة لا غير .

* كفارات لها مدلولُـها: قرَّر الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في كتابه المُـحلَّى 8-126 أن الكفارات في القرآن والسنة تنقسم أربعة أقسام:» أحدها كفارة عبادة بغير ذنب أصلاً .. قال تعالى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}[ سورة المائدة-89 ]، وقد يكون الحنث أفضل من التمادي على اليمين .. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لا أَحْلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وكفَّرت» .. أو كما قال عليه السلام؛ فقد نص عليه السلام على أن الحنث وفيه الكفارة قد يكون خيراً من الوفاء باليمين .. والثاني كفارة بلا ذنب باق، لكنْ لذنبٍ قد تقدَّم غفران الله تعالى له كالحدِّ يقام على التائب من الزنى .. والثالث كفارة لذنب لم يتب منه صاحبه؛ فترفعه الكفارة كحدِّ الزاني والسارق اللذين لم يتوبا .. والرابع كفارة على ذنب لم يتب منه صاحبه، ولا رفعته الكفارة، ولا حطَّته كالعائد على قتل الصيد في الحرم عمداً مرة بعد مرة .. قال تعالى: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}[ سورة المائدة-95 ]؛ فهذه نقمة متوعد بها مع وجوب الكفارة عليه» .

قال أبو عبدالرحمن: غيرُ مُسَلَّمٍ للإمام ابن حزم قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه أن الكفارة الأولى عن غير ذنب أصلاً !! .. بل الكفارة إن لم تكن عن مُخالفة عن خطإ أو عمْد فتسميتها كفَّارة خطأٌ؛ لأنها (ماحيةٌ)؛ فإذا لم يُوجد ذنبٌ تمحوه فكيف تكون كفارة ؟!.. إن الحلف بالله عبادة، وهو تعظيم للرب جل جلاله، والمسلم مُضطرٌّ إلى الحلف بربه في ردِّ دعوى عليه كاذبة لَزِمَتْه قضاء، وهو مُضطرٌّ إليه في تأكيد حقيقةٍ يُشكِّك فيها المعانِد .. ولكنَّ الذنبَ أن يكون ما أقسمتَ عليه غير صحيح وأنت غير قاصد، وأما التعمد فذنب عظيم لا تكفي فيه كفارة الحَلْفِ الكاذب عمداً؛ فكفارته قبل ذلك توبة نصوح بشروطها؛ للاستهانة بحق الرب جل جلاله .. وأما الحنث عن غير تعمُّدِ يمينٍ كاذبة فهو ذنب؛ لأن الدفع أو التأكيد لشيئ غير صحيح، أو أن يكون ما أُقسم عليه بربنا غير صحيح: هو ذنب بلا ريب، ولكنه لما كان عن غير قصد، وكان اسم الله مُنزَّهاً أن يرِدَ على شيئ غير صحيح: رحمنا ربنا بثنتين: أولاهما أن تكون الكفارةَ تقديسَ ربنا؛ إذ وقع اليمين على غير صحيح بغير عمدٍ منا، وأخراهما أن الكفارة نفسَها مبيحةٌ لنا الحنِثَ عمداً إذا رأينا غيرَ ما أقسمنا عليه خيراً منه؛ فما أكرم ربنا وأرحمه جل جلاله!! .. وغير مُسلَّم لأبي محمد القسم الثاني؛ لأن الحدَّ عقوبة شرعية يستجدُّ بها غفرانٌ أكثرُ للذنب، ويحصل بها زيادة أجر؛ لأن المغفرة قبل الحدِّ أسقطت الوِزْر، والحدَّ أوجب الأجر .. ومغفرةُ الله تكون بإبطال الوزر، وتكون بزيادة الأجر، وتكون بإبدال السيئة حسنة؛ فالمغفرتان الأخيرتان مضاعَفةٌ للمغفرة الأولى .. والقسم الثالث مشروطة المغفرة فيه بتجديد التوبة بالرِّضا بالحدِّ الذي شرعه الله .. والقسم الرابع الذي ذكره أبو محمد ليس فيه حَجْبُ المَغْفِرَة والتوبة مرة بعد مرة؛ وإنما فيه مع أمثاله من نصوص الوعيد التحذير من انتقام الله على غير توبة نصوح، والله يُحقِّق وعده بلا محالة عدلاً منه ورحمة وَصِدْقاً، وقد لا يُحقِّق وعيده رحمة منه، ولا خُلْف في ذلك؛ فعباد الله تحت مشيئته في الدنيا، وهم في الآخرة بعد انقضاء آجالهم إذا ماتوا غير كفار ولا مشركين تحت مشيئته إن شاء عذَّب بعدله، وإن شاء عفا برحمته، ولا تعارض بين خبره بالوعيد، وخبره بالمشيئة؛ فمُطْلَق الوعيد محمولٌ على مُقَيَّدِ المشيئة.

* * أمْشاجٌ مِنَ الرومانسية غير المُبْهِجة: كثير من الرومانسية يتقزَّز منه الإحساس الجمالي؛ لأن هذا اللفظ الشفَّاف في لغة الخواجات (وقد استعاره العرب لكل مُبْهِج؛ فجعلوه عُنْواناً على الصالات والمطاعم وكل مجالس الأُنْس) يتحوَّل إلى معانٍ كئيبة .. إن الرومانسية في معناها الطروب هروبٌ مُؤقَّت من الواقع الأليم إلى الاستمتاع بلذائذ مباحة (وقد يكون فيها لَـمَمٌ)؛ ليعود إلى مواجهة واقعه برجولة وعزم وزكاء فكر .. ومن عناصر الرومانسية السيِّئة غُرْبة الاستلاب الدائمة في تأزُّم فكري يجلب الكآبة والقلق والجبرية والتشاؤم والتمزق، ولا يجد مُتْعَة رومانسية صادقة، بل قد يتحوَّل هروبه الرومانسي إلى استلابٍ وجودي يعيشه غثياناً وعدمية نفسية وعقلية وجسدية .. ومن عناصر الرومانسية البغيضة الالتجاء إلى أحلام اليقظة المحالة؛ فيعيش في خيال لا سواحل له ولا مرافئ، وربما أدركه الجنون، وأكثر المتنبِّئين الكذبة، وأكثر مجاذيب الدَّجَلِ الصوفي هم من ضحايا أحلام اليقظة المحالة .. وما شرع الله لنا الأورادَ المُوَظَّفةَ الأوقات عبثاً كالتهليل مئة مرة طرف النهار ومئة مرة طرف الليل .. وهذا الهروب الرومانسي مفارقة منه لمؤانسة بني جنسه ببعدٍ مكانيٍّ وزماني معاً، واستبدال للحقائق والمهارات وعمارة الحياة بالخوارق والأساطير؛ فتكون الرومانسية بهذه المعاني خليطاً رديئاً من السِّريالية والوجودية والجنون الصوفي .. وقد يكون فيها عنادُ طفلٍ ولَجاجةُ خنفساء كالهجوم على القديم لتحطيمه مع تغييب الفكر الذي يفرح بحق جديد لا يُلْغي الحق القديم، وتشتدُّ منفعته بجمال جديد لا يلغي ــ بعد السأم ــ الحنينَ إلى جمال قديم .. ومن ذلك معاندة سنة الله الطبيعية التي لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً بالدفاع عن الضَّعْف في الأحياء كالإنسان دفاعاً يفترض أن له قدرةً كامنةً فوق الحتميات !!.. وهذا بخلاف الانطلاقة الشجاعة سلوكاً ومهارة أو فكراً لتحريك القُدرات الكامنة من غير حيفٍ عليها، ومن غير البناء على محاولات تقهرها الحتميات؛ وبتلك الانطلاقة اهتم الفكر الفلسفي برسم هُوِيَّة (المدينة الفاضلة)؛ لعل التجمُّع البشري يقرب من أفيائها.

* * * (آهْ) الصوفية: ذكر مؤلف كتاب: (الإسلام السياسي -صوت الجنوب) ص 35: (إنك تسأل أحد الصوفيين: من أين جاء بالذكر الذي يردد فيه المريد كلمة (آه) على أنها من أسماء الله الحُسنى؟.. فيجيبك: من المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أنه عاد مريضاً فوجده يئن مردِّداً كلمة (آه)؛ فلم ينهه، بل قال للحاضرين: دعوه يئن؛ فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى) !! .

قال أبو عبدالرحمن: ليتبوَّأ مقعده من النار؛ فلم يَرِدْ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبر صحيح ولا ضعيف ولا موضوع له سند مظلم بشيئ من هذا، بل هذه الكلمة كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَجِز مُدَّعيها عن إسنادها ولو بسند مُظلم، وما أمر الله به من الصبر خلاف تعمُّد الأنين .. وبعد هذه فمجاذيب الصوفية لا يقولون: (آه) عند الألم، وإنما يقولونها تعجباً بصراخ يثير الغثيان عند سماع أعاجيب الكرامات المُزَيَّفة التي يتلوها علماء السوء من الدَّجالين .. ويقولون: (إوْ إوْ إوْ) على عجلٍ في الرقص الذي يسمونه (ذِكْراً) إذا تفاعلوا مع (الغوث) وشبهه، وتساقط (الزَّارُ) ببعضهم كما رأيتُ بعينيَّ، وهم يريدون اسم ربي تقدَّس وعلا الذي تحول من (الله حقاً) إلى (الله الله) إلى (هُوّْ هو) إلى (إو إو) .. وربما كان صراخهم عند سماع أخبار الكرامات الكاذبة بمثل (يا هُوه) أي يا ألله .. وقد ذكرت قصة ذلك وأصله في كتيِّبي (ملاعب الوثنية) عما شاهدته من رقص الخليلية من الأحمدية البدوية بطنطا .

** التداعي التجريبي، والتداعي الفلسفي المُخْتَلَق: بشَّر الفيلسوف (دافيد هارتلي) في سنة 1957 م بمذهب (تداعي المعاني) وفكرة التداعي عنده: أن للفرد عواطف عليا، وعواطف دنيا .. والعواطف العليا تتداعى من العواطف الدنيا؛ فالفضيلة يحبها الناس لنفسها لا لغيرها كالصدق نحبه لأنه صدق؛ ولسنا نحبه لأنه ينفعنا أفراداً؛ ولكننا كذلك كنا نحبه في أول الأمر .. والبخيل يحب المال لنفسه مِن أجل أن يُكَدِّسه دون أن ينتفع به، وكان يحبه في البداية لأنه وجده أداة لتحقيق مصالحه، ثم تجمعت حول المال ذكريات لذيذة استحوذت على تفكيره؛ فصار يطلب المال من أجل المال؛ فهذه الذكريات هي المعاني المتداعية .. ولقد أمسك فلاسفة التربية بذيول هذه النظرية؛ فقال (جون ستيورات مل) : (عند تربية الطفل يجب تنشئته من حيث تقترن في ذهنه مصلحته الشخصية بمصالح الآخرين، وسينتهي أمره بمقتضى قانون التداعي إلى أن ينشد النافع لمجرد أنه نافع .. بصرف النظر عما يُـحتمل أن يحقق له من منافع شخصية) .

قال أبو عبدالرحمن: ههنا خلط عجيب أُقَدِّم له ببيان حقيقة التداعي في المعاني والأفكار، فالفكرة تجرُّ إلى فكرة بعلاقة تواشج أو انفصال، فبينما يُفكِّر ذو حرفة في إنجاز مهارة وَفْق بواعث تُسمَّى في علم الكلام (مُقتَضِيات) أجهد فكره في حشدها إذا هو ينتقل فَجْأَةً إلى كدِّ فكره للاحتياط من (موانِع) تُحبط مُقْتَضِياته، لأن تفكيره في حشد المُقتضيات قفز منه (مانِع) مُنَغِّصٌ، فانتقل فَجْأَةً بلا إرادة منه من أفكار المقتضيات إلى أفكار الموانع .. والتداعي في اللغة مزيج من الفكر والمعنى، فتنتقل من معنى الكلمة إلى ما يلزم عنه، وإلى ما هو مُضَمَّن فيه، وإلى ما هو شَبيهٌ له .. ثم تنتقل فكراً من معنى الاسم إلى المسمَّى نفسه بصفات فيه، أو بعلاقات تراها بينه وبين غيره في زمان ما ومكان ما، فيلتحم بين الاسم والمسمَّى دلائل ليست من علم اللغة، ولكنها من توليد الفكر بلا اعتداء .. ومن تداعي المعاني أن تعود بعد عشرة أعوام إلى مَرْبَع من المرابع التي عشت فيها، لتستمتع بالذكريات التي عشتها؛ فإذا بك تنتقل من هذه الوقائع المعنوية التي عشتها إلى مصادر تاريخية بدأتَ تبحث عنها تتعلَّق بحوادث لم تعشها؛ لأن في ذكريات المَرْبَع الذي عشته ذكرى نديم صديق له جدٌّ ثالث أو رابع أو خامس ذو تاريخ حافل؛ فيقطع تداعي المعاني مُتعتَك بالحاضر، وينتقل بك إلى التنقيب عن الغابر .. والتداعي فطرة في حديث عامة الناس وإن لم يُـحسنوا فلسفته، بل يعلمون بالفطرة أن التداعي عن مناسبات بين سياق الكلام؛ فالعربي إذا انتقل من موضوع إلى موضوع سوَّغ ذلك بذكر المناسبة؛ فقال (والشـيئ بالشيئ يُذْكَر) .. حتى العامِيَّ القُحَّ يعي ذلك، وأُشير ههنا إلى قصة أستحيي من ذِكْرها على وجهها، وهو أن أحد العوامِّ يبايع امرأة لم يكتمل استتارها بغفلة منها عن غير قصد، فانتقل من المبايعة إلى كناية ورَّى بها عن حالها؛ فلما لم تنتبه قال: (طَرَّاه مارْ ... ياخالة) أي غير أن هذه الكناية طرأتْ عليَّ لما رأيتُكِ غافلة عن كمال الاستتار ياخالة .. وفي أحلام النوم تتداعى أحداث وأشخاص ومعالم مختلفة الزمان والمكان .. بعضها عايشته، وبعضها قرأته، وكل ذلك على مدى عمرك؛ فتتألف منها قصة خيالية إن لم تُدَوِّنها فوراً ضاعت عليك تفاصيلها .. وهكذا حلم اليقظة إلا أن فيه إضافةً من تركيب الخيال.. ولا برهان على أن العواطف العليا تتداعى من الدنيا كما قال (هارتلي)؛ بل قدكون هذا، وقد يكون عكسه عندما تعجز هِمَّة الفرد عن عزائم الأمور؛ فتتداعى العواطف الدنيا بباعث العجز عن صعوبة العواطف العليا .. ولا معنى لشيئ يُعَلَّل بقولك (أُحِبُّه لأنه صدق)؛ بل ضمن (لأنه صدق) أنه أمانة مع الواقع، وأنه ينفع غيري وينفعني ببراءة ذمتي إن كان الصدق مُرّْاً، ولا يكون هذا الشعور الخيِّر إلا بمعيارٍ من قيمة الحق تقضـي بأن هناك (آجلاً) يُؤْثَرُ على غيره من منافع العاجل .. وأما أننا أحببناه فيما بعد لأنه صدق، وكنا أحببناه لأنه ينفعنا: فليس هذا تداعياً؛ وإنما هو تعبير عن تحوِّل معاناة الفضائل الشاقة إلى عادة لا مشقة فيها .. وهكذا قصة البخيل لما أحب المال لنفسه وكدَّسَهُ: لم يكن ذلك تداعياً من حبِّه له لكونه يُحقِّق مصالحه؛ فهذا الدافع باق لم يتغيَّر؛ وإنما استجدَّ عنده من غير تداعٍ زيادةُ حُبِّه المالَ، لكونه يحقِّق مصالحه، وحرص على تكديسه خوفاً على مصالحه في المستقبل، وهو ههنا تحوَّل من عاطفه عليا إلى عاطفة دنيا على عكس ما أصَّله (هارتلي) .. واستجد له من تكديس المال لمصالح المستقبل لذةٌ مجَّانية وُلدت ولم تَتداعَ؛ وذلك من رؤية المال يتكاثر .. والبرهان على أن البخيل يكدس المال من أجل مصالح في المستقبل أمثالُـهم البغيضة مثل: احفظ الريال الأبيض لليوم الأسود، وقرش في الصِّرَار ولا ريال دَوَّار .. وأما الكريم الذي يحسن الظن بربِّه فأمثلته: أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، وأنفق بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً .. والبخيل يشح على زوجته بكحل عينيها ويقول: (ياما أنفد ــ أو هَدّْ ــ المِرْوَد من الجبال) .. يعني جبالَ كحلٍ !!.. فإن بكتْ، وذهب كحلها مع الدموع: استحضر ذلك في الأزمات وقال: (الله يخلف علينا .. ذهب مالُنا أو معرُوفُنا أو جُهْدُنا كُحْلَ باكية) !.

قال أبو عبدالرحمن: وهكذا وجدتُ الخلط نفسَه عند (ستيوارت مل)؛ لأنه لا ثنائية بين ( النافع في نفسه)، و (انتفاع شخص بنفسه)، بل الثنائية المتلازمة في المنتفِع بصيغة اسم الفاعل لا في الشيئ الذي يوصف بأنه نافع غيره؛ فالمال نافع، وزيد الفقير هو المنتفِع عاجلاً إذا واساه مالك المال منه .. وقد تصف صاحب المال بأنه غير منتفع في العاجل بما بذله بهذا المال نفسه الذي أنفقه ــ مع أنه منتفِع بغمرة النشوة واللذة في قلبه ــ، ولكنه عند المؤمن منتفِع به أكثر وأزكى الانتفاع في الآجل، وإلى لقاء عاجل إن شاء الله، والله المستعان وعليه الاتكال .

- عفا الله عنه -

أحاسيسُ مُتَدَفِّقَةٌ غيرُ مُضْطرِبةٍ (2-5)
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة