Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 24/05/2013 Issue 14848 14848 الجمعة 14 رجب 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

الحياة والموت سرَّا الوجود الأعظم، وأما ما بينهما ففيه بعض شيء مما تدركه العقول. وهذا الجزء القليل المُدرك هو ما يُشكل حياة الناس العملية. والعملية في حياة الناس هي الحفاظ على ديمومتها. وديمومة الحياة قائمة على ضمان الأمن والطعام والشراب والنسل والمأوى. وكلما ارتقى المجتمع الإنساني زادت تطلعاته لتحسين نوعية ضرورات الحياة، وتقوية أسباب الحصول عليها والدفاع عنها؛ ولذا كان الاقتصاد هو محرك الثقافات وفارض السياسات، فهما محورا ما يمكن أن تدركه العقول في المساحة الواقعة بين سرَّيْ الحياة والموت. فنوع الاقتصاد من كونه ريعياً إقطاعياً أو صناعياً رأسمالياً هو الذي يفرض شكل الأنظمة السياسية من ديكتاتورية أو ديمقراطية عبر مخاض اجتماعي متشابك الأطراف. وما بين الاقتصاد والسياسة تتأثر الأديان بعيداً عن حقيقتها التي جاءت عليها، أو تنأى عنهما فتنطوي الأديان على نفسها في عزلة عن المجتمع. والأديان عقائد وعبادات ومعاملات. فأما اليهود فقد أدى بهم كبرهم وغرورهم وطمعهم وأنانيتهم بأن ارتضوا بأن يكونوا لصوص الأمم على أن تشاركهم الأمم في دينهم. وأما البوذية فقد اكتفت بالعقائد والعبادات، ونأت عن الاقتصاد والسياسة، فانحصرت في محيطها التي خرجت فيه. وأما النصرانية فقد أدركت بأن منهجها النصراني الكهنوتي المتسلط سيقعد بها عن الصدارة في عصر الاقتصاد الصناعي؛ فحصرت النصرانية الحديثة دينها في العقيدة والإيمان المطلق. وأما المسلمون فقد انحرفوا عن دينهم بمذاهب شتى بسبب تبعياتهم لمرجعياتهم الدينية، فتاهوا كما تاهت الأمم من قبلهم تماماً، مصداقاً لقوله عليه السلام «لتتبعن سنن من كان قبلكم».

وخبر الرسول عليه الصلاة والسلام واقع لا محالة، وقد تحقق جزءٌ كبيرٌ من نبوءته عليه السلام؛ فقد تبعنا منهج تجهيل العامة بدينهم، وكثر في المسلمين من فصل دينه عن دنياه. وخبر الرسول عليه السلام وإخباره بذلك هو لإيقاظ المسلمين من غفلتهم؛ ليعودوا فيبحثوا مكامن الخطأ فيصححوا مسيرة الأمة الخالدة.

ولو صدقنا مع أنفسنا وتخلينا عن العواطف لأدركنا أن أصل الفتن والطوائف وجهل الناس بدينهم هو بسبب بعض المرجعيات والتبعية لبعض رجال الدين.

والذي أدين الله به أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب قد قامت بدور عظيم في تصحيح العقيدة والدعوة بالاهتمام بها بعد قرون من انتشار البدع والخرافات. وقد أدت دورها، وآتت أكلها، وكأنها جاءت كمقدمة وتخلية قبل التحلية لمتطلبات الفقه للتغيرات الحياتية التي حدثت وستحدث في العصر الحديث. فكان دورها كدور الدعوة المكية في عهد النبوة، مع الفارق العظيم في أثر وعظم الدور والحال وعلو شرف الرجال. ولا بأس بالتشبيه ولو عظم الفارق لتبين الفكرة، فقد قال تعالى {مَثَلُ نُورِه كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ}. فنحن اليوم بحاجة إلى إصلاح فقه الحياة العملية، كالفترة المدنية المباركة. وكما كان حال إمام التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في قناعته الصائبة بأنه لا بد للدعوة من سلطان ينصرها، فكذا هو الحال بالنسبة لإصلاح فقه الحياة العملي لا بد له من سلطان ينصره.

والذي أراه -والله أعلم- أن منهج التصحيح يقع في اتجاه واحد. فبالعقيدة نُسلم بأن ما جاء في الكتاب والسنة حق لا مجال فيه للتحريف بتأويل أو غيره. وبالعقل نضع القواعد الاستنباطية المنطقية التي لا تختلف من حال وحال، وتعزل الثقافة والهوى عن التأثير على استنباط الأحكام. وبالعقل توضع القواعد العلمية البحثية الجديدة لمراجعة السنة مع التسليم -وقد بعُد العهد والزمان- بما نقلته القرون المفضلة من نصوص لا تحتمل إمكانية المراجعة ولم تستوعبه عقولنا. وللحديث بقية عن مسودة لمشروع الإصلاح.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem

المسكوت عنه
حاجة الأمة إلى منهج للتصحيح
د. حمزة بن محمد السالم

د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة