Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 29/05/2013 Issue 14853  14853 الاربعاء 19 رجب 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

ليس ثمة شيء أخطر على النجاح من ظلم الآخرين والدخول في صراعات العمل. فهي قاتلة للإبداع والتميز ومضيعة للوقت وخسارة للجهد وانحراف عن خارطة الطريق. القائد الإداري المتميز يبتعد عن نقاط الخلاف عندما تلوح في الأفق بينه وبين الآخر ويتذكر نقاط الالتقاء ويركز عليها ويستثمرها. في نظر ويليام شكسبير فإنه: يوجد لدى البشر شيء مشترك إذا استغل قادهم إلى الخير.

إذا دعتك قدرتك على مخلوق فتذكر قدرة الخالق عليك. وبالتالي إذا أردت أن تستعجل فشلك فاظلم الآخرين.. في بعض الأحيان ستتلقى إساءة ممن أحسنت إليه.. لا تستغرب ذلك ولا تنزعج.. يقول المثل العربي «اتق شر من أحسنت إليه». ورغم عدم إيماني بهذا المثل وكثير من الأمثال الشعبية إلا أن فيه شيئاً من الواقع.

عندما كنت في الثامنة من عمري حاولت مساعدة قطة صغيرة وقعت في شرك من الحطب ولم تتمكن من الخروج فأشفقت عليها وحاولت إخراجها.. ولكن وللأسف لم أتمكن من مساعدتها لأنه كلما اقتربت منها يدي لمساعدتها حاولت أن تعتدي علي بمخالبها المؤذية. عندما كبرت ودخلت محيط العمل أدركت أنه ليس فقط الحيوانات التي قد تؤذي من يحاول مساعدتها بل ربما يقع ذلك من الإنسان نفسه.. إذا وقع لك شيء من ذلك فيجب أن لا يمنعك من مواصلة الإحسان والصبر وسوف تدرك في النهاية عظمة وقيمة ذلك.

إذا أراد الآخر (سواء من داخل منظمتك أو من خارجها) أن يجرك إلى الأسفل فاعمل على مساعدته على الخروج من القاع.

يؤكد الباحثون في مجال الإنجاز والفاعلية أنه ما من شيء أخطر على الإنجاز من الدخول في صراعات العمل وإضاعة الوقت والجهد فيه. تجنب الصراعات مطلب أساسي لنجاح القائد والمرؤوس على حد سواء وهو مطلب ميسر ومقدور عليه. يمكن تجنب صراعات العمل من خلال طريقين: الأول تربية النفس على العفو والتسامح والاحتساب لله. والثاني هو العمل على تعزيز العلاقات مع الجميع.

في دراستها التي شملت 409 من الأجانب العاملين في الولايات المتحدة وكندا وجدت السيدة Rosalie Tung أن هناك عدداً من المهارات تساعد على بناء علاقات جيدة مع الآخرين، كان من أهمها الصبر على أذى الآخرين وتحمل أذاهم.. ولنا نحن المسلمين قدوة في نهج رسولنا الكريم الذي وصفه الخالق بأنه على خلق عظيم. ولم يقتصر التوجيه الرباني على طلب العفو فقط بل إن الهادي جل شأنه أمر عبده بأن يعفو عن قومه ويستغفر لهم ويشاورهم في الأمر.

منتهى النبل والسمو أن لا تكتفي فقط بالعفو عمن أساء إليك بل تستغفر له وتشاوره في الأمر، ما أحوجنا لذلك. ونحن بحاجة أكثر إلى إيجاد بيئة عملية يسودها التسامح والعفو والمحبة.

في تقديري أن انشغال الكثير من العاملين في منظماتنا الإنتاجية في صراعات العمل والقضايا الشخصية ساهم في تقليل المساحة المتاحة للإبداع وتحقيق إنجازات نوعية. إذا كان هذا واضحاً فإننا ندفع ثمناً دنيوياً باهظاً لابتعادنا عن النهج الرباني في بيئاتنا العملية.

@falsultan11

مفاتيح النجاح 3 -
الابتعاد عن صراعات العمل وظلم الآخ
د. فهد صالح عبدالله السلطان

د. فهد صالح عبدالله السلطان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة