Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/06/2013 Issue 14856  14856 السبت 22 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يوم كنا صغاراً كان أهلنا يرددون علينا كلاماً جميلاً عن العلم وأهله، إذ كانوا يضعونهما في منزلة رفيعة، ثم يكررون علينا محذرين بقولهم إلا العلم وأهله، إلا الكتاب الذي تغنى به الشعراء “وخير جليس في الزمان كتاب”، إلا المدرسة ويومها كانت المدرسة ملء السمع والبصر بوصفها قبلة الطلاب والمصدر الأولي للمعرفة، والمؤسسة التربوية التي تتفرد بتوجيه الطلاب وإرشادهم، وتسعى لصقل مواهبهم التي تتوافق مع المعطيات المتواضعة لعصر يفتقد للتقنيات التي يزخر بها عالمنا اليوم.

اليوم هل انتهت قدسية العلم وأدبرت إلى غير رجعة؟ وهل فقد الكتاب مكانته السامقة فانحدر إلى أسفل السافلين بعد ظهور تقنيات العصر الهائلة وحلّ الآيفون والآيباد محله ومحل غيره فتوارى معين الأجيال إلى زوايا مظلمة ليطويه النسيان، ولم يبق له في نفوس طلاب اليوم أدنى احترام؟

تواردت هذه الخواطر والتساؤلات في ذهني وأنا أشاهد بألم وحسرة صوراً معبرة عبر الصحف لثلة من الطلاب وهم يحرقون كتبهم بعد دقائق معدودة من خروجهم من قاعات الاختبارات في حادثة لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة إذا استمر حال التعليم على ما هو عليه. سبق هذه الحادثة حوادث كثيرة وفي أكثر من منطقة لطلاب ينتقمون من المدرسة بركل الكتب ودهسها بأرجلهم، وطلاب يلقون الكتب والدفاتر في براميل النفايات، وآخرون يمزقون كتبهم وينثرونها لتتطاير قصاصاتها في الهواء. قد تفسر هذه التصرفات من شباب في عمر الزهور على أنها دليل على أنهم يستخفون بالكتاب وأنه لم يعد يلبي احتياجاتهم، أو أنها مؤشر على احتجاج مبطن وغير معلن على مضمون المنهج العقيم والبائس والذي لا يتوافق مع واقع العصر الحالي ويقدم محتويات جافة ونظريــة وغــير تطبيقية يحفظها الطالب من أجــل الاختبار دون قناعة منه ثــم يتخلــص من تلك القراطيس فور الانتهاء منــها، وهذا أمر خطير لم تتــمكن وزارة التربيــة والتعليم من معالجته طيلة سنوات مضت ليأتي اليوم الذي يقول الطلاب رأيهم في أساليبـها وطرقهــا ومناهجها ومدارسها ومعلميها وبطرق غير مؤدبة بل ومؤذية للنـفوس السوية!

ما حدث مؤشر قوي جداً على موقف الطالب السلبي من مدرسته التي لا تلبي له احتياجاته ولا تحقق له رغباته بل تقدم له فقط ما تريده الوزارة ومختصوها الذين يعيشون في مكاتب مقفلة بعيدة عن واقع الميدان، وينطلقون من فكر قديم ثبت أنه لا ينفع للعصر الحاضر. تقديم معلومات معلبة يحفظها الطالب دون أن يتعمق في فهمها واستيعابها وتحليل مضامينها ثم الانطلاق من نتائجها لطرح أفكار جديدة وهكذا. حتى بيئة المدرسة أصبحت طاردة والطلاب يدرسون في قاعات لم تعد للتعليم، وإن وجد ملعب بالمدرسة فهو ملعب ترابي يدمي أقدام الصغار بحجارته المدببة. انعدام للمختبرات، والمكتبات التي إن توافرت فهي لا تحوي إلا كتبا من عهود قديمة. المدرسة لا يجد فيها الطالب إن كان موهوباً أو عادياً ما يريد. صار الذهاب إلى المدرسة عنده أثقل من حمل جبل. ما يجد الطالب من تهميش وقمع وقتل لكل مواهبه كاف بأن يكره المدرسة. وكي يحب الطالب المدرسة ويقبل عليها لا بد من تحويلها إلى بيئة جاذبة تصنع أجيالاً مبدعة لا تحرق الكتب ولا تركلها بالأقدام.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
حرق الكتب تعبير عن الكراهية!
د. عبدالرحمن الشلاش

د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة