Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/06/2013 Issue 14856  14856 السبت 22 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بدأ ابني إجازته الصيفية وهو في صفه الخامس الابتدائي قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وقبل ذلك كان فقط يذهب لساعة ثم يعود لأداء بعض الامتحانات، كما وأنه ومنذ بدء حملة وزارة العمل أي قبل ثلاثة شهور، تأرجح الدوام بين نصف دوام أو أقل، وأستطيع القول بثقة إنّ تحصيله العلمي فيما لو اعتمدنا فقط

على المدرسة والمدة النظاميةالتي يقضيها في مدرسته، لا تتجاوز الثلث هذا في أحسن التوقُّعات.. واشتكت الكثيرات من الزميلات والمعيدات اللاتي يعملن معي في الجامعة من أنهنّ وعلى الرغم من دفعهن أقساطاً مرتفعة لكثير من المدارس في الرياض، إلاّ أنهنّ أيضاً أبقين أبناءهن في المنازل منذ شهر وخاصة من هم في المراحل الثلاث الأولى.

كل هذا فعلاً يجب أن يحرك الأهالي حتى يقفوا ضد هذه التسيب الرهيب من المدارس، وحرصها الشديد على صرف التلاميذ إلى منازلهم لأيّ سبب مهما كان تافهاً، كما تم استغلال ظروف بعض ظروف الطقس لإرسال التلاميذ إلى المنازل مباشرة دون عناية بما يجب عليهم إنهاءه من معرفة مقررة وتعلُّم وتربية، ودون عناية بتعويض الطلاب عن الأيام التي لم يداوموا فيها بفعل الظروف الجوية، كما هو متعارف عليه في كافة الأنظمة التعليمية المتقدمة، حيث يكلف الطلاب وفي نهاية العام وقبل دخول الاختبارات، بالدراسة لأيام توازي الأيام التي تغيبوا فيها بسبب الأمطار أو الثلوج وغيرها حتى تحتسب لهم سنة دراسية. أي أنّ هناك عدداً محدداً من الأيام الدراسية لا تنقص عن مائة وتسع وثمانين يوماً في السنة في العادة حتى يتم الاعتراف بالعام الدراسي، إنّ بؤس وضعف العمليات التعليمية في التعليم العام يفوق التصوُّر، وليس أدل على ذلك من ضعف المهارات الرياضية والقرائية والتحريرية لمعظم الطلبة السعوديين حين يلتحقون بمؤسسات التعليم العالي. وعلي سبيل المثال تلتحق الطالبات بأقسام رياض الأطفال أو التربية الخاصة، لتعلُّم كيفية تعليم الأطفال المفاهيم الرياضية أو العلمية أو اللغوية، وننسي أنّ الطالبة أصلاً لم تحصل شيئاً في مجال الرياضيات أو العلوم أو حتى اللغة العربية، أي أنّ المفهوم نفسه غامض وتشكيله ضعيف في ذهنها فكيف ستنقله لطالباتها، وإذا كانت المعلمات أنفسهن ضعيفات فماذا نتوقع من مخرجاتهن؟

الحلول واضحة جداً وتجارب الدول كثيرة فموضوع التعليم قديم قدم الأرض، وقد جرّبت فيه حلول ودراسات وفلسفات لا نهاية لها ولا زال الكثيرون يحاولون، ويمكن أن نفكر في الآتي:

الضرورة القصوى لتغيير نظام التعليم الثانوي الحالي، ومن المضحك أن نظل نتخبّط في مسائل مثل كيف يكون شكل التعليم الثانوي، وهي أمور محسومة من قبل نظم تربوية أقدم منا، و السؤال لماذا يوجد هذا التخبُّط؟ أتعرفون لماذا؟ لأغراض أيدلوجية وليس علمية؟ فكيف تم تقسيم التعليم الثانوي إلى تخصصات شرعية وإدارية وعلمية؟ ثم إذا كنت مقتنعاً بذلك فكيف تترك ثانويات البنات دون تغيير وتبقيهن على نظام العلمي والأدبي القديم؟ ولماذا؟ ألن يواجهن امتحانات القدرات؟ ألن يلتحقن بالتعليم الجامعي مثلاً؟

مرحلة التعليم الثانوي هي المرحلة التي يجب أن يتزوّد فيها كل شاب وشابة بمجموعة من المعارف في أربع مواد أساسية لكل نظام تعليم، وهي العلوم والرياضيات واللغة الأم وهي هنا العربية واللغة الإنجليزية، ثم أية مواد أخرى مثل اقتصاد ودراسات اجتماعية، لكن المتطلّبات الأساسية للجميع معروفة عبر ثانويات العالم، وهذه التقسيمات العوجاء في تعليمنا الثانوي هو ما يولد هذا الضعف الشديد في مخرجاته، فإذا لم تدرس الطالبة ولا مادة واحدة في الرياضيات أو العلوم خلال الثانوية، وكانت خريجة قسم الفرع الأدبي والتحقت بإحدى كليات التربية للتدرُّب على التدريس، فكيف سيكون لديها قاعدة معرفية تعتمد عليها في الشرح لطالباتها؟.

إصلاح التعليم الثانوي أولوية، كل الطلبة دون استثناء عليهم إنهاء المتطلّبات الأساسية والثانوية بمعدلات مقبولة، حتى يتم لهم الالتحاق بالجامعات. إصلاح النظام الثانوي يتطلّب التركيز على مسألة الإرشاد التربوي المفقودة تماماً في مدارسنا؟ كيف سيوجّه الطالب إلى ما سيدرس مستقبلاً؟ إلى أي الجامعات يجب أن يقدم؟ مسألة تبدأ من الأول ثانوي وليس بعد ظهور نتائج الثانوية؟ المتعارف عليه أن المرشد يبدأ مع الطلبة لتعريفهم بمتطلّبات الجامعة والاختيارات المطروحة أمامهم ومعرفة التخصصات المطلوبة في سوق العمل، ومعرفة احتياجات وقدرات الطالب وماذا يحب وماذا يكره؟ يعشق الرياضيات مثلاً؟ يحب الحفظ؟ يحب الكيمياء، وهكذا يبدأ توجيهه من أول سنة في الثانوية حتى يعلم أين سيقبل وفي أي تخصص قبل نهاية آخر عام في الثانوية.

نحن نتجه إلى نماذج القبول المصرية للأسف، فالطالب لا يدخل حسب رغبته بل حسب المتاح من المقاعد، أو يتم توجيهه لتخصص آخر، والذي يحدث أنّ الطالب يوضع في تخصص لا يرغبه، ويمضي سنة ثم يحاول التحويل لما يرغب، وفي كل الأحوال هو يكلف الدولة سنة كاملة من المصاريف كطالب جامعي دون أية جدوى؟ ( هل تعرفون كم يكلف الطالب الجامعي)؟؟

يجب أن يكون هناك استراتيجية تعليمية واضحة ترسم لنا ماذا نتوقع مثلاً من طالب الابتدائية أن يكون خلال العشر سنوات القادمة مثلاً؟ هل نريده رجل دين فقط أم نريده عقلاً مفكراً وعلمياً، يتساءل ويناقش في الظواهر العلمية من حوله دون قلق؟ أم نريده إدراياً بسيطاً في مهن متوسطة أم نريده مواطناً تقليدياً يحتفظ بعصبيته القبلية وبداءيته؟ لا أظن أنّ أحداً يعرف ماذا نريد من تعليمنا، فمخرجاتنا خليط كبير من العشوائية والتقليدية والأدلجة، والضحايا هم أبنائي وأبناؤك ومستقبل هذه الأُمّة؟ التعليم هو القنبلة الموقوتة التي يجب أن نتعامل معها بحذر بالغ؟

ألا أيُّها الليل الطويل متي تنجلي عن المدارس السعودية؟
د. فوزية البكر

د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة