Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/06/2013 Issue 14856  14856 السبت 22 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

جاءت الحملة الوطنية ضد العمالة الوافدة لتلقي بظلالها على المياه الراكدة في المجتمع، وقد طال انتظارها من أجل تنظيم العمالة الوافدة، وإخراجها من حالة الفوضى التي كانت غارقة فيها منذ عقود، ولكن أن تبدأ متأخراً خير من أن لا تبدأ أبداً. لكن غياب التدرج والأهداف غير المعلنة قد شوه الأهداف الوطنية النبيلة، فقد طالت الحملة المهن اليدوية الحرة، والتي يندر أن يعمل في مجالاتها سعودي مثل مهن البناء والكهرباء والسباكة والمزارعين والجزارين والخبازين، وقد أدت بالفعل إلى زيادة الأسعار في هذه المجالات، فاختفى الخبز من المحلات، وارتفعت تكاليف بناء المساكن في صورة ملحوظة، وربما تصل تكلفة بناء المنازل قريباً إلى أسعار غير مسبوقة، وتعد هذه النتيجة مضادة للسياسة الوطنية لمساعدة المواطنين في تملك مساكن خاصة.

كانت الطفرة النفطية السابقة سبباً لغياب السعوديين عن المهن الحرة، والتي أدت إلى توزيع الأموال على الناس لأسباب ليس لها علاقة بالإنتاج والعمل، وكانت النتيجة أن لبس المواطن ثوب الوجاهة، وأزدادت لديه مشاعر السمو والترفع عن العمل اليدوي في المهن الحرفية. ولم يأت ذلك من فراغ، فالأمثلة المميزة في المجتمع تظهر في صورة العاطل الثري الذي تأتيه الأموال من حيث يدري ولا يدري. ويبدو أن الأهداف غير المعلنة في حملة وزارة العمل تصب في الاتجاه نفسه، ولكن من أجل حل مؤقت وغير مجدٍ لنسب البطالة المرتفعة..

يظهر ذلك التوجه في تفاصيل تطبيقات نطاقات وزارة العمل، والتي تفرض توظيف السعوديين في مؤسسات المهن اليدوية والمزارع وأفران الخبز ومحلات الحلاقين والجزارين. ومن نصائح بعض المنظمين في سوق العمل أن توظف المؤسسة أي سعودي عاطل عن العمل على الحد الأدني للأجور من أجل الوصول إلى نطاق اللون الأخضر في هذه المحلات والمؤسسات، وإن كانوا من أقارب صاحب المؤسسة. ومنها -على سبيل المثال- أن يعين أحدهم أخته أو ابن أخيه أو أي مواطن غير مهني في مؤسسة للسباكة أو للخبازة والجزارة. وفي جانب آخر توضح إحصائيات التأمينيات الاجتماعية أن نسبة عالية من التوطين الأخير للوظائف في القطاع الخاص منذ تطبيق نظام نطاقات كان بالفعل على الحد الأدني للأجور.

من خلال هذه المعلومات يتضح أن هناك توجهاً من خلال سياسة النطاق الأخضر لنقل بعض تكاليف حافز من وزارة العمل إلى حساب المؤسسات والعمالة الوافدة، ويعد ذلك حلاً مؤقتاً، لكنه قد يؤدي إلى كارثة وطنية في المستقبل، وهو خروج جيل غير مؤهل، ويأخذ أموالاً من دون وجه حق. وسيكون الخاسر الأكبر المواطن الذي يجتهد ويعمل، إذ سترتفع عليه تكاليف الحياة المعيشية، وسيكون عليه دفع إعانة لمواطنين لا يعملون، بعد أن ترفع المؤسسات التجارية تكاليف العمالة اليدوية المستورة من أجل دفع رواتب السعوديين الذين لا يعملون، ولكن المؤسسة تحتاجهم من أجل البقاء في النطاق الأخضر.

لا يوجد حل وطني ناجح في توطين ثقافة العمل غير نقل الأمثلة الاقتصادية الناجحة في العالم الحديث، وذلك من خلال تأسيس شركات وطنية كبرى على غرار شركة سابك الوطنية وشركات هيونداي وسامسونج وسوني وتويوتا العالمية من أجل الخروج من مجتمع الكفالة والتستر والبطالة المقنعة والوجاهة المزيفة. ولن نصل إلى تلك الغاية من خلال تطبيق برنامج نطاقات على محلات الجزارين والخبازين ومؤسسات المهن الحرفية في ظل وجود ممانعة سعودية في العمل في هذه المجالات، ولكن عبر استنساخ التجارب الاقتصادية الكبرى والناجحة في العالم. خلاصة الأمر، يجب أن يكون في السوق المحلية عمالة مهنية حرة، تعمل في المهن اليدوية مثل البناء والمزارع والخبازة والجزارة والسباكة والكهرباء، على أن يكون عددهم مقنناً، ويخضع لقوانين سوق العمل السعودي، وأن لا يتم التعامل معهم من خلال نظام نطاقات، وأن لا يكون هدف توظيف السعوديين في مؤسسات المهن الحرفية بمثابة الضمان المعيشي على غرار نظام حافز، كضريبة يدفعها أصحاب المهن الحرفية الوافدين للسعودي العاطل عن العمل..

بين الكلمات
إعانة غير نظامية للعاطلين في نطاقات!
عبدالعزيز السماري

عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة