Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/06/2013 Issue 14856  14856 السبت 22 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

مرت أسابيع على التصريحات القوية الواضحة الواثقة لوزير الإسكان التي أدلى بها في لقاء تلفزيوني، والمتعلقة بخطط الوزارة لإنهاء أزمة الإسكان، وجميع خطط توفير الإسكان التي ذكرها الوزير جيدة وعملية وكافية للقضاء على أزمة الإسكان وقابلة للتطبيق بيسر ومرونة، كما أن فيها ديناميكية مرنة، تفتح مجالا واسعا للإبداعية الفكرية من أجل المحافظة على زخم تطوير الخطط مع النمو الإسكاني، وشرط قابلية تنفيذ هذه الخطط ونتيجتها واحدة. وهي التي لخصها الوزير في قوله «إبن ولابع». فهذه الجملة هي الشرط والنتيجة. فنتيجة هذه الخطط بمجموعها يتلخص في أمرين: الأول تسهيل امتلاك الأرض، والثاني توفير تمويل ميسر لبنائها، ولن يتحقق شيء من هذا إلا بشرط أن يتخلى محتكرو الأراضي عن احتكارها بالبناء أو البيع، ثم يأتي بعد ذلك دور التمويل ليتمكن المواطن من الشراء. وقد استجابت السوق العقارية لهذه التصريحات استجابة حذرة، فانخفضت الأسعار نسبيا، وخفت حركة البيع والشراء في انتظار ظهور ما يثبت جدية تنفيذ هذه التصريحات.

والذي صرح به الوزيركان كافيا لانهيار أسعار السوق العقارية ونزولها للأسعار الطبيعية التي تحكي قيمة المعروض، لو كان عند المتعاملين ثقة بقدرة الوزير على تنفيذ تصريحاته، ولعل التشكيك في قدرة الوزير على تنفيذ هذه التصريحات فيه خير ومنفعة مرحلية تحقق غرض التدرج المطلوب -النفسي والاقتصادي- لانهيار الأسعار، إلا أن إطالة مدة هذه الفترة أمر قد لا تحمد عواقبه من جهة سوق العقار ومن جهة سوق التمويل، فأسعار العقار ستلتهب وتتضاعف، ويزداد عناد محتكري الأراضي ويشتد صبرهم على الإمساك بها إذا طالت مدة عدم تنفيذ التصريحات، مع عودة الصمت المثير للإشاعات بعد أمل تلك التصريحات. وأما سوق التمويل فستفشل وتتعطل نظرا لغياب التوقعات، والخوف من تقديم تمويلات لعقارات متضخمة الأسعار مع احتمال انفجارها، إذا ما نُفذت هذه التصريحات في أي وقت.

لم أشك لحظة عندما سمعت تصريحات الوزير، بأن هذه التصريحات كانت محسوبة ومدروسة ومُخطط لها مع الجهات التنفيذية العليا، ولا أتوقع أن هذه التصريحات هي مجرد خطط الوزارة الداخلية، إلا أنها ما تزال لم تُعتمد من الجهات التنفيذية العليا، فلا يمكن للوزير أن يصرح بهذه التصريحات وهو يدرك أن عدم تنفيذ هذه التصريحات سيؤثر على مصداقية الوزراء والمسئولين، وسيضيع زمام مبادرة كسب الوقت لأي مسئول حتى الانتهاء من أي مشاريع طويلة الأجل مُزمع على تنفيذها، كما أنها ستنتج عن نتائج عكسية سيئة على سوق العقار والتمويل -كما أشرت إليه سابقا- وتعقد الأمور أكثر مما هي عليه الآن، كما أنه سيخلق بلبلة اجتماعية قد يصعب التنبؤ بها، وخاصة لأهمية الإسكان وإحساس المواطن الملازم له بالمشكلة، فعدم تنفيذ هذه التصريحات هو انهيار لآمال الناس التي كانوا يتصبرون بها، وفقدان للثقة بأن هناك حلا لها.

وقد مرت أسابيع الآن، وتعتبر طويلة نسبيا مع الانتظار، والسوق والناس تترقب إشارة على جدية هذه التصريحات، فالمطلوب هو الإحساس بجديتها لا تنفيذها الفوري، وهذا كاف لإنجاز الغرض وهو انخفاض أسعار الأراضي لكي تبدأ حركة البناء والاستثمار والتمويل بعد مرور فترة تصحيح الأسعار، فالسوق العقارية والتمويلية الآن في شك وتوقف وترصد، لذا فإنني أعتقد أنه يَحسُن بالوزير أن يبدأ بتنفيذ بعض من تصريحاته، ومن أيسرها وأسرعها إصدار نظام - ولو مستقبلي بعد مرور حول - ينظم فرض الزكاة والضرائب على الأراضي الخام والأراضي الكبيرة، وهو أسهل التصريحات التي يمكن البدء بها لأن هذا القرار لا يتعامل مع شريحة كبيرة من الناس، ولا فيه تعقيدات فنية كثيرة تحتاج إلى زمن لحلها.

فمثل هذه الخطوات في اتجاه تنفيذ التصريحات تحرك السوق لتبدأ البناء، وقد بان لها كلفتها وأرباحها ومخاطرها، كما أنها تُحقق التدرج المطلوب في انخفاض أسعار العقار وتظهر جدية التصريحات وتعطي الفرصة الزمنية للوزارة بتدبر أمر تنفيذ التصريحات الأخرى، وأنا أعتقد جازما، أن التأخر في البدء في تنفيذ هذه التصريحات لا يعني أنها لن تنفذ، فهي ستنفذ عاجلا أم أجلا، فقد خرج الأمر عن يد الوزارة الآن، ولكن أن يبدأ تنفيذها الآن والزمام بيد الوزارة خيرٌ من أن تُنفذ بسرعة والزمام بيد ضغوط ربكة السوق العقارية وتعطل السوق التمويلية وشكوى الناس، وما يعقب هذا من ضرر على استراتيجيات كثيرة لا تقتصر على وزارة الإسكان وحدها.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem

المسكوت عنه
العقار والتمويل الإسكاني بيد جدية التصريحات
د. حمزة بن محمد السالم

د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة