Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/06/2013 Issue 14856  14856 السبت 22 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

تحت شعار (هكذا يقتضي النظام الجديد للدراسات العليا)
زينب بداح النوفل

رجوع

كلنا يعلم أن تعلُّم اللغات شيء لا بد منه؛ لأنه يفتح أمام الطالب مجالات وآفاقاً واسعة، وخصوصاً إذا كنا بحاجة لتعلمها، كما ورد عن النبي - عليه أفضل الصلاة والتسليم - حين حث على تعلم لغة العدو، ولكنه لم يقل: اجعلوا تعلمها عثرة في طريق النجاح والوصول للهدف.

لذا ما أردت الإشارة إليه أنه من أهداف وزارة التعليم العالي في فتح برامج الدراسات العليا تحفيز الطالب للإنجاز والتطوير المستمر، وليس وضع العقبات أمامه ليتعثر كما هو واضح للعيان.

ويتضح هذا من خلال الشرط الإلزامي الذي ربط قبول الطالب في برنامج الدكتوراه بحصوله على التوفل، إضافة على ما استجد علينا من شروط، مثل: ضرورة حصول الطالب على هذه الدرجة العلمية من الدول الأجنبية، وليس من داخل المملكة، ولم ينظر إلى اختلاف ظروف المتقدم الاجتماعية التي قد لا تسمح له بالابتعاث، وعلى وجه الخصوص عندما يكون المتقدم أنثى، فيتوقف تحقيق الهدف عند هذا الحد، فكيف لنا أن نلقي بالمعوقات أمام طالب العلم، ونريد منه أن يواصل طريقه وهو يشهد سنة تلو الأخرى أنواع التفنن في وضع الشروط المثبطة لعزيمته؟!

نحن لا نطالب بإزالة هذا العائق تماماً، ولكن كل ما نتمناه أن تنظر الوزارة أولاً في إمكانية تحقيق هذا الشرط لدى الدفعات المتقدمة للبرنامج، التي تعتبر من الأجيال القديمة، التي لم يفرض عليها تعلم اللغة خلال مراحل تعلمها الدراسية، فإذا كان لا محالة للوزارة أن تطبق هذا الشرط فليكن على الأجيال اللاحقة الذين لم يلتحقوا بالنظام الجامعي بعد؛ إذ يكون الطالب على وعي كامل بضرورة تطوير الكفايات اللغوية لديه، وأنها ستكون ضرورة ملحة للمضي قدماً في تحقيق طموحاته وأهدافه. أما أن نأتي إلى المتعلم في مرحلة متأخرة من حصوله على الدرجات العلمية ونطالبه بين عشية وضحاها بأن يجيد اللغة الإنجليزية فهذا أمر غير مقبول، وغير عادل من الوزارة.

كما أننا لا نقارن أنفسنا بالدول التي ألزمت المتعلم منذ نعومة أظفاره بتعلم اللغات، وضمنتها في استراتيجيات التعليم لديها منذ عشرات السنين، فكان حقاً لها أن تفرضه بوصفه شرطاً إلزامياً للالتحاق ببرامج الدراسات العليا، وبعض برامج البكالوريوس أيضاً، ولكم أن تفعلوا ذلك اقتداءً بغيركم من الدول لمواكبة التطوُّر، ولكن ليس على حساب طالب العلم بتجاهلكم قدرات هذا الجيل، وعدم النظر لوجوه الاختلاف بين المتعلم في مرحلة عمرية معينة في بيئتنا التعليمية السعودية والمتعلم من المرحلة العمرية نفسها في بيئات تعليمية أخرى، كان لها استراتيجيتها ومنهجيتها الخاصة بتعليم الفرد.

أقول: إن تطوير مهارات هذا الطالب من جيل النظام الدراسي القديم من المفترض أن يكون أمراً شخصياً، يعود للشخص نفسه من هذه الفئة، فإن رغب بتطوير مهاراته اللغوية كان بها، وإن لم يرغب فلا يلزم من قِبل الوزارة، وليتحمل هو عواقب افتقاره لمهارة اللغة.

فإلى متى سنظل شعباً يستمد أسباب تطوير الفرد والمجتمع بالنظر إلى ثقافات الشعوب الأخرى التي يختلف نموها الثقافي عن ظروف نمو ثقافتنا.

فهل يُعقل أن نغفل تطوير مناهجنا بالتعليم لنصحو فجأة للتطوير على حساب الجيل القديم من طالبي البحث والمعرفة؟

ولنسأل أنفسنا ما الذي سوف تقدمه هذه العراقيل للحد من تخرج دفعات كبيرة من أبناء الوطن الحاصلين على درجة الدكتوراه؟

فدعونا نقتدي بالرسول - عليه الصلاة والسلام - في طريقة التطوير، فقد كان - عليه الصلاة والسلام - لا ينظر إلى نقاط الضعف في الصحابة ويقويها؛ ذلك أنه كان يعلم - صلى الله عليه وسلم - أنها مضيعة للوقت، فإذا انعدمت الرغبة بالشيء انعدم تحقيق الهدف، فكان - عليه أفضل الصلاة والتسليم - يلتمس نقاط القوة في الصحابة ويدعمها، ويعمل على تنميتها واستثمارها، ويعرف كيف يوظفها حتى يرتقي بالأمة الإسلامية بأقل وقت وجهد، فنجده لم يسند قيادة الجيوش لأبي هريرة - رضي الله عنه - ولم يسند رواية وحفظ الأحاديث لخالد بن الوليد - رضي الله عنه - بل ما حدث هو العكس؛ لأنه يعلم ملكة كل منهما؛ فعمل على تقوية وتعزيز جوانب القوة لديهم - رضوان الله عليهم - ولم يقل نريد تبادل خبرات بين أبي هريرة وخالد بن الوليد، ولم يجبر أحدهما على تعلم مهارة الآخر.

فكم من العظماء في التاريخ العربي كانوا بدون مهارات لغوية، واعتمد تميزهم فقد على حبهم للعلم والدراسة إلى أن بلغوا بعلمهم دول المشرق والمغرب، فكانوا مرجعاً للغرب في بحوثهم، ولم تكن مجرد مراجع بسيطة، بل كانت مراجع خصبة للباحث الغربي ومنبعاً للمعارف يروي به رمقه.

إنا لسنا ضد فكرة التطوير، بل أنا ضد أن نحمَّل ما لا طاقة لنا به، تحت شعار (هكذا يقتضي النظام الجديد) {لاَ يُكَلِّفُ اللّه نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، فربما بهذه الطريقة قد نكون نرمي بالعوائق أمام طالب قد يكون هو الثروة الحقيقية لوطنه. إذن، لا بد من وضع استراتيجية ومنهجية لشروط القبول في برامج الدراسات العليا، تستوعب جميع الفئات؛ حتى لا يفقد الطالب مهارة التواصل مع أهدافه، بل ربما ترك الهدف المنشود مع أول اصطدام له بمثل هذا العائق لمجرد أنه يصعب عليه التعامل معه.

رجوع

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة