Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 09/06/2013 Issue 14864 14864 الأحد 30 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

بسبب التضخم في صناعة التنقيب وانخفاض الإنتاجية
ارتفاع تكاليف الاستثمار أضعف أداء صناعة النفط الخام في جوانب العرض

رجوع

ارتفاع تكاليف الاستثمار أضعف أداء صناعة النفط الخام في جوانب العرض

د. محمد عبد الجبار

بصرف النظر عن الأثر الإيجابي لارتفاع أسعار النفط على التدفقات النقدية، فإن جزءاً كبيراً من زيادة الاستثمارات العالمية في صناعة التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما يعزى إلى ارتفاع تكاليف الوحدات، ولولا الابتكارات وتطور المعارف والتقنيات، لكانت ضغوط التكلفة أقوى بكثير .. وارتفاع التكاليف يزيد من مخاطر الاستثمار، ويمكن أن يطيل فترات الوصول إلى مرحلة الإنتاج.. وقد أسهم ذلك بشكل واضح في ضعف أداء صناعة النفط الخام فيما يتعلق بالعرض في السنوات القليلة الماضية.

في هذه المقالة يناقش الدكتور محمد عبد الجبار «عضو الجمعية السعودية لاقتصاديات الطاقة» منحنى تكلفة إمدادات النفط وما يمكن أن تقدمه التقنيات وكفاءات العمليات والتميز المؤسسي في مقابل المزايا الهائلة لتكلفة إنتاج النفط المنخفضة التي تنعم بها الشركات المنتجة العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي.

لم ترتفع إمدادات السوائل النفطية التقليدية من خارج أوبك رغم ارتفاع أسعار النفط من نحو 24 دولارا للبرميل في عام 2001 إلى ما يقرب من 111 دولارا للبرميل في عام 2011، أي بمعدل زيادة سنوية قدرها 16.3%. وفي الوقت الذي تضاعف فيه إجمالي الإنفاق الرأسمالي أربع مرات تقريبا بين عامي 2001 و 2011، لم يتعد نمو إمدادات السوائل (التقليدية وغير التقليدية) من خارج أوبك ما نسبته 1.2% سنويا خلال نفس الفترة. وبصرف النظر عن الأثر الإيجابي لارتفاع أسعار النفط على التدفقات النقدية، فإن جزءاً كبيراً من زيادة الاستثمارات العالمية في صناعة التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما يعزى إلى ارتفاع تكاليف الوحدات. ولولا الابتكارات وتطور المعارف والتقنيات، لكانت ضغوط التكلفة أقوى بكثير. وهناك تباين كبير في أنحاء العالم في مستوى الاستثمار والنشاط الذي يتم في أي عام للحفاظ على الإنتاج أو زيادته، الأمر الذي يعكس العديد من العوامل ومن بينها تكاليف الاستثمار والإنتاج، فارتفاع التكاليف يزيد من مخاطر الاستثمار، ويمكن أن يطيل فترات الوصول إلى مرحلة الإنتاج وبالتالي ينخفض الإنتاج. وقد ساهم ذلك بشكل واضح في ضعف أداء صناعة النفط الخام فيما يتعلق بالعرض في السنوات القليلة الماضية.

أنواع تكاليف النفط والغاز

تندرج التكاليف المرتبطة بالتنقيب عن النفط والغاز وهبوط معدلات الإنتاج ضمن خمس فئات أساس، هي: تكاليف الاستحواذ الإيجارية - وهي التكاليف المرتبطة بالحصول على عقد إيجار أو امتياز وحقوق التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما، تكاليف الاستكشاف التي تم تكبدها في الأساس قبل اكتشاف الرواسب الهيدروكربونية، وتشمل التكاليف المرتبطة بالجيوفيزياء الزلزالية، والتفسير الجيولوجي والجيوفيزيائي، وأعمال الحفر الاستكشافية بما في ذلك اختبارات الآبار، التكاليف الاستثمارية التي تم تكبدها في مرحلة التحديد والتقييم اللازمة للتعرف على المكمن، الاستثمارات التطويرية، وتشمل: حفر آبار الإنتاج، وآبار الحقن حسبما يلزم، إقامة المنشآت السطحية، مثل شبكة التجميع ومعمل الفصل والمعالجة وصهاريج التخزين ووحدات الضخ والقياس، إنشاء مرافق النقل، مثل خطوط الأنابيب وفرض التحميل، والتكاليف التشغيلية، وتشمل التكاليف المرتبطة بالعمالة والطاقة في الموقع، والنقل، والإصلاح، والمستلزمات، والخدمات اللازمة لتشغيل وصيانة الآبار. وتتباين الأهمية النسبية لهذه الأنواع المختلفة من التكاليف من مشروع لآخر اعتماداً على البيئة، وطبيعة المكمن وسوائله، كما تشمل، في سياق مختلف تماما، أي قيود تعاقدية قد يتم تطبيقها. وترتبط غالبية التكاليف في أي برنامج استكشافي بالحفر. إذ لكل من أعمال الحفر البرية والبحرية خصائصها التقنية الخاصة بها، وهي تختلف بشكل خاص من حيث التكلفة إن لم تختلف من حيث المدة أيضا. فالبئر البحرية تكلف في العادة ما يوازي أربعة أضعاف تكلفة البئر على اليابسة. وحينما تكون الظروف صعبة بشكل خاص، قد تكون التكاليف البحرية أكثر من ذلك بكثير، حيث تزيد عن 10 أضعاف أحيانًا.

تكاليف الدورة الكاملة مقابل التكلفة النقدية

عادة ما يسمى مبلغ فئات النفقات الأربع الأولى بتكاليف العثور والتطوير، فيما تسمى تكاليف الفئة الأخيرة أو الخامسة «التكاليف التشغيلية» بتكاليف الرفع نظراً لأنها المصاريف المرتبطة باستخراج النفط والغاز من المكمن إلى السطح، وفصل النفط من الغاز المرافق. وبعبارة أخرى، فهذه التكاليف هي التي تم تكبدها بعد مرحلة ما قبل الإنتاج، وتعرف أيضًا بالتكاليف النقدية، نظرًا لأنها المصروفات النقدية الفعلية المرتبطة بأعمال الرفع، وهي لا تشمل المصروفات غير النقدية مثل مصروفات استهلاك الأصول التي تم تكبدها خلال الاستكشاف والتطوير. وعادة، ما يسمى مبلغ تكالي ف العثور والتطوير وتكاليف الرفع «بتكاليف الدورة الكاملة». وتعرف تكاليف العثور والتطوير، التي تعرف أيضًا بتكاليف تعويض الاحتياطيات، بأنها تكاليف زيادات النفط (والغاز) من خلال أعمال الاستكشاف والتطوير. ومن الناحية المثالية، يربط المعيار النفقات الرأسمالية على حقل معين بزيادة الاحتياطيات من نفس الحقل. ومن الناحية العملية، يتم قياس تكاليف العثور والتطوير كنسبة مجمعة للمصروفات الرأسمالية مقابل زيادات الاحتياطي خلال فترة زمنية محددة عبر الحقول. وعادة ما يتم إعداد التقارير الخاصة بتكاليف العثور والتطوير من واقع التقارير السنوية الصادرة عن شركات النفط والغاز. ويتم إمساك تقارير/دفاتر بالدولار الأمريكي أو تحويل النتائج إلى دولارات للسماح بالتجميع والمقارنة بين الشركات. ولذلك، فتكاليف العثور والتطوير في الدول غير المتعاملة بالدولار (مثل كندا وروسيا وبحر الشمال، إلخ) تتأثر بتحركات سعر صرف الدولار الأمريكي، حيث يؤدي ضعف الدولار ، على سبيل المثال، إلى ارتفاع تكاليف العثور والتطوير المقدرة بالدولار الأمريكي. فتكلفة العثور والتطوير للبرميل الواحد هي ببساطة التكلفة الرأسمالية المطلوبة للعثور على برميل النفط وتطويره. ويظهر التحليل الذي أجرته شركة بيرنشتين للبحوث على أكبر 50 دولة منتجة للنفط من خارج أوبك (باستثناء دول الاتحاد السوفييتي سابقا) أن متوسط تكلفة العثور والتطوير الخاصة بتعويض الاحتياطيات في الصناعة قد زاد من 6.5 دولار/برميل في عام 2001 إلى 18.5 دولار/برميل في عام 2010. وقد ارتفعت التكلفة بشكل كبير بين عامي 2001 و 2008، ثم انخفضت بشكل حاد بسبب الأزمة المالية العالمية وحالة الركود في عام 2009 قبل أن تبدأ في التعافي عام 2010. ومن الملاحظ أيضا أنالزيادة المستمرة في متوسط النسبة بين أسعار النفط وتكاليف تعويض الاحتياطي، قد ظلت وفقًا لسيتي إنفستمنت ريسيرش آند أنالسيز قريبة من نسبة 3 X (أي سعر النفط = 3 × تكاليف العثور والتطوير) خلال الفترة بين منتصف الثمانينيات ونهاية القرن العشرين قبل أن ترتفع إلى ما متوسطه 3.9 X خلال الفترة من 2001 إلى 2004. وقد استمر تصاعد هذه النسبة في السنوات الأخيرة حيث بلغ متوسطها 4.5 X خلال الفترة من 2005 إلى 2010. ويعزى هذا الأمر إلى سببين رئيسين فيما يبدو، وهما: أولا، ارتفاع المتوسط السائد لضرائب الموارد للبرميل الواحد غير المشمولة في تكاليف العثور والتطوير في هذه الفترة، وثانيا، الحاجة إلى عائدات أكبر لتعويض تقلبات الأسعار التي تواجه المشاريع. لاحظ أن تطبيق قاعدة 3X الخاصة بفترة التسعينيات اليوم يشير إلى ضرورة استقرار الأسعار عند معدل 55-60 دولارا/برميل. ولما كانت تكاليف العثور والتطوير هي الدافع الاقتصادي الأهم لمشاريع التنقيب والإنتاج (حيث يتم إنفاق الاستثمار الرأسمالي مقدما)، فمن غير المستغرب أن ترتبط تكاليف العثور والتطوير بأسعار النفط خلال السنوات العشر الماضية. كما أن المحرك الرئيس لتكلفة إنتاج النفط هو طبيعة وجغرافية المكمن في حد ذاته. ولن تستطيع كل التقنيات وكفاءات العمليات والتميز المؤسسي في العالم أجمع أن تعوض المزايا الهائلة لتكلفة إنتاج النفط التي تتراوح ما بين 2-3 دولار/برميل والتي تنعم بها الشركات المنتجة العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي.

وهذه التكلفة تتراوح في الدول الرئيسية المنتجة في العالم بين 2 و 25 دولارا/برميل. كما نرى كيف يمكن أن تتعرض دول منتجة رئيسية في العالم، مثل كندا، لضغوط هائلة لوقف إنتاج الرمال النفطية إذا انخفض سعر البرميل الواحد عن 25 دولار لفترة طويلة من الوقت. وغني عن القول أن مستوى السعر هذا (25 دولارا/برميل) يبدو منخفضا اليوم ومن المرجح أن يرتفع إلى نحو 30 دولارا/برميل بالنظر إلى الضغوط التضخمية التصاعدية منذ عام 2009.

الاتجاهات في تكلفة إنتاج النفط

زادت تكاليف إنتاج النفط بقوة في السنوات الأخيرة، وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الدورة الكاملة للإمدادات من خارج أوبك (باستثناء دول الاتحاد السوفييتي السابق) قد ارتفعت من نحو 25 دولارا/برميل إلى ما يزيد عن 83 دولارا/برميل في عام 2010، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.2%. وعلاوة على ذلك، تشير البيانات الأولية لعائدات عام 2011 إلى أن تكلفة الدورة الكاملة ستكون على الأرجح في حدود 90 دولارا/برميل أو أكثر. ولم تكن تكلفة الدورة الكاملة هي فقط التي شهدت زيادة سريعة، فقد زادت أيضًا التكلفة النقدية خلال نفس الفترة. وهذا يفسر ، مقارنة بالمسح الذي أجري في ديسمبر 2010، سبب استناد شركات الطاقة في ميزانياتها للتنقيب والإنتاج عام 2012 على متوسط سعر مرتفع للنف ط بلغ 87 دولار/برميل خام غرب تكساس الوسيط و98 دولار/برميل خام برنت. غير أن أكثر من ثلثي المشاركين في المسح أفادوا بإنهم سيخفضون الإنفاق في حال بلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 70 دولارا/برميل في عام 2012.

وتعزى زيادة تكاليف الإنتاج

إلى عاملين رئيسيين:

الأول، التضخم في صناعة التنقيب والإنتاج: يتضح ذلك من ارتفاع مؤشر التكاليف الرأسمالية للتنقيب والإنتاج لشركة آي إتش إس كمبريدج إنرجي ريسيرش أسوسييتس، وهو مؤشر عام يلخص وضع التكاليف في أسواق من عشر مكونات (من الصلب إلى الهندسة) ويستخدم لمراقبة الوضع الراهن لتكلفة الإنتاج والتنقيب العالمية. وقد زاد المؤشر الذي بلغ 100 في عام 2000 بأكثر من الضعف في نهاية عام 2008 حيث بلغ 221. وبعد فترة انخفاض وجيزة في عام 2009، عاد المؤشر إلى الارتفاع في النصف الثاني من عام 2010. ويأتي ذلك من طبيعة التنقيب عن النفط وتطويره، التي تعتمد بشدة على رأس المال والمهارة.

وبسبب الكثافة الرأسمالية لمشاريع التنقيب والإنتاج تصبح هذه المشاريع حساسة للغاية لسعر الفولاذ الذي يرفع بدوره تكاليف أنابيب الحفر، والمنصات، وخطوط الأنابيب وأجهزة الحفر. ومع زيادة أسعار النفط خلال العقد الماضي، زادت أيضًا أسعار النحاس وخام الحديد والألمنيوم وأدت بدورها إلى ارتفاع التكاليف الرأسمالية لمشاريع النفط والغاز في أنحاء العالم. العامل الرئيسي الثاني هو انخفاض الإنتاجية: على الرغم من عدم وجود نقص في النفط على مستوى العالم، فإن الكثير من النفط سهل الاستخراج ومنخفض التكلفة قد نضب. وفيما تتقلص أحجام حقول النفط، تزداد المكامن عمقًا وتصبح أكثر تعقيدًا من الناحية الجيولوجية، ويتحول الإنتاج من المياه الضحلة إلى العميقة. ومناطق الإنتاج الحدودية الجديدة هي أحواض نائية في القطب الشمالي حيث لا تتوفر البنية التحتية وتندر الأيدي العاملة. وتكشف أعمال التنقيب في الأعوام القليلة الماضية عن حقول صغيرة فقط بمعدلات تدفق منخفضة. ووفقا لدراسات وكالة الطاقة الدولية، هناك زهاء 70 ألف حقل نفطي منتج على مستوى العالم، ينتج كل منها أقل من 100 ألف برميل يوميا في الوقت الحاضر. وفي الوقت الذي تمثل فيه هذه الحقول مجتمعة ما يزيد عن 50% من الإنتاج العالمي، فإن غالبية الحقول الكبيرة (من حيث الإنتاج والاحتياطيات) يصل عمرها إلى عدة سنوات، وأحيانا عدة عقود. فقد اكتشف آخر حقل ضمن قائمة أكبر 20 حقل منتج هو حقل أزري- شيراك- قونشلي (في أذربيجان)، عام 1985. جدير بالذكر أن حقل كاشاغان في كازاخستان، الذي تم اكتشافه عام 2000 وأعلن كأكبر حقل نفطي بحري في العالم، لم يبدأ الإنتاج بعد. وهو يعتبر نموذجا لمشاريع التنقيب والإنتاج التي واجهت تأخيرات متكررة وتجاوزات كبيرة في التكاليف.

ورغم تطور التقنية إلا إنها لازالت غير قادرة على تعويض التكاليف التي تنشأ عن بيئات التنقيب والتطوير الصعبة. وهذا يعني أن هناك حاجة إلى مزيد من رأس المال لإنتاج المزيد من النفط، الأمر الذي يؤدي في المقابل إلى ارتفاع تكاليف التنقيب والإنتاج. لقد اقترن تضخم التكاليف بانخفاض إنتاجية البئر الأمر الذي دفع أسعار النفط إلى الارتفاع خلال العقد الماضي. ولمعرفة مقدار الزيادة في تكلفة العثور والتطوير بسبب التضخم، تتم مقارنة الزيادة في مؤشر التكلفة الرأسمالية لشركة آي إتش إس كمبريدج إنرجي ريسيرش أسوسييتس بارتفاع تكلفة تعويض الاحتياطيات، حيث من الواضح أن تضخم التكلفة الرأسمالية للتنقيب والإنتاج لا يمكن أن تمثل وحدها الزيادة في تكاليف استبدال الاحتياطيات. وفي الوقت الذي زادت فيه تكاليف استبدال الاحتياطيات العالمية بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 14 % على مدى السنوات العشر الماضية، ارتفع معدل التضخم الرأسمالي للتنقيب والإنتاج بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 8.5 % خلال نفس الفترة. ولما كان التضخم يمثل أقل من 60 % من الزيادة في تكلفة تعويض الاحتياطيات، فهذا يعني أنه لابد وأن تكون إنتاجية صناعة النفط والغاز قد انخفضت على مدى العقد الماضي. ولحساب الزيادة الملحوظة في تكلفة تعويض الاحتياطيات المعدلة بما يتناسب مع التضخم، فإن إنتاجية صناعة النفط والغاز العالمية لا بد وأن تكون قد انخفضت بنحو 40 % على مدى السنوات العشر الماضية. واستنادًا إلى إحصاءات آبار النفط وإنتاج واحتياطيات النفط حسب الدولة، أظهرت شركة بيرنشتاين للبحوث كيف تغير إنتاج واحتياطيات البئر من النفط في الدول غير الأعضاء في الأوبك (باستثناء الاتحاد السوفييتي السابق). وتشير التقديرات إلى أنه خلال العقد الماضي كان هناك انخفاض ملحوظ في احتياطيات وإنتاج البئر. وإجمالا فقد انخفض إنتاج واحتياطيات البئر من خارج أوبك (باستثناء الاتحاد السوفييتي السابق)، بنسبة 30% على مدى السنوات العشر الماضية، تمشيا مع الانخفاض المتوقع في الإنتاجية. وهذه البيانات تدعم على ما يبدو ما التأكيد بأن إنتاجية الصناعة العالمية آخذة في الانخفاض. وفي الوقت الذي ظل فيه إنتاج البئر في أمريكا الشمالية مستقرًا نوعا ما، انخفض إنتاج البئر في كل من النرويج والمملكة المتحدة بنحو 50?، فيما بلغت نسبة الانخفاض في الصين 40%.

البرميل الحدي والتكلفة

العامل الأساسي في تحديد مستويات أسعار السلع هي تكلفة إنتاج أغلى وحدات السلعة (التكلفة الحدية). وإذا واصلت أسعار تخطيها للتكلفة الحدية للإنتاج، فسيرتفع الاستثمار، وعلى العرض أن يبدأ مواكبة الارتفاع في الطلب. وفي الصناعة النفطية، تلعب الموارد ذات التكلفة الإنتاجية المرتفعة دورًا في هذه العملية. فإذا انخفضت الأسعار عن مستوى التكلفة الحدية، ستنخفض الإنتاجية، بدءا بمناطق الإنتاج الأعلى تكلفة. وقد يشكل الإنتاج في الواقع معضلة. ومن شأن إعادة الإنتاج إلى مستوياته أن يزيد تكلفة وحدات الإنتاج، نظرا لثبات عنصر التكلفة العالية. وعلاوة على ذلك، فمن المهم التأكيد على أن التكلفة الحدية هي التي تحدد أسعار النفط على المدى الطويل. ينظر لأوبك على أنها المنتج المرجح وفي كثير من الأحيان على أنها المورد الحدي. لكن، في ظل خضوع إنتاج أوبك لهيمنة شركات النفط الحكومية التي لا تحركها الأرباح فقط، وفي ظل الصعوبات التي تواجهها أوبك لزيادة إمدادات النفط والتي غالبًا ما تكون صعوبات سياسية وليست جيولوجية، ومع كون الكثير من إنتاج أوبك من النفط منخفض التكلفة بشكل كبير، يبدو من غير الملائم أن نعتبر إنتاج أوبك من النفط حديًا. وكما يتضح من تحليل كريديت سويس في الجدول المقابل، فإن موارد أوبك من النفط في الشرق الأوسط (كما هو الحال في العراق) تظل الأرخص تطويراً. وفي المقابل، يتضمن الإنتاج من خارج أوبك العديد البراميل الحدية التي ستنتج إذا كانت الأسعار مرتفعة، أو تترك جانبا إذا كانت الأسعار منخفضة. تجدر الإشارة إلى أن غالبية الإنتاج من خارج أوبك يأتي من شركات النفط العالمية وقطاعات التنقيب والإنتاج بمشاركة بعض الجهات الحكومية. وقد توصل تحليل كريديت سويس، الذي يستند إلى أكثر من 150 مشروع نمو واضح تم إقراره، إلى منحنى تكلفة إمدادات النفط الموضح في الرسم البياني أعلاه. ويسلط المنحنى الضوء على تكلفة الدورة الكاملة بدءاً من نحو 20 دولار اللبرميل لمقاولات إعادة التطوير في العراق وصولا إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل لبعض مشاريع الرمال النفطية. ونظرًا لأن تكلفة العرض هي التي تمثل سعر النفط المطلوب لتوليد معدل عائدات معقول على دورة حياة المشروع، فقد تم تعليق عدد من مشاريع الرمال النفطية خلال فترة انهيار أسعار النفط لنحو 30 دولارا في المتوسط في الجزء الأخير من عام 2008. واقترنت استجابة العرض بالتعافي التدريجي اذي شهده الطلب لتغيير اتجاه الانخفاض في أسعار النفط، وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة ارتفعت أسعار النفط تدريجيا إلى المستويات الحالية البالغة نحو 125 دولارا/برميل. وكما ذكر آنفا، فقد استمر اتجاه ارتفاع تكلفة إنتاج النفط في عام 2011، وسيستمر على ما يبدو على المدى البعيد. وقد غيرت توقعات كل من إدارة معلومات الطاقة والوكالة الدولية للطاقة منحنى أسعار النفط التصاعدي الخاص بهما لمستوى أعلى من ذلك. وتأخذ تكلفة جلب النفط إلى السوق في الارتفاع على المدى الطويل مع اضطرار شركات النفط إلى اللجوء إلى مصادر أكثر صعوبة وأعلى تكلفة لتعويض الطاقة المفقودة وتلبية الطلب المتزايد.

تعليق ختامي

بعد عام من تسجيل سعر نفط برنت لمستويات صيف 2008 المرتفعة، يبدو التقييم الذي أجري لتحديد منحنى تكلفة إمدادات النفط أكثر ملاءمة من أي وقت مضى لفهم المحرك الأساسي لأسعار النفط. وعلى الرغم من أن الزيادة في السعر كانت بعيدة كل البعد عن المستوى الحدي، كان الاتجاه التصاعدي واضحًا. وفيما لعب عدد من العوامل دورا في تشكيل تحركات الأسعار، كان ارتفاع تكاليف الإنتاج هو العامل الأكثر وضوحا وراء ارتفاع أسعار النفط. ويستخدم منحنى تكلفة إمدادات النفط في حالتين: خلال فترات انخفاض أسعار النفط، ومع تراجع الطلب على وجه الخصوص حيث يوفر منحنى التكلفة أرضية نظرية لأسعار النفط. وفي هاتين الحالتين، يسلط منحنى التكلفة الضوء على التكاليف النقدية (المصروفات التشغيلية) لبرميل الإمدادات الحدي - وهو المستوى الذي يصبح عنده الإنتاج الاقتصادي المستمر للبرميل الحدي هو القرار الرئيس. لكن على الجانب التصاعدي، يتحول تحليل منحنى تكلفة النفط إلى تكلفة الدورة الكاملة لتطوير البرميل الحدي للإمدادات. وبالنظر إلى الظروف الخاصة المحيطة بإنتاج أوبك من النفط فإن براميل الإمدادات الحدية تأتي من منتجين من خارج أوبك يقعون في الجزء العلوي من منحنى التكلفة.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة