Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 15/06/2013 Issue 14870 14870 السبت 06 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في حين يحتاج الطلبة على الأقل إلى 60 دقيقة من النشاطات البدنية كل يوم كما يوصي بذلك المعهد الطبي في واشنطن والذي ظهر تقريره قبل أيام تتقلص حصص النشاط في مدارسنا (أقصد مدارس البنين إذ لا زال الجدل دائراً فيما إذا كان يسمح بذلك في مدارس الفتيات أم لا..؟)، إلى حصة واحدة إسبوعياً، بل

ويتعرض الطلاب إلى التهديد بالألغاء لهذه الحصة كلما خالفوا النظام كما قد تؤخذ الحصة لتغطية بعض حصص الرياضيات أو التحفيظ الناقصة في آخر العام.

أذن الرياضة البدنية فعلاً ليست مكوناً رئيساً من مكونات برنامج اليوم الدراسي في مدارسنا السعودية للأسف رغم أن التقرير المذكور

http://books.nap.edu/openbook.php?record_id=18314الجزيرةpage=R1

يوصي بأن لا يقل النشاط البدني لأطفال الابتدائية عن عشرين دقيقة في اليوم كما لا يجب أن لا يقل عن 45 دقية للمراحل الأعلى، بل إن التقرير يوصي بأن على المدارس المتوسطة والثانوية أن توفر على الأقل ساعة كاملة كنشاطات بدنية قوية مثل لعب كرة القدم أو السباحة أو غيرها من أنشطة جسدية مكثفة وذات جهد بدني عال وذلك لتحفيز عمليات الدماغ ومجابهة ظاهرة السمنة والشره.

وأكد د. هارولد كول أستاذ علم الأوبئة والحركة في جامعة تكساس بأن النشاطات البدنية يجب أن تكون أولوية لكل المدارس حتى يتحقق تعلم صحيح وهل نختلف عن ذلك ونحن نردد منذ صغرنا (العقل السليم في الجسم السليم) فماذا حدث لنا خلال هذه السنين العجاف؟.

التقرير يؤكد أيضاً على ضرورة استمرارية هذه الأنشطة خلال العطل وخاصة العطلة الصيفية التي تتميز بطولها.. وبالطبع فإن هناك جدلاً تربوياً واسعاً حول العطل الصيفية وتأثيرها في تعلم الأطفال ومهاراتهم المختلفة وقد تعرضت لذلك من قبل في عدد من مقالاتي: أنظر:

. //2008/20080726/ar9.htm

http://www.m-aqdah.com/vb/showthread.php?t=1953

لكن ما أود مناقشته هنا هو هذا الفراغ الكبير الذي تعج به حياة أطفالنا ومراهقينا سواء خلال العام الدراسي ومنذ لحظة مغادرتهم وقت الظهيرة المدرسة بعد يوم مقفل داخل العلب الصفية المخصصة لحشو معلومات متناثرة مؤقتة (يمزقها) الطالب لحظة خروجه من غرفة الامتحانات أو بعد انقضاء العام الدراسي وبدء مواسم الإجازات المدرسية الطويلة التي هي فعليا أكثر من أربعة أشهر حين نحسب فيها أيام المراجعات والاختبارات النهائية التي لا تشغل إلا ساعة تقريباً في جدول اليوم.

ما الذي يحدث لملايين من الأطفال السعوديين بعد مغاردتهم المدرسة الساعة الواحدة والنصف؟ ستجد الطوابير أمام محلات الأكل السريع ثم بعدها إلى غرفهم وملاحق البيت غارقين في أجهزتهم وألعابهم الإلكترونية ماشاء لهم الزمن وإذا كانت هناك أم متابعة فستجبرهم على الدراسة لساعة أو أكثر وأقل يعودون بعدها إلى أجهزتهم وألعابهم وقد ينامون عليها دون أن يدري بهم أحد.

أية حياة جافة هي هذه الحياة المنعزلة عن النفس وعن الآخرين والطبيعة والعالم من حولهم تعيشها أجيالنا القادمة ولا تعرف العالم إلا من خلال عوالم افتراضية غير حقيقية لا يستطيعون منها فكاكا ويضيقون ويضجرون ويشعرون بالحرج والقلق لو تم فصلهم عنها لدقائق (جرب سحب الجوال وأنت في استراحة مع الأهل من هؤلاء المراهقات اللاتي يقضين وقتهن ورؤسهن مغروسة في جولاتهن وأتصور الحال هي نفسها مع البنين في جهة الرجال).

أول أسباب هذا الانشغال الهائل بالتكنلوجيا من قبل أطفالنا وشبابنا هو غياب المدرسة كمؤسسة متكالمة تقدم التعليم والتربية والحياة. منذ بدء التعليم في المملكة ومدارسنا تقوم على فرضيات مغرقة في البساطة تتبني مبدأ انتقال التعليم من الكتاب حيث يصطف الطلبة على بساط بدائي ويقف المطوع بعصاه الغليظة يحفظهم القرآن فانتقل الكتاب إلى مدرسة اليوم بصف مكتظ يقف أمامه معلم (متوسط الكفاءة) يحفظهم حقائق متعددة ثم يجبرهم في نهاية العام على اجتراراها لكنه لم يعلمهم أن لهذه المعارف والمعلومات أية علاقة بحياتهم وعالمهم أو أن المدرسة هي عالم متكامل من اكتشاف المعرفة والتفاعل مع المحيطين من بشر ومواد والوصول إلى اللحظة التي يسميها علماء التربية (أها مومينت) وترجمتها لحظة دهشة اكتشاف المعرفة.

مدارسنا مجرد صندوق معلب بممرات طويلة فيها غرف تسمي فصولاً دراسية يحتجز الطلاب فيها لعدد معين من ساعات النهار حتى يفرج الله لهم بالخروج بعد صلاة الظهر للعودة إلى منازلهم حتى مساء الغد وهكذا تستمر الحياة المدرسية التقليدية متواترة يوماً بعد يوم دون أن يحقق المتعلمون تقدما في عقلهم أو أرواحهم. هل كانت المدرسة مكاناً للرياضة، للفن، للمسرح لتنمية المهارات الحيايتة ورعاية البيئة، هل احتلت المدرسة كما هي المدارس في كل مكان في العالم دوراً أساسياً في حياة الطالب بعد نهاية الدوام المدرسي من خلال الأنشطة الرياضية والفنية والعلمية والمسابقات والأنشطة المتنوعة رياضية وفنية وصحية وبيئية بما يحقق تمازجاً حقيقياً بين البيئة المحلية ممثلة بالأهالي ومؤسسات المجتمع المختلفة وبين المدرسة كمؤسسة مجتمعية حاضنة وموجهة وتدير كل هذه الأنشطة بما يملأ حياة هؤلاء الأطفال والمراهقين ويحرك أجسادهم ويبعدهم عن غرفهم المغلقة وجوالاتهم وكمبيوتراتهم؟.. كيف تنظر الوزارة لهذه الأنشطة وهل توفر لها موازنات كافية لأدارتها بدل أن تستخدمها كديكور للتظاهر بفوز طالب في مسابقة مجهولة أو ظهور اسمها في أحد المنتديات راعية لأنشطة مظهرية لا تحقق نمواً فعلياً لكل الطلاب دون استئناء. ما هو الخطأ بالضبط في نظامنا التعليمي فيما يخص موقفها من الأنشطة اللاصفية؟.. هل جربتم نظاماً تعليما مختلفاً حتى نعرف الفرق؟.. هل هي أزمة نظام تعليمي أم أزمة مجتمع لا يعرف ماذا يريد من صغاره ولا يملك رؤية مستقبلية واضحة حول ما يريد منهم فتركهم لذرات رياح المعلمين يوجهونهم أينما شاؤوا ليخرج هولاء الأطفال المستوحشين عن أنفسهم ومن حولهم ثم نصرخ بعد أن يسقط بعضهم ويتفجر رأسه لنصرخ في دهشة ووجل؟.. ماذا حدث ولماذا.. لقد بذلنا كل جهد؟.. فهل فعلنا حقاً أم أننا كنا نتوهم أننا نفعل؟.

كيف تنظر مدارسنا إلى الرياضة والأنشطة اللاصفية المصاحبة..؟
د. فوزية البكر

د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة