Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 16/06/2013 Issue 14871 14871 الأحد 07 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

منذ عهود وعقود؛ ومدينتي الجميلة (الطائف)، تحتل مرتبة متقدمة في مراتب جمال المدن وفتنتها.. كانت في بداياتها قبل ظهور الإسلام؛ بستاناً لمكة المكرمة، ومصيفاً ومنتجعاً ومتربعاً لسكانها، وكانت في عصريها الجاهلي والإسلامي، محجّة ثقافية وأدبية واقتصادية، يأتيها في موسمها

العكاظي السنوي حتى سنة 129هـ؛ أرباب الشعر، وأهل الأدب والتجارة، وحكماء الناس وشرفاؤهم وفرسانهم. يضربون إليها آباط إبلهم، من أنحاء الجزيرة العربية كافة، ومن فارس والحبشة والشام، ثم ما لبثت أن أصبحت محط عناية الدولة السعودية الثالثة، تطويراً وتعميراً وتجميلاً وتنمية، منذ أن جعلها الملك عبد العزيز آل سعود - طيَّب الله ثراه -، مصطافاً له ولحكومته عدة أشهر من كل عام، فكانت على مر تاريخها وأزمانها، هي (وجّ).. حيث رمزية أعنابها وفواكهها النادرة، وهي (مدينة الورد)، حيث التفرُّد بالزهر، وإنتاج العطر المميّز، وهي (مدينة السلام)، التي تمنح قاصديها فرصة الوفاق والوئام، فسجلها حافل بمحطات تاريخية بارزة على مستويات عربية وإسلامية ودولية، وكانت وما زالت؛ عروس المصايف، التي تحفل على الدوام؛ بقيم زمانية ومكانية وإنسانية، تتوّج عرسها في حياة الناس الذين يعرفون ماذا تعني لهم طبيعتها الخلابة، وأجواؤها الجذابة، وتاريخها العريق، وتراثها الزاخر بكل تليد مجيد.

* ثم يسأل (بعضهم): لماذا الطائف..؟!

* لماذا فازت الطائف مؤخراً؛ على عدة مدن عربية تسابقت على لقب: (عاصمة المصايف العربية للعام 2013م)، ففازت الطائف وتصدّرت، وأصبحت بجدارتها أول عاصمة للمصايف العربية..؟

* ليس مما يزيد الطائف وأهلها فخراً؛ الانتقاص من هذه المدينة العربية أو تلك، ولكن كل المدن العربية الست التي سابقت على لقب عاصمة المصايف العربية، كانت مؤهلة ومحقة وجديرة، وتصدّرت الطائف.. المدينة السعودية؛ لأنها مؤهّلة ومحقّة وجديرة كذلك بهذا الفوز.

* فازت الطائف.. لأنها تتكئ على إرث حضاري وتاريخي وثقافي ضارب بجذوره لآلاف السنين.

* فازت الطائف.. لأنها سوق عكاظ التاريخي والأدبي؛ الذي لم يتكرر في أي مدينة عربية منذ ظهوره قبل البعثة النبوية بعدة عقود، ثم هاهو يعود اليوم، بثوب حيوي معاصر، ليمثل أدب العرب وحضارتها وثقافتها من جديد.

* فازت الطائف.. لأنها مهد لحضارة سادت وما بادت، ففيها إلى اليوم، مئات القرى والحصون التاريخية، وفيها عشرات السدود الأموية، والمساجد الإسلامية، والنقوش الحجرية، وفي هذا دلالة على الخصب والنماء والعطاء، الذي كانت الطائف وما زالت عليه إلى يوم الناس هذا.

* فازت الطائف.. لأنها بجوار البيت العتيق، الذي لا يفصلها عنه سوى عشرات الكيلات، حيث كان الربط الجغرافي، والمزج الديني والحضاري بين السهوب التهامية، والشماريخ الحجازية، يكمل بعضه بعضاً في خدمة الحجيج إلى قيام الساعة.

* فازت الطائف.. لأنها تعيش اليوم مرحلة تحوُّل مهمة في تاريخها، فيكفي أن نعرف أنّ أكثر من ثلاثين مليار ريال، تُضخ اليوم في مشاريع عملاقة للطرق والميادين والشوارع والجسور والأنفاق والحدائق وغيرها. العروس اليوم؛ تعيش مرحلة بعث تنموي لم تشهده من قبل، فهي ورشة عمل كبرى، تتطلّب من مصطافيها وأبنائها، مزيد الصبر، حتى تؤتي أكلها، فتكتمل في بنية خدمية مريحة دون شك.

* فازت الطائف.. لأنها توفّرت على إرادة تطوير عليا من الدولة رعاها الله؛ بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -، فتضافرت الجهود من جهاتها الإدارية والخدمية الكثيرة، من المحافظة، والأمانة، والهيئة العامة للسياحة والآثار، وخلافها، بإشراف ومتابعة من إمارة المنطقة.

* فازت الطائف.. وحازت أول لقب في هذا المضمار، لأنّ ملفها الذي دخل حلبة السباق في العاصمة البحرينية المنامة، كان مخدوماً بشكل جيد ومدروس، فقد التقت عند صياغته؛ محافظة الطائف، والأمانة، وفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف. الشكر هنا لكل هؤلاء الذين خدموا هذا الملف، فتوّجوا بذلك مدينتهم.

* شهدت مؤتمر إعلان الطائف عاصمة المصايف العربية لعام 2013م، الذي تم في الطائف قبل أسبوعين، برئاسة محافظ الطائف فهد بن عبد العزيز بن معمّر، وحضور رئيس المنظمة العربية للسياحة الدكتور بندر الفهيد، وأمين محافظة الطائف المهندس محمد المخرّج، والمدير التنفيذي للسياحة بالطائف طارق خان، ومما قلت في المؤتمر: إنّ هذا الفوز الجميل، يُحمِّل الطائف أعباء جديدة، وله استحقاقات كبيرة، من أجل أن تثبت أنها جديرة باللقب، وأنها كبيرة بما تملك من إرث حضاري وتراثي وثقافي، وحتى تحافظ على هذا اللقب في أعوام قادمة، فلا بد أن تخطو إلى الأمام، بحيث تبرز مكنوزها التاريخي والحضاري أكثر وأكثر، وأن تضعه على خارطة الاستثمار بشكل مدروس، وأن تجري المزيد من التحديث والتجديد في بنيتها الخدمية، حتى تحافظ على جاذبيتها.

* إنّ لكل نجاح فرحة واعتزاز، وله إلى جانب ذلك متطلّبات واستحقاقات تالية، ونجاح الطائف ووصولها إلى ريادة وقيادة المصايف العربية لعام 2013م، له ثمن باهظ يأتي لاحقاً، وهو في المزيد من التطوير والنماء، وفي نفض الغبار عن آثار الطائف الكثيرة والمهمة، وإبرازها لأبناء الطائف، ولمحبيه من كافة أبناء المملكة والوطن العربي، الذين توّجوا الطائف عاصمة للجمال والحب والسلام، في أشعارهم الكثيرة، وفي غنائياتهم الشجية، منذ عهود وعقود مضت.

* من جماليات الطائف، أنّ 260 شاعراً عربياً؛ كتبوا فيها ولها، قرابة عشرة آلاف بيت شعر، وأنّ 150 صوتاً غنائياً عربياً وتركياً وإسبانياً؛ تغنّوا في جمالها على أشجى الألحان وأعذبها. هذا لم يتحقق لأيّ مدينة عربية غير الطائف، الذي يستكثر البعض عليها هذه المكانة المرموقة.

* أوَ تسألوني بعد ذلك: (لماذا الطائف)..؟!!

H.salmi@al-jazirah.com.sa
assahmhm@gmail.com

لمَاذا (الطائف)..؟
حمّاد بن حامد السالمي

حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة