Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 17/06/2013 Issue 14872 14872 الأثنين 08 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* حرضني على كتابة حديث اليوم تقرير وثائقي ممتع جداً ومفيد نشرته صحيفة (الاقتصادية) في ثلاثة أعداد متتابعة، بدْءاً من العدد (6195) الصادر بتاريخ 18-10-1431هـ الموافق 27-9-2010م بعنوان (عبدالرحمن السبيعي.. ودور التجّار في ملحمة التأسيس).

* وقد سلّط التقرير الضوء على واحد من الرجال ذوي الحظوة الخاصة لدى المؤسس الخالد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيَّب الله ثراه، هو العم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السبيعي - رحمه الله-، وقد وصفه تقرير (الاقتصادية) سالف الذكر بأنه ((.. من أبرز مشاهير أهل نجد في زمنه.. الذين وقفوا وساندوا الملك عبدالعزيز في مهمته التوحيدية التأسيسية لهذا الوطن..)).

* لقد شرفت بلقاء الشيخ السبيعي أكثر من مرة في مطلع صباي بدءاً بالطائف ثم جدة، لكن تقرير (الاقتصادية) زادني به معرفة، وازددت به إعجاباً وتقديراً.

* وأود أن أدون عبر ما بقي من هذا الحديث وقفات موجزة تمثِّل قطوفاً من ذكريات يختزنها الخاطر عن ذلك الرجل الفذ، فأقول:

أولاً:

* عُُرِفَ الشيخ السبيعي بذكاء لافت، وبديهية لاذعة، وشجاعة في التعبير عمّا في نفسه مما لا يرى بداً من الحديث عنه، فإن كان له ما أراد وإلاّ التزم الصمت الذكي ليزدادَ محدّثُه هيبةً له تردعه عن الكلام!

ثانياً:

* كان أنيسَ الحضور، مؤْنساً لمن حوله، ولذا، أحبّه الكثيرون، أمراءً كانوا أو وجهاءً أو أفراداً عاديين، وكان يمزج بذكاء بين السخرية المستترة والفكاهة العفوية العابرة!

ثالثاً:

* كان - رحمه الله- يقرأ بنهم معظم ما يقع بين يديه من صحف ومجلات وكتب، وكان يستعين بالكِتَاب حين يمتلئ مجلسه بأصحاب القروض التي سلّموها له لتمويل بعض جهود المؤسس العظيم لتوحيد هذا الكيان الخالد، وكان السبيعي يومئذٍ المسئولَ عن بيت مال شقراء، وكان الدائنون يفدون إلى داره يلتمسُون تسديدَ حقوقهم، ولمّا كان يتعذر عليه فعلُ ذلك وفق ما يتمنون لعدم توفر السيولة المالية الكافية، فقد وجد في ظلال (الكتاب) ملاذاً آمناً من سهام أبصارهم وألسنتهم، مما يضطر بعضهم إلى الانصراف ملَلاً، الواحد تلو الآخر، ثم يلتفت السبيعي من خلف كتابه إلى جليسه المجاور له دون أن يرى الآخرون وجهه أو يسمعوا صوته، فيسأل هامساً: (بقي منهم أحد) فإذا أجاب الجليس بـ(نعم) رد السبيعي بجملة ذهبت في الورى مثلاً، حين يقول (زد له صفحة)، يقصد أنه سيمضي في القراءة حتى ينصرف آخر زائر!

رابعاً:

* كان يحب ابن خاله وهو سيدي الوالد محمد بن عبدالله السدحان طيَّب الله ثراه، وكان يتوق لمجلسه وأحاديثه، ويتقاسم معه الشغف بالقراءة، وأذكر أن الشيخ السبيعي كان أحياناً يضيق ذرعاً بكثرة (المراجعين) والزوار في داره في جِدّه، فيستقل سيارته متجهاً إلى منزلنا، ويستقبله سيدي الوالد بحفاوة خاصة، ثم يلقي جانباً ما يعمر رأسه من لباس، قبل أن يأخذ مكانه في صدر المجلس إلى جانب والدي، فيتبادلان الحديث تارة، وأخرى ينصرفان إلى قراءة الصحف والمجلات المتاحة، وفي الوقت ذاته، يأمرني سيدي الوالد بتقديم القهوة والشاي لضيفه العزيز فأسارع إلى إحضار القهوة أولاً، وأظل واقفاً بين يدي العم السبيعي أملاً في أن يحتسي قدح القهوة أو الشاي، لكنه من فرط كلفه بالقراءة ينسَى ذلك، حتى ينبهه سيدي الوالد، ليطلب المزيد وتمضي معاناة وقوفي على قدمين نحيلتين فترةً غير قصيرة وأنا أحمل إناء القهوة أو الشاي، متطلعاً إلى سماع كلمة (بسّ) إيذاناً لي بالانصراف!

وبعد..،

* فرحم الله الشيخ عبدالرحمن السبيعي، فقد عاش نجماً ساطعاً تُشدُّ إليه الرحال، ومات عفيفاً تسكن محبتُه القلوب!

الرئة الثالثة
العم عبدالرحمن السبيعي.. (سفير المحبة) في القلوب!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة