Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 21/06/2013 Issue 14876 14876 الجمعة 12 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مفاهيم الشعوب تبقى متوازنة عبر الأجيال، تمر عليها آلاف السنين وما تزال، لكنها قد تتهذب مع مرور الوقت وتتحسن أو قد تشوبها شوائب طبقاً للبيئة والمؤثرات الأخرى. ومع ذلك فلا يمكن للفرد إلا أن يقرأ تلك البصمات في سلوك الأقوام وتصرفاتهم، ويلاحظ ذلك في مواقفهم السياسية، وتصرفاتهم مع ذاتهم ومع غيرهم، وفي مجتمعهم وفي داخل المجتمعات الأخرى.

ولو نحينا السياسة والسلوك الاجتماعي جانباً، لأنها تحمل في طَيَّاتها الكثير من الدهاليز المتشعبة، الصعبة المسالك، لكان أجدى بنا أن نتحدث عن مفاهيم أخرى بعيدة كل البعد عن ذلك.

فمفاهيم الغذاء عند الصينيين له طابع خاص، فقد اعتقد الصينيون القدماء أنَّ جغرافية الأرض ذات أثر ملموس على صحة الإنسان من خلال الهواء، والرياح، والتربة، والتضاريس، ومن ثم الغذاء الذي يمكن أن ينتج في ظل هذه الظروف فيتناوله الإنسان فيؤثر على صحته، ولهذا فقد قسموا الصين إلى مناطق طبقاً لجغرافيتها، وهي كما يلي:

- الصينيون في الشرق: يعيشون بجانب المحيط، ويأكلون الكثير من الملح والسمك، وهم يعتقدون أن السمك ولحوم البحر تسبب حرقاناً داخلياً، وأن الملح يؤثر على القلب، وهي عوامل مساعدة على الإصابة بالسرطان.

- الصينيون في الجنوب: يعيشون في أرض تفتقر إلى الشمس والندى، ويقتاتون على أطعمة حامضة ومتخثرة، ولهذا فهم يعانون من أمراض المفاصل والتنميل.

- الصينيون في الوسط: يعيشون بعيدًا عن البحر، وأرضهم خصبة، ويمكنهم الحصول على الطعام دون عناء شديد، ويتعرضون للأمراض المتعاقبة كالبرد والحمَى.

- الصينيون في الغرب: يعيشون فوق الصخور، وأرضهم خصبة، وطعامهم جيد، وأجسامهم قوية وصحية، ولديهم مقاومة كبيرة للأمراض.

- الصينيون في الشمال: يعيشون في الجبال، وتغلب منتجات الحليب على أغذيتهم، وهم يتعرضون إلى كثير من التيارات الهوائية الباردة، لذلك فهم يعانون الكثير من الأمراض.

ذكرت بعض المراجع في عصر أسرة “تشو” التي حكمت الصين قبل الميلاد أن الطعام الحامض يعطي نتائجاً علاجية جيدة في فصل الربيع، والطعام المر يفعل ذلك في فصل الصيف، أما الطعام الحار فيكون علاجاً في فصل الخريف، بينما الطعام المالح تظهر نتائجه في فصل الشتاء.

في دراسة قام بها “هوا شو” عام 1361 ميلادية، بيَّن ما يلي: إذا كان جسم الإنسان باردًا وشرب المرء شراباً باردًا فإنَّ ذلك يؤثر على الرئة، كما أوضح أن الغضب، والحزن، والكحول، والتفكير المضني، تسبب أمراض القلب، أما الأكل والشرب الزائدان عن الحاجة فيؤثران على الطحال.

وفي الختام، هل ما زالت هذه المفاهيم الغذائية قائمة أم أنها تغيرت بتغير العلوم الحديثة، وأصبحت علوماً تراثية نتسلى بالكتابة عنها وليس للبناء عليها؟

قد تكون هذه أو تلك، لكنها ستظل مجدًا كبيرًا قام به أجداد الصينيين الذين يبنون اليوم حضارة حديثة، كما بنوا حضارات من قبل.

نوازع
مفاهيم صينية
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة