Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 25/06/2013 Issue 14880 14880 الثلاثاء 16 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

القصيمي ظاهرة صوتية، ولكن بلا معنى:

أول مقطع من قصيدة (رسالة إلى عبدالله القصيمي) لسليمان بن عبدالعزيز العتيق من حائل المنشورة بملحق هذه الجريدة في 23-12-1433هـ:

[واقفٌ في مُنحنَى التِّيه بأبواب الهوى.

والأعاصيرُ نشيجٌ وصياحٌ وجوى.

قَلِقٌ والريحُ ضجَّت ثورةً.

بين جنبيْكَ وذئبٌ قد عوى.

وبعيْنَيكَ تنزَّتْ دمعةٌ.

شفَّها الحزنُ إذا الحزن استوى

* * *

وبكفَّيك كؤوس أُتْرِعتْ.

بجراح المُتْعبينْ.

وبدمع الحائرين.

وسهادِ المُثقلين.

بعذابات دروب الشك والحيرة..

والغبن الدفين ].

قال أبوعبدالرحمن: يهمني الآن المضمون، وأما الأداء الفني فقد تكون له مناسبة إذا ما مَسَّت الحاجة إلى الاستعجال به، ومما أُعَجِّلُ بإبدائه ههنا أن شعر التفعيلة هروبٌ من الفضول والحشو الذي يفرضه تتمَّة تفعيلات البحر قبل الانتهاء إلى القافية، وأنه ــ أي شعر التفعيلة ــ استراحة من أجل فواتح الفكر واللفتة الوجيزة المُوحِية؛ تخلُّصاً من رتابة قوالب البحر التي تفرض تعبئتَها كيفما كان.. وهذا المطلع جُمَلٌ نثرية مُباشرة سردية من مبتدإٍ وخبر، وَسَعَةٌ في تكرار المعاني أو تَقَارُبِها.. وهذا الداء هو الذي أحوجنا إلى الاستراحة في أجواء شعر التفعيلة، إلا أن تفعيلة الأستاذ العتيق عَمَّقتْ عيوب الشعر العمودي ولم تهرب منها.. انظر هذا التكرار أو التقارب في الهوى والجوى والنشيج والصياح والدمع والريح والأعاصير!!.. ثم أي جوى وهوى عند القصيمي، وأي ذئب عوى بين جنبيه؟!.. إنني أعرف القصيمي عن كثبٍ إدمانَ قراءة، ومعاشرةً تجاوزت ستة أشهر في (جاردن سيتي) بالقاهرة المحروسة لا يكاد يفارقني ولو ليلةً واحدة؛ فما كانت له (ليلى) يُغَنِّي عليها، ولا قال قط: (هات عينيك تِسْرَحْ في دُنْيتهم عِنيّْا)، ومَن هذا شأنه فالعاشق عنده هو (الفنَّان المتمزِّق)!!.. أي لا يصلح لتحمُّل ما هو عند القصيمي رسالةٌ.. أي رسالة اصطناعِ النُّواح.. وقيمة الحداثة الإيحاء كالتعبير بالصورة؛ فأين الإيحاء في هذه الجمل النثرية؟!.. والريح والأعاصير مثلاً إذا أريد منها الإيحاء فلا يكون إيحاؤها بوصفها بأنها صياح أو ضجيج.. والصحة اللغوية بِنْيَةٌ كيانية تحفظ معقولية الأداء؛ فجملة (شفها الحزن) خبر عن الماضي حصلتْ بشرط لم يحصل بعد، وهو الجملة المستقبلية بدلالة (إذا) في قوله: (إذا الحزن استوى)، وهو شرط فضولي؛ لأن الحزن لا يَشِفُّ ذويه إلا بعد استوائه وتمكُّنه.. وانتهى المقطع الأول وسميته مقطعاً؛ لأنه وَصْفٌ سردي ادِّعائي للمناخ الذي يعيشه القصيمي، وما بعده جعلته مقطعاً ثانياً؛ لأنه بداية العطاء من القصيمي بتأثير المناخ الذي يعيشه، ولا حرج على شاعرنا أن ينتقل من قفلة (فأعلن -5--5) إلى قفلة (فإعلان -5--55)؛ لأن الكوبليه لحنياً أخذ الاستقرار الكافي الذي يُرضي ذائقة السمع؛ ولكن المُواتاة الفنية تقتضي أن تكون قفلة (فاعلان) بابتداء أو ل شطر في المقطع الثاني لا بابتداء الشطر الثاني.. وبعض تنظيري لا يُرضي بعضَ مناهج التخريب الحداثي؛ لأن (هُوِيّة شعرٍ) تقتضي كلَّ القِيمِ الجمالية، وصفة (حداثة) تقتضي المفاجأة بكل إبداع فني وفكري، والفكر أهم العناصر الفعَّالة التي يكون بها تفجير الدلالة، وشفافية الإيحاء، ولكن القيمة الجمالية تنشد غناء فكرياً إن تخلَّف الغناء بليلى.. والحداثة بكل جلالها وجمالها لا تكون كذلك إلا بالصدق الخلقي بلا تزييف؛ فالصورة بشفافية إيحائها ودقة رمزيتها إذا تحدَّدتْ دلالتها وتعيَّنتْ: فإنه يتحقق بذلك الجمال الفني، ويبقى عنصر الجلال ــ باللام لا بالميم ــ مرهوناً بتحقيق الصدق الخُلُقي، وليس في المقطع الثاني أدنى شيئ من هذا الصدق، وهذه الصورة الساذَجة النثرية الحسية (وبكفيكَ كؤوس أُتْرِعتْ) تعني ما خطَّه قلم القصيمي في طروسه، وليس فيها جروح ولا دموع ولا سُهاد ينؤ به القصيمي عطفاً ورحمة بالمتعبين الحائرين المثقلين.. وإنما فيها ابتلاء المؤمنين الموقنين بأن يُغَيِّبوا يقين العقل وشواهد الله في الطبيعة المحسوسة المُنتجِةَ البراهينَ الفالجة؛ لتبتلعهم مهاوي الشك؛ فترمي بهم في التِّيه؛ فيكون سهادهم هم لا سهاد القصيمي، وجروحهم ودموعهم هم لا القصيمي؛ لأن القصيمي لم يطرح بديلاً يرسون عليه آمنين.. وهذه الجمل النثرية غير موفَّقة بالمستوى اللغوي المباشر؛ فاللائق بالمتُعب وصف غير الجرح، واللائق بالحائر وصف غير الدمع، واللائق بالمثقل ــ وهو والمتعب في دائرة واحدة ــ الاستراحة لا السهاد؛ لأن السهاد للساري.. ولن أتجنَّى على الشاعر فأجحد لمسات فنية في المقاطع الأخيرة، ولكن ليتها سلمت من المقاطع الأولى التي تجعل النتائج معاكسة المُقَدِّمات التي ينبغي أن تكون منتجة.. وإذاقلنا (القصيمي ظاهرة صوتية، وله كتاب كبير ينتقد فيه هذه الظاهرة) فلأن كتبه فيما بعد (هذه الأغلال) استدرارٌ لنواح الآمنين ودموعهم عن طريق الترغيب في تغييب الحقائق ببراهينها.. وإذاقلنا (بلا معنى)؛ فلأنه يُحَرِّك نُواح الآخرين بالنَّخَرَ ــ بفتح النون المشدَّدة المعجمة،وفتح الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة ــ، وهو مَدُّ الصوت والنفس من الخياشيم؛ فيأتي أنغاماً مضطربة؛ وسِرُّ ذلك أنه يَنْظر بعينٍ واحدة إلى الفكر السوفسطائي المغيِّب الحقائق، وأسرف في عَرْضِه بإسهاب وإطناب.. وتَرَكَ الفكر الأعلى الذي لم يُسقط براهين العقل الجمالي من الآفاق والأنفس وتجارب البشر.. وآية ذلك أنك تقرأ ثلاثين صفحة من كتاب من كتبه فتوجزها مع بحبحة العرض في أسطر لا تتجاوز صفحةاحدة؛ لأن تلك الصفحات هذر يستخفُّ بعقل القارئ، ويُضيِّع وقته بإسهاب وإطناب يُردِّد المعنى نفسَه بفصِّه ونصِّه، ويردِّده بجمل مرادفة.. وهذا المعنى دعاوى يجعلها براهين،وهي دعاوى (اللاأدريه) ولا يوثِّقها.. ويجعل (عدم العلم الكيفيِّ بالمغيَّب) علماً بعدم المُغَيَّب، ويُسْقط ما ليس بغائب من مدارك العقل، ويسقط وقائع العلم المادي القائمة على وقائع كانت قبل ذلك من الغيب.. وكل هذره اصطناع نواحٍ وحيرة؛ ليوقع غيره في (اللاأدريه)؛ ليجلب لهم النُّواح وشتاتَ الحيرة.. وهو عندما لا يضع البديل في اصطناع الحيرة المسرِفة ينادي صراحة بأنه لا حقائق في الوجود، ويكابر عقول البشر في خضوعها لما لا أول له كالزمان السرمدي، وما لانهاية له كالأعداد.. وهو يتعامى جَسارةً وعناداً عن واحديَّة القصد، وواحدية التدبير، وواحدية العَظَمة، وكلِّ كمالٍ صدر عنه ما في الكون من عظمة وحكمة ولُطْفٍ.. وكل ذلك الذي تعامَى عنه يُرْوِي عطش العقل في تصوُّره ما لا بداية له ولا نهاية من عماء السرمدية غير الفاعلة، وسرمدية العدد اللانهائي.. يُرْوي عطشه بحتمية في فطرته تؤمن بأول بلا بداية فعَّال لما يريد بواحديته في كل كمال وتنزُّه، وأنه الآخر لا شيئ بعده لأنه الحي الباقي الدائم المحصي الأعداد في الوجود.. وحسبي أن أذكر الآن نموذجاً واحداً من آلاف النماذج للظاهرة الصوتية بلا معنى من كتابه (هذا الكون ما ضميره)؛ فقد أسهب بعشرات الصفحات بأساليب إنشائية مكرَّرة لا يقبلها نظام فكري، وتُحيلها مُتغيِّرات الواقع وثوابته؛ فإذا أوجزتها وحدتها تدور على أن ((كل شيئ في الكون عبث كذب)، ومن يريد أن يتعاطف معه؛ لينال عدوى السُّمعة والشعبية فلن يقوى على سلوكٍ أو تعبير لا يجعله سخرية؛ لأنه من ناحية الوجود فالصدق والحكمة وجود في نظام الطبيعة وقُوى العقل المدرِك، والكذب والعبث موجود في تفكير وسلوك كثير من البشر.. وإن كان القصيمي يريد الحكم فيما هو موجود بأنه كله كذب وعبث فهو لم يُحِلْ إلى معيار يُثبت هذه الدعوى أو ينفيها؛ فيكون من السهولة أن يقول الآخر: (كل قول للقصيمي، وكل تفكير للقصيمي، وكل سلوك للقصيمي: عبث وكذب)؛ فما الفاصل إذن بين الدعويين؟!.. ثم هو يتظاهر بمعايير هي الكذب والعبث بعينه؛ فهو يُثْني على الصدق بلا قيود.. والواقع أن الصدق مُكبَّلٌ بالقيود؛ لأنه لا يكون صدقاً إلا عن علمٍ بالواقع بلا تغييب ولا افتراء، وعن نزاهة وصراحة مع النس، وعن تحرُّرٍ من أهواء النفس؛ ولهذا كان الصدق مُرّْاً ولكنَّ عقباه حميدة.. وكلمة (بلا قيود) لا تُعْقَل إلا في دعوى (الحرية المطلقة)؛ ولا وجود لهذا الإطلاق، فكل تحرَّر من شيئ فهو استجابة لشيئ آخر بقيدٍ وثيق؛ إذن قول القصيمي (بلاقيود) هو العبث والكذب؛ فهو يَرُدُّ أحكامه مِن حيث لا يشعر إلى الكذب والعبث.. إن القصيمي بسلوك حُرٍّ غير مسؤول يمنح نفسه سعةَ التعبير بلا برهان، وبما يرفضه البرهان والواقع العملي.. وإنَّ حريةً بلا قيود تكون هي الصدق الذي يتغنَّى به القصيمي مع أنها دعوى مُحالة في تصوِّر الذكي والبليد والعالم والعامي مِمَّا هَو مُشاهَدٌ في الطبيعة، بل هو اعتسافُ سلوكٍ غير متصوَّر الحكم عليه؛ لأن وَصْفَه بأنه (بلا قيود) هو العبث والعدمية واقعاً، وهو الكذب حُكْماً وتصوُّراً حتمياً.. إن الحرية للفكر قبل السلوك، وهي حُرِيَّة مُقيَّدة بقوى الفكر التي تنتج مدى الإدراك،وهي مُقيَّدة بما اكتسبه العقل من ضرورات العلم بنظام رياضي.. وأيُّ ضرورة من ضرورات الفكر إذا غفل عنها بطلت نتائجه كالذي يضرب ويجمع ويطرح لو غفل عن رقم أو صِفْرٍ على اليمين بطلت عمليتة الحسابية؛ إذن العقل بهذه القيود الفطرية الضرورية (سنة الله الكونية) حُرٌّ من مُسَلَّمات غير ملسمات ضروراته، وهو يتأمَّل أموراً لم سبق له العلم بها؛ فيستنتج ويُقارن ويستدلُّ؛ فإذا انتهى إلى ضرورة جديدة (أي نتيجة التجرِبة بسلامة شروطها) انتهت حريته في تلك القضية، واضطرَّه التصوُّر إلى التزام ما لا يتصور بعدَ تجرِبته واقعيةَ غيرِه؛ فالحرية بلا قيود دعوةٌ إلى ما يستحيل تصوره من جمع أو رفعٍ للنقيضين، أو جمعٍ بين الضدين؛ فإذا ادعيتَ بمنطق (حرية بلا قيود) أن هذا الشيئ موجود وغير موجود في آن واحد: فذلك هو العدمية التي تنفي بعض الدعوى الذي هو (موجود).. ولا يُسوِّغ تردادَه نُواح (اللاأدريه وتغييبَ براهينِ العلم: أنه عُومل بعنجهية وبتخلُّف الرفق والسياسة معه لمَّا وقع في حيرة القضاء والقدر؛ لأن المفكِّر الصادق مع نفسه لا يكون صدقه على جُرُف هار؛ لأنه يطلب الحق من براهين العلم، ولا يرتدُّ من سؤ تصرُّف بعض المنتسبين إلى العلم، ولي مع بقية قصيدة الأستاذ العتيق جولتان في بقية هذه الأحاسيس إن شاء الله،وأرجو الله أن لا أبخسه أدنى حسنة فنية أو فكرية.

* * *

المرموزُ له المُتَعَيِّن: من أبسط النماذج في الأدب التراثي ما يُسَمَّى في بديع البلاغة العربية (توجيهاً) لا يحتمل غير وجهين كخيَّاط أعور خاط لبشار بن برد قباء؛ فأقسم بشار على أن يقول فيه شعراً لا يعلم الناس أنه مديح أو هجاء، ثم قال:

خاطَ لي عمروٌ قباءْ ليت عينيه سواء

قال أبوعبدالرحمن: إن كان المعاصرُ بشاراً رأى القِباء، وأنه لا عيب فيه، وأنه مُشْبِعٌ رغبةَ بشار فالبيت مديح؛ إذْ تمنى أن تكون عيناه سلميتن.. وإن كان في القباء عيب، وأحسُّ من بشار أنه غير راض عنه فالبيت هجاء؛ إذْ تمنى أن تكون العين السليمة كالعوراء.. ولكن ما حالنا نحن المعاصرين ما دمنا لا نعلم شيئاً عن قباء بشار، ومدى رضاه به؟!.. إن حالنا بكل تأكيد أن البيت هجاء؛ لأن الشعر يقصد وضوح المدح بلا احتمال ينغِّصه.. وأما قلب كافوريات المتنبي إلى هجاء فهي في وقتها مديح لزعيم له هيبة ومنه خطر، وليس خيَّاط بشار كذلك ّ.

* * *

متى تتعين السَّلَفِيَّة:

قال أبوعبدالرحمن: إذا قال جمهور الصحابة رضي الله عنهم في الأحكام بقولٍ، ولم يُعرف لهم مخالف منهم رضي الله عنهم ــ وعدم العلم بالمخالف ههنا استقراء حاصر يساوي العلم بالعدم ــ فلا تنبغي مخالفتهم؛ لأنهم في جملتهم أعلم بالنصوص؛ لأن أهل الرواية منهم معروفون محصورون، وهم أعلم بمقاصد الشرع ودلالته.. وإن اختلفوا فلا بد من الاجتهاد بالترجيح، أو بقولٍ آخر يَظهر للمجتهد بيانُ برهانه؛ فإن لم يظهر له برهان لزمه الترجيح.. فإن كان قول جمهورهم الذي لا مخالف له عن مغيَّب يوم القيامة، ولم يقم البرهان على أنهم أخذوه من أهل الكتاب: لزِم أن لا نتعدَّى قولهم؛ لأنه لا مسرح للاجتهاد في بلاغهم، وهم معايشون التنزيل؛ فهم أعلم بمراده.. وإن كان القول اجتهاداً منهم فبعيد أن لا يكون عن تمكُّنهم من معرفة الدلالة (مع أنه حَمْله على المرفوع إلى الشرع المُطَّر أولى؛ لأنه لا مسرح للاجتهاد في علم الغيب)، وإن كان المغيَّب مما يقع في الدنيا فنسير على تفسيرهم له إذا لم يُعرف لهم مخالف منهم؛ فإذا وقع المغيِّب أصبح التفسير مشاهدةً حسية مُقَدَّمة، وأصبح قولهم اجتهاداً في الاستنباط مثل تغيير خلق الله الذي وقع بقباحة الجنس الثالث وتغيير خلقهم بالهرمونات، وتعطُّل الذَّكَرِ بأدوات العصر الحديثة، وحصول شهوة النساء.. ومثل ذلك {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }النحل 8 ، وهو عِوَض عن الزينة والركوب كوسائل المواصلات المعاصرة؛ فنجعلها من ضمن ما أخبر الله به، ولا يحق لنا أن نخمِّن ونفسِّر ذلك بما يُحتمل من تغيير وخلق.. وكل ما خالف فطرة الله كالجينات فهو من تغيير خلق الله، ولم يقم برهان بعد على أن هذه الجينات تحيا وتتوالد.. ومن تغيير خلق الله، تحوُّل المطرب الأمريكي الزنجي الأسود مايكل جاكسون بعمليات جراحية إلى بياض قبيح كبياض الرخام، وقد مات بسبب ذلك.

* حكمة الشعر:

[ هيَّا نُرَتِّب هذه..

الزهور.

في ذاك الإناء الجميل.

ما دام ليس عندنا رز ].

قال أبوعبدالرحمن: هو بهذه الترجمة نثر عادي لا نشعر بجماله الفني عند اليابانيين.. والذي نفهمه في أمثال أهل نجد: السواليف ولا البيع الردي!!.

** ولم تكن نبوةٌ مُكْتَسَبَةْ

ولو رقى في الخير أعلى عَقَبَةْ

بل ذاك فضل الله يؤتيهِ لمنْ

يشاءُ جلَّ اللهُ واهب المِنَنْ

برهان الدين إبراهيم بن هارون اللقاني (ــ 1041هـ)

*** للهِ تدبيرٌ محتَّمُ القضاءْ

كالموت والمآلِ خيراً أو شقاءْ

فذاك كونيٌّ محقَّق يَقَعْ

وليس للمخلوق فيه متَّسَعْ

ولا عقابَ فيه يُجْزى أو ثواب

إلا الرضا بالحكم في أم الكتابْ

والعبدُ ذو الحرية الكونيةِ

تجاه دينٍ واجبِ الشرْعيةِ

لكنه يُجْزى على اختيارِهِ

والتركُ حُوبُهُ على اقتدارِهِ

أبوعبدالرحمن الظاهري.

*أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب

وفيضي آبار تكرور تِبراً

أنا إن عشت لست أعدم قوتاً

وإذامت لست أعدم قبراً

القاضي الجرجاني.

** قال الفقيه إسماعيل بن علي بن حسين البغدادي المأموني المعروف بابن الرفاء في تصوير حرص ابن آدم:

دليل على حرص ابن آدم أنه

ويبسطها عند الممات إشارة

ترى كفَّه مضمومةً وقت وضعهِ

إلى صِفْرها بعد جمعهِ

قال أبوعبدالرحمن: في بعض الأساطير أن يد اليهودي أول ما يَخْرُج منه، وتخرج مبسوطة، ويموت وهي مقبوضة بعكس هذه الصورة.. وهي أبلغ في وصف ماديَّتهم، وجشعهم، ودناءتهم.. إن المولود يُولد باكياً مقبوض الكف؛ فإذا مات فتحها.. وعلل الناس ذلك بأنه إشارة إلى حرص الإنسان حياً، وأنه خرج من الدنيا بغير شيئ.

*** وقال شاعر آخر:

وفي قبض كف الطفل عند وِلادِه

وفي بسطها عند الممات إشارة

دليل على الحرص المركَّب في الحيِّ

ألا فانظروني قد خرجتُ بلا شيئِ

* لِما تُؤْذن الدنيا به من صروفها

وإلا فما يبكيه منها وإنها

إذا أبصر الدنيا استهلَّ كأنه

يكون بكاء الطفل ساعة يُولدُ

لأوسع مما كان فيه وأرغدُ

بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ

** كتم اللسانُ عليك فاستَمَعَتْ

وكذا عقولُ ذوي العقول على

قد كنتُ تُبْتُ من الهجاء فإن

فطنٌ لما جمجمتَ مُستمِعة

أسرار أهل الجهل مُطَّلِعة

شاء اللئام أعدتُها جَذِعة

ابن الرومي: ديوانه 4-133، تحقيق عبد[رب] الأمير مهنا الطبعة الأولى -1411.

قال أبوعبدالرحمن:الجَمْجَمة عدم الإفصاح، وهذا شعرٌ فكريٌّ مَنَحَ الهجاءَ جمالاً.

* * *

التاريخ عِلمٌ:

أرسطو مثلاً يربط المعرفة التاريخية بمظاهر الذاكرة، ويرى أن التعرُّف التاريخي يُـخْلي مكانَهُ للشعر؛ فهو أقرب إليه منه إلى العلم.. وفرانسيس بيكون (الذي يخالف أرسطو) يجعل التعرُّفَ التاريخي خارجَ العلم وتفسيرِه؛ على أنه نوع من الفن،وأنه نظام سياسي أخلاقي مساعد لا يثير أي اعتراضات.. قال راكيتوف: وقد ظل هذا التفسير سارياً مدة طويلة من الزمن، وفي القرن التاسع عشر فقط حُقِّقت مسألة إمكانية العلم التاريخي، وظهرت حلول جديدة.. المعرفة التاريخية ص 110 لأناتولي راكيتوف،وهو كاتب ماركسي.

قال أبوعبدالرحمن: التاريخ وقائع منها السياسيُّ والحضاري والعلمي والأدبي؛ فهو موضوع لكل المعارف البشرية.. وبعد ذلك فالتاريخ ذو أصول ومنطق؛ فهو حقل علمي قائم بنفسه، والزعم بأن التاريخ أقرب إلى الشعر بمقابل العلم إنما يكون عندما يكون همُّ المؤرِّخ والقارئ المسامرة بكل نادرة بدون اعتناء بالنقد والتحليل والتفسير والاستنباط والتأصيل.

* * *

لكلِّ فِرْقةٍ ثلاثة أئمة:

تقديس العقول المطلق، وتحميلها فوق ما في وسعها في الإدراك، والخبال في النفس، والخبال من استحواذ الشيطان بدعوى الذوق والكشف، وسهولة الإيمان بالمنامات والحكايات والأحاديث الموضوعة، وأَسْر الإلف والعادة والبيئة، وتصدُّر من لا يخافون الله بدعاوى الولاية وكَشْف الحجب والأبدال والأغواث والكرامات التي أحوال شيطانية أو إنسية كالتساكر بالأفيون، وتوليد الأحاديث الموضوعة والأخبار المصنوعة؛ من أجل الجاه وأكل الخبز الخبيث، والبعد عن صريح القرآن الكريم وصحيح السنة وصريحها بالتأويل المدحوضِ بدلالتي التصحيح والترجيح، واختراق المسلمين بالمتأسلمين تقيَّة وهم ملاحدة حاقدون على الأمة ودينها من الإمبراطوريات الوثنية ثأراً لملكها الزائل وباطلها الزاهق، وكلُّ كيد أهل الكتاب، ومخالفة وصية الله بالاعتصام بشرعه وعدم التفرق، وغلبة الأهواء والشهوات والشبهات، وحبِّ الزعامة في المناصب الدينية، والحمية للإلف وتقليد المذهب وما عليه الإرث: كل ذلك جعل أمتنا أحزاباً وشيعاً متناحرة؛ حتى أصبح أهل الحق طائفة واحدة لا يضرها من خذلها إلى يوم القيامة.. ومن الظواهر المؤلمة أنْ تَرَك الناسُ تحقيقَ مسائل العقيدة عند مَن جعلوهم أئمة لهم من أتباع السلف أهل الحديث في الفقه وأصول الفقه كمالك والشافعي وسفيان بن عيينة ومن يحكي خلافهم وإجماعهم أمثال: ابن المنذر، والمجتهدين المتآخرين كابن جرير وابن عبدالبر رحمهم الله تعالى، وجعلوا لهم أئمة في التوحيد دينهم توليد الأفكار، وجعلوا لهم شيوخاً في طرق الرقص الصوفي؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.

* * *

شيئ من السياسة الشرعية:

قال الإمام أبومحمد ابن حزم رحمه الله في كتابه المفقود عن سياسة الحكم ــ كما في الشهب اللامعة لابن رضوان ــ: (ويلزم الإمام إلا يبحث عن شَيئٍ من الحدود كلها أصلاً إلا أن يُجاهر بها صاحبها، أو يُشتكي إليه بفعل شَيئٍ منها؛ فأي هذين الوجهين كان لزمه السؤال عن ذلك، والإرسال إليه كإرسال النبي- صلى الله عليه وسلم-إلى المرأة، وسؤاله عليه السلام عن زِنى الذي كان عسيفاً على الآخر؛ إذْ شُكِي إليه عليه السلام أمرهما).

قال أبوعبدالرحمن: جمعتْ هذه السياسة الكريمة بين الحرص على عِصْمة عَلَنِ المسلمين، والحرصِ على السِّتر والمنع من التجسُّسِ على عورات المسلمين،وعدم تعطيل التَّتبُّع لما ظهر للإمام من بلاغ العدول عن ظهور بعض الرذائل؛ لأن الغفلة عن تَتَبُّع ذلك بداية الإخلال بعصمة العَلن، وإلى لقاء قريب عاجل إن شاء الله، والله المستعان.

- عفا الله عنه -

أحاسيسُ مُتَدَفِّقةٌ غيرُ مُضْطَرِبةٍ: ( 3 - 5 )
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة