Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 25/06/2013 Issue 14880 14880 الثلاثاء 16 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

الحضارة، المدنية، الثقافة، مصطلحات متجددة، يواجهها أبناء هذا العصر بتساؤلات متعددة، حول مفاهيم هذه المصطلحات، وارتباط بعضها ببعض، ومع ذلك كله، دعوني أتحدث عن المدنية على وجه الخصوص، فهذا المصطلح يختلف مفهومه في الوقت الراهن عن ذي قبل، حيث لم تعد الحضارة تقتصر على عيش الناس في الحاضرة كما كانت عليه في السابق، أصبحت الآن تحمل مفهوماً أكثر شمولية، فأنت لا يمكن أن تكون متحضرا في هذا العصر ما لم تكن تعيش الحياة المدنية بمفهومها الحديث، والحياة المدنية تعني أن تعيش هذا العصر بكل ما فيه من وسائل وأساليب ابتكرها الإنسان لتحقيق الرفاه لنفسه، وكذلك أن تتفاعل مع المعطيات الحديثة التي ارتبطت بهذا العصر “عصر العولمة” التي أعتقد أنها بدأت تتشكل منذ اللحظة الأولى التي بدأنا نستخدم فيها وسائل الحياة المدنية العصرية الحديثة، ففي اللحظة التي بدأ فيها الإنسان يستخدم إشارات المرور وهو يقود سيارته الخاصة، هو بذلك بدأ في التأقلم مع الحياة المدنية المرتبطة بالخطوات الأولى للعولمة لأن إشارات المرور لغة عالمية، وليست خاصة بلغة ما أو دين أو ملة من الملل، ثم تطور الحال، إلى أن سكن الإنسان البيوت الحديثة التي تحولت - في كل دول العالم - من بيوت الطين والأكواخ والعشش، إلى البيوت التي تبنى بالخرسانة والأسمنت، وبعدها أصبح يشاهد برامج التلفزيون، ثم تطور استخدامه لأماكن النظافة مثل دورات المياه التي كانت قبل أقل من قرن من الزمان لدينا يضطرون إلى الذهاب للخلاء لقضاء الحاجة ولم يكن هناك غرف متخصصة بهذا الشأن داخل المنازل، صحيح أن جزءاً من هذه الأساليب الحضارية كانت موجودة في بعض العصور والحضارات السابقة، ولدى طبقة معينة من أبنائها - أقصد دورات المياه - على وجه التحديد لكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من تطور، وهذه نماذج من الاستخدامات الحديثة، فقد بتنا نحن العرب - مستهلكين - للدرجة التي أصبحنا فيها نستخدم كل مستورد، من الحمام الإفرنجي إلى الملابس الداخلية الخاصة بالنساء، إلى الاستخدامات الأخرى المرتبطة بكل ما يتعلق بالنظافة والزينة، إلى أن وصلنا للأكل والشرب وما صاحب ذلك، والأمر يتجاوزه إلى علاقتنا بالتعاملات المالية، حيث إنه ليس هناك رجل يعيش على وجه الأرض في الوقت الحالي وله معاملات مالية لا يتعامل مع البنوك بكل نظامها الرأسمالي “الربوي” عدا قلة من البشر، البوهيميين الذين تمكنوا من اعتزال الحياةالعيش على الهامش وعلى حساب الآخرين، والآخرين هؤلاء يتعاملون مع البنوك أيضاً.

إذن دعوني أضع قاعدة ربما لا تروق للبعض (أنت مدني إذن أنت ليبرالي) ربما يقول البعض ما علاقة هذا بذاك وما الذي حشر الليبرالية في الموضوع؟

أقول: الحياة الحديثة لا تقتصر على إجبار الإنسان على التعامل مع وسائل التقنية الحديثة فقط وإنما أيضاً تدخل في الجوانب الفكرية والأيديولوجية، وهي لن تتوقف على التعامل مع البنوك الربوية، التي يحرم تعاملاتها ديننا الإسلامي الحنيف، بل إنها ستتجاوز ذلك إلى جوانب كثيرة في حياتنا، لذا نجد أن هناك بعض الشيوخ الذين يجدون المخرج الفقهي للبنوك في التعامل مع الربا، هم أنفسهم الذين كانوا يحرمون التصوير الفوتوغرافي وحتى التلفزيوني وأصبحوا الآن أكثر شراهة وإقبالاً على التصوير بشقيه، وهم أنفسهم الذين وقفوا ضد تعليم المرأة ثم أصبحوا أكثر من يسارع إلى ذلك، وهم أنفسهم الذين كانوا يحرمون عمل المرأة في مكان مختلط تحريماً للاختلاط أصبحوا يجيزون ذلك، وهم مضطرون الآن أن يصبحوا ليبراليين في تعاملاتهم مع البنوك لأنها تطبق النظام الرأسمالي، وهو بالمناسبة نظام ليبرالي، فدعونا نعيش الواقع بكل ما فيه من تغيرات.

k.khodare@gmail.com
كاتب وإعلامي

مدني = ليبرالي
خالد الخضري

خالد الخضري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة