Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 27/06/2013 Issue 14882 14882 الخميس 18 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

أستوقفني ما كتبه الصديق الأستاذ الدكتور فالح العجمي في زاويته (رؤية) المنشورة في المجلة الثقافية يوم الخميس 4 شعبان 1434 العدد 410، وكان عنواناها (انثربولوجية الدعاء)، وهو عنوان كبير يصلح أن يكون موضوع كتاب أو بحث طويل، قال الدكتور «فقد سمعت بعض الأدعية منذ نزولي من الطائرة في مطار أبها من مثل: «الله يستر عليكم!»؛ «ربنا يسترك يا ولدي!»؛ «يا رب سترك!». تساءلت بداخلي: لماذا يركزون في دعائهم على طلب الستر لهم من الرب، ويظنون مكافآت الآخرين في أعلى مراتبها، إذا طلبوا لهم سترًا في الدعاء؟

لم أحظ بإجابات مقنعة من تأملي في القرائن، التي تحيط بظروف نشأة تلك الأدعية، ولم تسعفني خلفياتي في التداولية في معرفة ما يمكن أن يكون قد دعاهم إلى اختيار ذلك النوع من الطلب من الرب. فهو لديه خيرات كثيرة، وأنواع متعددة مما يمكنه أن يرسله إلى من طلبه منه؛ فهو لديه الرحمة والمغفرة والعفو والقوة والعزة، وصفات أخرى كثيرة يمكنه أن يمنح منها شيئًا يسيرًا لعباده الطالبين منه بالدعاء».

إنّ الأمر أوضح من أن تعجز التداولية عن حله، وهي التي تعنى بلفظ المتكلم الذي يتجاوز به حرفيته، فالدعاء بالستر ليس يراد به ظاهر اللفظ، إذ الستر مطلب اجتماعي، وربما كان من أهم موجهات السلوك الاجتماعي، فقد يستدين الفقير ليقوم بواجب الضيافة طلبًا للستر، وبالستر عُبر عن الكفاف الذي يدفع عن المرء صفة الفقر التي لا يحب أن يعلم بها أحد، فيقول إن سئل عن حاله «الحال مستورة» أي حال فقر يستر أمره عن الناس، وطلب الستر من أسباب تزويج البنات مبكرًا، حتى الابتلاء تواصوا بالاستتار معه فقالوا «إذا بليتم فاستتروا»، والمصيبة إذا حلت بالمرء علم أمرها وصارت على كل لسان وهو أمر يتحاماه الناس ويكرهونه؛ ولذلك يطلبون الستر، ومن هنا صار الستر قرين السلامة، وطلب الستر طلب للسلامة من الأذى أو من ألسنة الناس وحديثهم، فالذين دعوا بالستر للقادم بالسفر لا يريدون أكثر من الدعاء بالسلامة، كذلك من يقول وهو يتوقع مخوفًا أو خطرًا (الله يستر) أي الله يسلم ويحفظ، ومن هذا العبارة الانفعالية التي ذكرها الدكتور وهي «يا ساتر!» نطلقها عند الرعب والشدة، أي يا حافظ يا مسلّم.

وأما كثرة سماعها في تلك المنطقة فمرده للوازم المتداولة في تلك البيئة، فالأدعية جزء من نظام التواصل الاجتماعي المعتاد بلوازمه الموروثة، فأنت تسمع من أهل الرياض الأصليين الدعاء (الله يحييك)، وفي حائل (يا بعد حيّ) وفي بيئات أخرى تسمع (الله يعافيك)، (جزاك الله خير).

وقال الدكتور في ختام كلامه «وبعد تأمل طويل توصلت إلى مقارنة تلك العبارة بما لدى البراهيمية من إشارة إلى قول الرب بكلمة «سترا»، فهل هي مما دخل إلى الثقافة الإسلامية من خلال الدعاء الشعبي؟»، وهذا كلام غامض لا يصح أن يكون نتاج تأمل طويل، إذ لم يفصح عن معنى اللفظ، وإنما المعوّل على المعنى، أما التشابه اللفظي فلا يعوّل عليه، وكيف يدخل لفظ للثقافة الإسلامية من خلال الدعاء الشعبي سوى ما هو شعبي أي عربيّ. والفعل ستر ومشتقاته عربي متداول في البيئات العربية وطلب الستر من الخطر والعيب مطلب من أهم مطالبهم.

مداخلات لغوية
يا ساتر
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أبو أوس إبراهيم الشمسان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة