Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 29/06/2013 Issue 14884 14884 السبت 20 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بعض الناس أول ما يشعر به عندما تخطر على باله كلمة (التغيير) هو الخوف والقلق والتعب والحيرة والانتقال من وضع الاستقرار الذي مضى عليه سنوات وسنوات إلى وضع جديد قد يكون أفضل، وقد يكون أسوء. وهذا كله يعتمد بشكل كبير على مرحلة ما قبل التغيير والتي عادة ما تكون مرحلة مضطربة، فالإنسان يعتقد في

داخله أن وضعه غير صحيح وأن التغيير مهم وضروري، إلا أن الاستقرار الذي يعيشه يجعله يتقبل ما يجده من وضع سيء، كما تجعله يقتنع بأن الاستقرار المرتبط بالوضع السيئ أفضل من احتمال وجود وضع أفضل وغير مستقر.

وعادة ما يحرص المجتمع على مقاومة التغيير ووضع تكلفة تقديرية عالية لمن يدعو له مع إبراز النواحي السلبية وتضخيمها، وفي المقابل تحجيم النواحي الإيجابية والتقليل من شأنها وعدم إبرازها مع ووضع نسب ضعيفة لها، والبعض الآخر يرحب بالتغيير ولكنه لا يرغب أن يساهم فيه فهو يريد أن يتغير كل شيء من حوله نحو الأفضل ويبقى هو كما هو متناسياً أنه هو جزء من التغيير وأنه لن يحدث أي تغيير منشود إن لم يتغير هو.

لن يكون قرار تغيير الإجازة الأسبوعية هو التغيير الوحيد الذي يحدث في حياتنا اليومية، فقد كانت هناك العديد من التغييرات السابقة وستكون هناك العديد من التغييرات اللاحقة، فالتغيير هو سنة الحياة ولا يمكن أن تظل الحياة جامدة من دون تغيير خصوصاً وإن كان الهدف من التغيير مصلحة ومنفعة المجتمع وفق الضوابط الشرعية.

عادة ما يكون أثر التغيير أعمق وأكبر إذا لمس أمر تعود الناس عليه فترة طويلة أو نشأت عليه أجيال متعاقبة وبالتالي فإنه يواجه مقاومة أكبر. وهذا ما حدث في تغيير الإجازة الأسبوعية، فالناس اعتادوا على الخميس والجمعة كإجازة أسبوعية منذ عشرات السنين ولم يكن أحد يتخيل أن يتم تغييرها، وحتى بعد أن غيرت دول الخليج إجازاتها قبل سنوات عدة تمسكنا نحن بيومي الخميس والجمعة اعتقاداً من البعض أنه لا يمكن أن نغير هذا الأمر فقد اعتدنا عليه، كما حرص البعض على مقاومة هذا التغيير من خلال ربط الموضوع ببعض النواحي الشرعية رغبة في عدم التغيير، وقاوم البعض الآخر التغيير باعتباره تطبيعاً مع إسرائيل بصفة خاصة والغرب بصفة عامة، وآخرون قدموا حججاً تؤكد أن الإجازة السابقة لم تؤثر على مجريات العمل لكبرى الشركات العالمية أو البنوك والمؤسسات المالية فلماذا التغيير؟، ومع ذلك لم تقف كل تلك الأمور عائقاً في إن يتم التغيير، بعد أن ثبت أن فيها خيراً وصلاحاً للمجتمع خصوصاً من الناحية الاقتصادية.

تغيير الإجازة الأسبوعية جدد الثقة في مكانة مجلس الشورى والدور الذي يقوم به من خلال طرح المقترحات والأفكار التي تساهم في تنمية الوطن وتهدف إلى تحقيق الرخاء للمواطن، كما أن سرعة إصدار الأمر الملكي بعد تلك التوصيات والتي تم مناقشتها في المجلس في أبريل الماضي أي قبل حوالي شهرين فقط، مع الأخذ في الحسبان أن التوصيات نفسها عرضت قبل عامين على المجلس ولم يتم اعتمادها، إضافة إلى سرعة إنفاذ الأمر الملكي والذي سيتم تطبيقه الأسبوع القادم.

إن لكل تغيير ثمناً ويختلف ذلك الثمن تبعاً لمستوى التغيير المستهدف، فهناك تغيرات تحتاج إلى ثمن باهظ وهناك تغييرات تحتاج إلى ثمن زهيد، وهناك تغييرات لا تحتاج إلى ثمن ولا تساوي شيئاً ومع ذلك لا تتم، ولكن في المقابل يجب على المجتمع أن يتكيف مع أي تغيير يكون موافقاً لضوابطنا الشرعية ويسهم في مصلحة مجتمعنا وألا نقف عائقاً أمام أي دعوى للتغيير إن وجدنا فيها منفعة أو مصلحة لمجتمعنا، فما كان يمكن تأجيله في السابق لم يعد يمكن تأجيله اليوم، وما يشهده العالم من حولنا من تغييرات تكاد تكون على مدار الساعة تؤكد أن تغيير الإجازة الأسبوعية لن يكون آخر التغييرات بل سيكون هناك المزيد.

طبيعة التغيير... الإجازة الأسبوعية نموذجاً
د. إبراهيم محمد باداود

د. إبراهيم محمد باداود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة