Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 01/07/2013 Issue 14886 14886 الأثنين 22 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

(هولند) عامل نيبالي يعد القهوة في الدائرة التي أعمل بها، كنت كلما أدلف إلى مطبخه الصغير لأعد لنفسي قهوتي الخاصة أجده في إغفاءته المعتادة كل صباح، سألته من باب الفضول: ألا تنام بما فيه الكفاية؟ أجابني بأنه لا ينام سوى خمس ساعات في اليوم! ثم روى لي جدول عمله اليومي. يبدأ عمله الرسمي مع شركة الصيانة في الساعة السابعة صباحاً وحتى الثالثة عصراً. بعد ذلك ينطلق إلى عمله الإضافي في سوق تجاري كعامل نظافة من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة الثانية عشرة مساء. يقبض من عمله الرسمي في الشهر (400) ريال فقط بالإضافة إلى السكن في غرفة صغيرة محشورة بغيره من العمال الآخرين. وفي عمله الإضافي يقبض في الشهر (1000) ريال!

ما الذي يمكن فهمه من قصة (هولند) ومثله بالآلاف في بلادنا؟

لا يعنيني الحديث هنا عن الجانب الاقتصادي والتحويلات المالية الهائلة الخارجة من البلد سنويا رغم أهمية هذا الجانب. لكنني أنظر إلى الجانب الإنساني أولاً في اضطرار عامل إلى الكدح طيلة اليوم لتأمين حياة كريمة له ولأسرته وهذا هو سبب غربته ومجيئه للعمل في بلادنا، لكن الراتب الذي تعاقد للعمل معه لا يكفي لتسديد ثمن غربته! فهو يضطر إلى العمل الإضافي - غير القانوني - لتتحقق معه المعادلة المنطقية في قدومه للعمل وتحسين أوضاعه المعيشية!

(هولند) وغيره من العمالة التي تستقدم للعمل إلى المملكة براتب لا يتجاوز ( 400) ريال، هي عمالة نضعها من حيث ندري أو لا ندري في مفترق الطرق، إما الكدح في أكثر من وظيفة ومخالفة النظام في العمل خارج إطار عقد العمل أو اللجوء إلى الوسائل الإجرامية المختلفة كالسرقة والاختلاس والتكسب غير المشروع. وصباح كل يوم تنشر الصحف قضايا أمنية أبطالها عمالة أجنبية، ولا أود ان يفهم من حديثي أي إشارة مهينة ضد العمالة، بل العكس من ذلك، فنموذج (هولند) العامل البسيط الذي خالف نظام العمل كان يسعى ويكد دون أن يتسبب في إخلال أمني أو أخلاقي بالمجتمع. ومثل (هولند) كثيرون، لكن أمن المجتمع يحتم ان يتوفر الحد الأدنى من الراتب الذي يحقق للعامل الاستقرار النفسي ولا يجعله فريسة للعصابات الإجرامية، وحتى لا يختل أمن المجتمع من جراء استغلال - بعض التجار - للظروف المعيشية للعمالة وفرض رواتب غير منطقية لا يمكن فهمها إلا من باب الجشع واستغلال حاجات البشر.

بقي الإشارة إلى أن الحملة التصحيحية لأوضاع العمالة التي تقودها جهات حكومية متعددة، هي ذات هدف نبيل في القضاء على تجارة التأشيرات وما ينتج عنها من عمالة سائبة تبحث عن العمل في الشوارع، لكن الشيء الذي لم ينظر إليه، أن مثل (هولند) من العمالة التي لا يكفيها الراتب المتعاقد عليه مع شركات الصيانة، والتي سيقفل عليها باب العمل الإضافي، سنضعها في مأزق آخر، ونضع مجتمعنا بأكمله في امتحان أخلاق وأمانة العمالة!

Tmadi777@hotmail.com
almadi_turki@

إغفاء عامل.. وأمن مجتمع
تركي إبراهيم الماضي

تركي إبراهيم الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة