Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 04/07/2013 Issue 14889 14889 الخميس 25 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

بين التفاوض والمقاطعة
ياسر حجازي

رجوع

ياسر حجازي

لكلّ لائحة تشريعيّة-تنظيميّة علّةٌ هي سببُ نشوئها، وعلّةُ لائحة انتخابات الأندية (الأدبية) هو النادي نفسه، والمشار إليه -تعريفاً- في نص المادة الثانية من اللائحة الأولى: (النادي الأدبي هو مؤسسة ذات شخصيه اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً، وتُعنى بالأدب والثقافة)، أمّا (مخطوطة) اللائحة التي رفعتها الوكالة مؤخّراً للوزير على نيّة اعتمادها تحت مسمّى استبدادي-احتكاري: (الصياغة النهائيّة) قد ركّزت على تحريف المادة الثانية، وذلك عبر محورين خطيرين:

أولاً: تطويق دلالة كلمة (مستقلّة) عبر إضافة (تحت إشراف وزارة الثقافة والإعلام) في نهاية المادة، وهي الكلمة القويّة تشريعيّاً والضعيفة تنفيذيّا، والمشكوك في فاعليّتها على أرض الواقع، وعلى الرغم من ذلك فإنّ بقاءها يضمن مشروعيّة المطالبة باستقلال النادي عن الوزارة يوماً ما، بينما عدم وجودها لا يشرّع حتّى المطالبة.

ثانياً: إقصاء المثقفين والثقافة عبر تعديل (جملة: يُعنى بالأدب والثقافة) لتصبح (يُعنى بالأدب وانعكاساته الثقافية)؛ وتأثّراً بالمادة الثانية (المحرّفة) وبالمحورين الخطيرين بُنيت أكثرية بنود اللائحة الجديدة (التي نسمّيها مخطوطة، وتسمّيه الوكالة الصياغة النهائيّة)، بحيث إنّها تضع النادي تحت هيمنة الوكالة وهو ما يتماثل مع الواقع، وتقصي الثقافة والمثقّفين عن بنود اللائحة؛ وإن كانت الهيمنة واقعة أصلاً، والنص ليس محرّراً للواقع إنّما هو فاتحة له، لأنّ الوقائع لها الغلبة على النصوص، وتعدّل الأخيرة تحت حكم الواقع والضرورة، وعلى الرغم من ذلك يبقى وجود النص دافعاً لتغيير الواقع ضمن أطر الشرعيّة المنصوص عليها، بينما غياب النص يجعل مسألة الاستقلاليّة عملاً غير مشروع والمطالبة فيها لا تستند إلى مرجعيّات. أمّا إقصاء الثقافة فمسألة أكثر تعارضاً وتصادماً وصراعاً مع الواقع، لأنّ الواقع السعودي في هذا الشأن لا يتفرّد به الأديب دون المثقّف، فما لعبته الثقافة والمثقّفين من أدوار على صعد عدّة لا يمكن تجاهله وتجاوز قيمته، كما يتّضح في (صياغة الوكالة) عبر تعمّد واضح لإطفاء الثقافة والمثقّفين، ولست تدري كيف ترتضي الوزارة وهي تحمل مسمّى (الثقافة) أن تمارس الوكالة إقصاء للثفافة والمثقّفين كما هو مطروح في صياغتهم للائحة الفادحة؛ لكنّ الإشكال ناجم -في زعمي- عن الجمع بين متعارضين: (الثقافة والسلطة).

)))

أعود إلى اللائحة: لماذا لم يعتمدها الوزير كما حدث أوّل مرّة؟ هل في الوزارة اليوم اتّجاهان بشأن (اللائحة) كما يوحي التصريح الذي صدر عن الوكالة برفعها (الصياغة النهائية* لاعتماد الوزير، وبين إطلاق الوزير لموقع مشروع اللائحة؛ اتّجاه يضغط لتمرير اللائحة دون اطلاع أحد عليها، وآخر يستغلّ تطرّف الوكالة ويمضي لتعزيز تقاربه مع المثقّفين عبر إشراكهم بالمناقشات والتعديلات، وربّما الاستفتاء أيضاً، أمْ أنّها صراعات شخصيّة لم تصل بعد إلى مستوى (تيّار)، أمّ أنّها مسرحية توزيع أدوار؟ وأيّاً تكن الافتراضات فإنّ الواقع مرهونٌ بما سوف يؤول إليه مشروع اللائحة: فإن أقرّ الوزير ما خطّطت له الوكالة وبقيت المادة الثانية تحت (التحريف) فإنّ التجربة برمّتها لا تعدو كونها دعاية جديدة تلعبها السلطة إضافة إلى دعاية الانتخابات نفسها، ويكون الاستبداد مقارنة بها أكثر وضوحاً كونه صريحاً، بينما هي تتلوّن بما يناسبها ولا تتصادم مع منتقديها، وكونها تدّعي مراعاتها للأكثريّة لكنها تراوغ لأجل تفرّدها وأحاديتها.

والعودة إلى الاتجاهين المتعارضين داخل الوزارة فإنّهما في الحاصل سلطة: الوكالة أو (ربيبتها) رئاسة الأندية، والمسألة أنّنا لا نستطيع القطع أنّ الوزير قد حسم أمره بشأن ترجيح اتجاه الرئاسة على اتجاه الوكالة، والمقصد إقرار الاستفتاء بدلاً من الإلزام؛ ذلك أنّ الكلمة الحسم بحقّ من يقرّر مصير اللائحة وتعديلاتها المطلوبة ما زالت ضبابيّة ولم تحسم بعد.

)))

من يقرّ اللائحة؟ المثقّف أم الوكالة أو أيّة لجنة أخرى لا تمثّل الأدباء والمثقّفين برغبتهم؟

فكما أنّ اللجنة المعيّنة ليست مفوّضة من الأدباء والمثقّفين ولا يمكن لها أن تكون ممثلة عنهم، كذلك فإنّ الوكالة ليس معها تفويض من المثقّفين (ولن يكون معها) فأيّما مثقّف يفوّض سلطة بالنيابة عنه، إنّما يخرج من سعة المثقّفين وحريّاتهم إلى ضيق التابعين ومأسوريتهم؛

لذلك فإنّ تحرير الأندية من تبعيتها للوزارة مسألة تحتاج إلى وعي متبادل ومزدوج بين (السلطة والمثقّف)، وعي من السلطة بضرورة استقلال ما ينبغي أن يستقل عنها، وهو الوعي الذي نتوسّمه لكنّنا لا نراهن عليه، ووعي من المثقّفين والأدباء بالتحرّر من التبعيّة، وهو أيضاً ما نتوسّمه لكنّنا لا نراهن عليه؛

وتبقى التجربة في خطوتها الثانية إذا مرّ وأُقرّ: (تحريف المادة الثانية) دون صون دلالة (مستقلّة) ودون إعادة حقوق المثقّفين في الأندية الأدبية والثقافيّة مجرّد خطوة دعائية للسلطة، وحريّ بكلّ مثقّف أن يُقاطع انتخابات لا تعترف به في لوائحها التشريعيّة والتنظيميّة.

)))

قلت الأسبوع الماضي أنّ الوزير قد قال: (كلمته)، وأضيف في هذا المقال: أنّه قالها وتورّط بها (ورطة حميدة)، فإمّا أن يكمل وعده، وإمّا هي مجرّد دعاية لا تغني ولا تشبع من جوع، وليس على المثقّفين والأدباء حينذاك إلاّ المقاطعة إبراء للثقافة والأدب أن يكونا شاهدين دعائيّن للسلطة وألعابها.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة