Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 08/07/2013 Issue 14893 14893 الأثنين 29 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لك أن تُخمن، أو تتوقع؛ ما الرقم الذي تسجله مبيعات الجملة والمفرق من المستلزمات اليومية لتلبية احتياجات شهر رمضان؟ لا سيما في مجال الغذاء والأدوات الاستهلاكية المختلفة.. فالرقم قد يقفز إلى عشرة أضعاف المعدل الشهري بدون مبالغة بحسب إحصائيات فروع وزارة التجارة في كل عام.

وما يدعو للتساؤل والغرابة أن هذه المواد الاستهلاكية تتشابه في كل مناطق المملكة ويغلب عليها النمط الغذائي الواحد! وهذا ما يعزز رؤية أن الإعلان قد ضرب ضربته، وحقق أقوى ما يريد حينما وحد النمط الغذائي والمائدة المحلية. فقد كنت اسأل أحد الزملاء في منطقة جازان عن تعلقهم بالطهي والغذاء المحلي المميز في الجبال وعلى الساحل هناك، ليفيد بأن جل طرق الطهي التقليدية تلاشت تماما، ولم يعد هناك وجود للطبق المحلي أو الشعبي إلا عند كبار السن، أو في المناسبات فقط.

وحينما ندقق في الأمر ندرك أن أنماط عمل الإعلان حققت بعدها في متعلقات الطعام على نحو زيوت الطهي والدقيق والمحسنات والملونات ونوع من الأرز والخضار المعلبة، حتى أصبح الطعام هاجسا استهلاكيا موحداً في كل المناطق ودون استثناء.

أما في رمضان فإن الأمر بات نسخة مكررة عن كل عام، على نحو المبالغة في تجهيز المائدة الرمضانية من زيوت وعجائن ومعلبات ومثلجات وبهارات ومشروبات ومواد محسنة حول المائدة الرمضانية، إلا أنك قد تستشعر فيها الزيادة والمبالغة في رصف هذه الأنواع، دون حاجة، والسبب يعود كما أسلفنا إلى نمط الدعاية والإعلان عن مثل هذه الأنواع المتعددة من الطعام والشراب في هذا الشهر الكريم على وجه التحديد.

ففي كل عام وحينما ينتهي شهر رمضان المبارك ويرتحل لا بد لنا أن نُعد العُدة، لنحاسب أنفسنا مدركين أننا هزمنا وتغلبت علينا فرضيات الاستهلاك اليومي، إلا أنه حينما يطل علينا هذا الشهر الكريم من جديد نستسلم لهذه الظاهرة ونحشد كل ما نملك له رغم أن هناك ارتفاعا واضحا في الأسعار، بل أن بعض السلع باتت بأرقام جنونية وغير مبررة، إلا أن هذا الارتفاع في الأسعار والغلاء لا يردع أو يساهم في لجم شهوة إعداد الموائد والأطباق.

ولم يعد رمضان مستهدفا في المجال المادي من أكل وغذاء إنما طال المعاني وأصبح الذوق مرتهنا للكثير من البرامج واليوميات الرمضانية عبر التلفزيون بكل شيء، لنتأكد أننا مستهدفون أيضاً بذائقة التلقي لدينا، لتتحول مساءات رمضان إلى حالة من وجيب القلب وحدس الفكر وتخيل الأحداث في الحلقات القادمة، بل وربما البكاء على مآل وأحداث بعض الشخصيات ومعاناتهم الوهمية.

فرغم أن أمور التلفاز وهمية، أو خيالية، والأكل غير صحي، والشهر الكريم وأهله مستهدفون من قبل شركات الإنتاج إلا أن التحرك محدود والإغراءات أكبر، بل أن المعاني السامية للشهر الكريم قد تتلاشى إلى أبعد نقطة ممكنة من اهتمامنا، فلا مجال لأن تناقش أو تعقب أو حتى تشعر بالمرارة، لأن من حولك بات مرتهنا لأجواء العائلة والإجازة والترفيه والليل المتطاول في سهر البث الفضائي الذي يعج بعالم خيالي وافتراضي وأحاديث لا علاقة لها بالواقع، وإن جاءت فهي أجدر بأن يتم تجاهلها لا العمل على جعلها مادة للمشاهدة.

hrbda2000@hotmail.com

بين قولين
تأملات رمضانية
عبد الحفيظ الشمري

عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة