Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 11/07/2013 Issue 14896 14896 الخميس 02 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

هذه آخر رواية لأمين معلوف الذي كان لابني أوس فضل تعريفي بأعماله وتزويدي ببعضها، وهذه منها، إنها رواية تحكي قصة مجموعة من الشباب الذين جمعتهم الدراسة الجامعية، وهم ينتمون لديانات مختلفة، وتفرقت بهم السبل، ولكن موت أحدهم كان مناسبة لاجتماعهم من مختلف أنحاء العالم، يطرح فيها معلوف مشكلات العالم المشرقي بخاصة ومشكلات العالم عامة، وهو همّ طرحه بأشكال مختلفة وجدناه في أعمال فكرية مثل (الهويات القاتلة) و(اختلال العالم)، وأنا على ثقة أن القارئ المنصف سيعجب بهذه الرواية الرائعة في شكلها ومضمونها، وليس يخل بها سوى ضعف لغة مترجمة الرواية في بعض أجزائها، ولعل من المفيد أن أنقل بعض ما جاء على لسان بعض الشخصيات، قال (رامز) «منذ سنوات، استيقظ كل صباح ممزقًا بين شعورين، الأول هو الشعور بالفرح والثاني هو الشعور بالحزن. الفرح لأني نجحت في مهنتي، وكسبت الكثير من المال، ولأني أمتلك بيتًا جميلًا وحياة عائلية سعيدة، ولكن الحزن أيضًا لأني أرى قومي في أسفل الهاوية، فمن ينطقون بلغتي، ومن يعتنقون ديانتي، يحقرون في كل مكان، وغالبًا ما يتعرضون للكراهية. لأنني أنتمي، بحكم الولادة، إلى حضارة مهزومة، وإذا لم أشأ التنكر لأصلي، فأنا محكوم علي بالعيش معه هذه الوصمة على جبيني... لا يتعلق الأمر فقط بالتضامن مع قومي، أو بالتعاطف معهم. إنني أشعر بالمهانة، أشعر بالمهانة شخصيًّا. حين أسافر إلى أوربا، أعامل بمراعاة مثلما يعامل جميع الأثرياء. يبتسم لي الناس، يفتحون لي الأبواب وهم ينحنون احترامًا، يبيعون كل ما أرغب بشرائه. ولكنهم في أعماقهم يكرهونني ويحتقرونني. فلست بالنسبة إليهم سوى همجي أصاب ثروة. وحتى عندما أرتدي أجمل بدلة إيطالية، أظل في نظرهم، معنويًّا، فقيرًا معدِمًا. لماذا؟ لأني أنتمي إلى شعب مهزوم، وإلى حضارة مهزومة. أشعر بذلك أقل بكثير في آسيا، وفي أفريقيا، أو في أمريكا اللاتينية، التي أساء التاريخ معاملتها أيضًا. ولكن يتملكني ذلك الشعور في أوربا... في باريس، حين تتكلم العربية في مكان عام، ألا تنزع إلى تلقائي إلى خفض صوتك؟... انظر إلى الأجانب الآخرين! الإيطاليين، والإسبان، والروس، بغض النظر عن الإنكليز أو الأمريكان إنهم لا يخشون أن يحدجهم الآخرون بنظرة عدائية، أو مستنكرة. ربما أتهيأ أمورًا لا أساس لها من الصحة، ولكن هذا ما أشعر به، وحتى لو أصبحت أغنى رجل في العالم، فلن تتغير الأمور».

الرواية جديرة في نظري بالقراءة ليس لما تسرده من أحداث وتفاصيل، قد لا تعجب بعض القراء مع أنها واقعية أي من الأمور التي يمكن أن تحدث في الواقع المعيش في بعض البيئات؛ بل لما يدور بين شخوصها من حوارات وحجاج عجيب، وما تلخصه من مسالك التيه الذي تفرقت به الناس وضلت طريقها، وهي صورة من حال المجتمعات المشرقية التي ما زالت تائهة لم تستطع أن تجد لنفسها مكانًا في حضارة اليوم، وهي تتخبط في سياساتها، وتغرق في هزائمها، يستعبدها الاستهلاك لقديمها أولجديد ليس لها من يدٍ في ابتكاره.

مداخلات لغوية
التائهون
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أبو أوس إبراهيم الشمسان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة