Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 11/07/2013 Issue 14896 14896 الخميس 02 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

سِهَامُ سِهَامِ القحطاني
د. عبدالرحمن بن عبدالله الواصل

رجوع

د. عبدالرحمن بن عبدالله الواصل

كتبتْ الأستاذة سهامُ القحطاني مقالتَها في صحيفة الجزيرة الثقافيَّة في عددها 14889 حول لائحة الأندية الأدبيَّة المعدَّلة بعنوان: «وكالة الشؤون الثقافيَّة هل تعلن عصر موت المثقَّف؟»، فسرَّتني أن طرحتْ آراءها فيها، وأحسبُ أنَّ التعليق الوحيد لأستاذة الأدب عضوة اللجنة الدكتورة لمياء باعشن تعليق كافٍ لكشف خلطها ومواقفها السابقة واللاحقة من الأندية الأدبيَّة..

ولكن كأنِّي بالكاتبة كانت تتوقَّع أن تستثير بمقالتها الأدباءَ معارضةً والمثقَّفين تأييداً فيعلِّقون عليها بما يعلي سِهامَها في المشهد الثقافيِّ، ولا أشكَّ في أنَّها تنتظر أكثر من التعليق على مقالتها، تنتظر مقالة أو أكثر من الأدباء أعضاء اللجنة وغيرهم أو من وكالة الوزارة للشؤون الثقافيَّة يعارضونها فالمعارضة فيما يبدو من استقراء مصطلحاتها ومفاهيمها وأسلوبها الكتابيِّ مطلب صحفيُّ لها ورغبة إعلاميَّة لديها، وأحسبُ أنِّي سأحقِّق بمقالتي هذه لها مطلبها ورغبتها، وسأستخدم نفس مصطلحاتها ومفاهيمها التي سيَّستْ بها مقالتها أسلوباً، ولكنِّي سأبتعد عن التطاول والتعالي، وسأتحاشى منزلقاتها التعبيريَّة.

ففيما يبدو أنَّ الحالة المصريَّة الراهنة عكست عليها أخونةَ أساليبها الكتابيَّة فاستخدمت مصطلحات: إعلان مباشر، موت المثقَّف، اللجنة غير الشرعيَّة، حق تقرير مصير المثقَّف، حق اللجنة غير الشرعيَّة، تتحكَّم في مصير المثقَّفين، لاعتقادات وأحلام، حماية الأقليَّة، التي لا تحلُّ ولا تربط، فتنة بين المثقَّفين والأدباء، كائن غير شرعي، ثلَّة أو فئة، لا تمثِّل الأغلبيَّة، ليس من حقّ، ملكيَّة عامَّة، خُطِّط لها تحت مرأى ومسمع، التخطيط لذلك، تعاضد فاضح، للاشتراك في تدبير قتل المثقَّف والثقافة، لن يغفر التاريخ، هذا العمل الفاضح، تدركه البصائر والعقول، تهدم شرعيَّة وجودها، سحب أي صلاحيَّات، هو إشراف باطل، اللجنة غير الشرعيَّة، إشراف غير شرعي، إدارة الأندية الأدبيَّة بإشراف بافقيه هي الجهة الشرعيَّة، شرعيَّة اللائحة، جهة غير مخوَّلة شرعيّاً للتكليف، ما بني على باطل فهو باطل، من قبل توافق، أو غالبيَّة المثقَّفين والأدباء، فلتذهب للجحيم، شاركت في إعلان موت المثقَّف، حكم بالإعدام على شرعيَّتها، المحضيَّة، أعلن مقاطعتي، أطالب النشطاء الثقافيِّين بمقاطعة الأندية الأدبيَّة، أن يحمي المثقَّف، محاولة القضاء عليه، دبَّرتها اللجنة غير الشرعيَّة، بتواطؤ سافر، يحمي مشروع الديمقراطيَّة، حماها الله من عبث العابثين.

عبارات كأنِّي بها قادمة من ميدان رابعة العدويَّة، أو من شبه جزيرة سيناء، وبل كَّأنها مستقاة من تقارير قناة الجزيرة وأدخلتْ الكاتبةُ عليها روابطَ صحفيَّة ليس إلاَّ، لن أقف عندها عبارة عبارة ولكنِّي سأفنِّد منها الآتي:

تقول عن لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة: «اللجنة غير الشرعيَّة»، فكيف تكون لجنة غير شرعيَّة وقد صدرت موافقة معالي وزير الثقافة والإعلام بتكوين لجنة 21 برقم (98042) وبتاريخ 10-10-1433هـ لدراسة لائحة الأندية الأدبيَّة وإبداء ملحوظاتهم ومرئيَّاتهم ومقترحاتهم حولها، ومنهم اختارت الوزارة سبعة أعضاء أضافت إليهم مدير عام الأندية الأدبيَّة السابق الأستاذ عبدالله الكناني ومُسْتَشَارَين قانونيَّين فصدرت موافقة معالي الوزير برقم (119138) وبتاريخ 29-12-1433هـ بتشكيل لجنة نهائيَّة منهم وتكليفهم بتعديل لائحة الأندية الأدبيَّة إضافةً وتعديلاً وحذفاً وإعادَة صياغة، وحين خرج من عضويَّة اللجنة أربعةٌ من أعضائها العشرة لظروفهم الخاصَّة صدرت موافقة تاليةٌ من معالي وزير الثقافة والإعلام برقم (55557) وبتاريخ 1 / 7 / 1434هـ بتعويض اللجنة بأعضاء أربعة، منهم مدير الإدارة العامَّة للأندية الأدبيَّة الحالي بديلاً عن المدير العام السابق، أليست هذه هي الشرعيَّة أم أنَّ هناك من يشكِّك بشرعيَّة وزير الثقافة والإعلام؟!.

تدعو الكاتبة للمقاطعة والتحزُّب مصرِّحة وملمِّحة باصطفافها بصفِّ بافقيه المدير العام الحالي الذي قاطع اللجنة ولم يحضر اجتماعاتها الثلاثة الأخيرة في جلساتها السبع برغم أنَّه عضو فيها ويُدعى لتلك الاجتماعات ويتعذَّر عنها بأنَّه لا يعمل مساء الأربعاء ويوم الخميس باعتبارها إجازة رسميَّة من حقِّ أسرته عليه، فدعوتها للمقاطعة والتحزُّب توجُّه يثير بلبلة وفتنة في الوطن الواقف تجاهها موقفاً واضحاً وحازماً.

يحقُّ للجنة أو لأحد أعضائها أن تقاضي الكاتبة عن وصف لجنتهم بغير الشرعيَّة وبأوصاف أخرى تصنَّف تعدِّياً عليها لجنة وأفراداً وفيها عبارات غير مقبولة إعلاميّاً واجتماعيّاً، وأحسب أنِّي أوشك أن أفعل ذلك كما قالها الرئيس المصري المعزول.

قالت الكاتبة عن لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة: «وهل تملك اللجنة المكلَّفة غير الشرعيَّة التي لا تتجاوز خمسة أشخاص حق تقرير مصير المثقَّف» فإمَّا أنَّها تدري فتلك مغالطة أو لا تدري فذلك جهل، فاللجنة مكوَّنة من عشرة أعضاء كلِّفوا بتعديل لائحة الأندية الأدبيَّة، منهم مستشاران قانونيَّان من الوزارة ومدير عام الأندية الأدبيَّة فيما السبعة الآخرون أدباء من خارج الأندية الأدبيَّة رشِّحوا من لجنة 21 أديباً حيثُ أبدوا مرئيَّاتهم وملحوظاتهم حول اللائحة، وهم ممَّن اختيروا من بين 100 أديب درسوا واقع الأندية الأدبيَّة فأوصى معظمهم بتعديل لائحة الأندية الأدبيَّة، إضافة إلى أنَّ الوزارة طلبت مرئيَّات وملحوظات مجالس إدارات الأندية الأدبيَّة وجمعيَّاتها العموميَّة وعددها 16 نادياً، في كلٌّ منها ما معدَّله 150 عضواً، أي بمجموع 2400 عضواً، وهؤلاء يغطُّون الوطن، وبذلك تجمَّعت تقارير الأندية الأدبيَّة، ودراسات لجنة الواحد والعشرين، ودراسات المائة أديب لدى لجنة تعديل لائحة الأندية الأدبيَّة، فكيف تقول الكاتبة إنَّ معدِّلي اللائحة خمسة أشخاص؟!، وحتى تمييز الخمسة بأشخاص يعدُّ خروجاً عن الأدب.

وتشير الكاتبة لمقالة لها سابقة: «بأنَّ عدم اختيار اللجنة من قبل توافق أو غالبيَّة المثقَّفين والأدباء» والفقرة السابقة تردُّ عليها قولها هذا، ولكنَّها أرادت إدراج مصطلح توافق وغالبيَّة كرؤية إخوانيَّة تردَّد كلما ضاق المسار الديمقراطي بأصحابها.

قالت الكاتبة بمعرض احتجاجها: «حق تقرير مصير المثقَّف والثقافة بما لم ينزل الله به من سلطان» ألم تقرأ في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام قوله: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»؟!، والثقافة من أمور الدنيا، فكيف تلبس رأيها بالدين على الطريقة الإخوانيَّة التي لم تترك أمور الدنيا لمؤسَّسات المجتمع المدني.

قالت الكاتبة: «وصدور اللائحة المعدَّلة في غياب إشراف الإدارة العامَّة للأندية الأدبيَّة يلغي شرعيَّة اللائحة المعدَّلة»، ألا تعلم الكاتبة أن مدير عام الأندية الأدبيَّة السابق الأستاذ عبدالله الكناني كان عضواً في اللجنة وشاركها معظم اجتماعاتها حتى أعفي وحلَّ محلَّه بافقيه مديراً عاماً ودعي فور تكليفه للمشاركة في اجتماعاتها فاختلق أعذاراً وطلب الالتقاء بالوزير قبل انتهاء أعمال اللجنة فرفض رئيسها؟!، وكأنِّي به يرى نفسه أولى منه برئاسة اللجنة وهذا يتعارض مع تحديد أدوار الوزارة لكي لا تبدوا مهيمنة موجِّهة أعمال اللجنة وإنَّما تركتها لأدباء الوطن، وهذا ما اتُّفق عليه بالاجتماع الأول فحدِّدت خطَّة اللجنة وأهدافها ومحاور اجتماعاتها وآليَّتها لنظاميَّة الاجتماعات ولاتخَّاذ القرارات بالأغلبيَّة، وتحديد أدوار الوزارة في ضوء المادة الثانية التي انطلقت منها الكاتبةُ بخلطها ومغالطاتها.

وكأنِّي بالكاتبة لم تدرك بعد ماذا تعني الشؤون الثقافيَّة؛ فالثقافة بمعناها الواسع بعيد عن ذهن الكاتبة، ولتتجلَّى الصورة لها أنقل تعريف تايلور الثقافةَ بقوله: «هي ذلك المركَّب المشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والقانون والأخلاق والقدرات والأعراف والعادات التي يعيشها الفرد بوصفه عضواً في المجتمع»، وعرَّفها جميل صليبا بأنَّها: «هي تلك المجموعة المعقَّدة من المعارف والتقاليد وكلّ القابليَّات والتطبيقات (أنماط السلوك) التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع ما والتي أنشأها مجتمعه في عمليَّة تطوره التاريخيَّة، إنَّها طريقة حياة الناس وكل ما يمتلكونه ويتداولونه اجتماعيّاً، والمثقف هو الفرد المتحرِّك ضمن محدِّدات اعتقاداته ومبادئه وقيمه متسلِّحاً بمعارفه ملتزماً هموم مجتمعه لتحقيق رقيِّه».

وعموماً فالثقافة ليست اجتراراً للأفكار والحقائق والمعارف والمعلومات، ولكنَّها الأفكار والمشاعر والعلاقات وطرق الحياة المشتركة بين أفراد المجتمع المتبلورة بالتفاعل فيما بينهم المنتجة توجيهاً لتفاعل أسمى، الباحثة عن الحقِّ والحقيقة في النفس مشاعرَ وأفكاراً وتصوُّرات، ولدى الآخرين طروحات ورؤى، فتنتصر لها أنَّى وُجِدتْ وممَّن قُدِّمت، لتطرد بها الزيف والخطأ والخطيئة أنَّى كانت وممَّن انبعثت وتشكَّلت، لتصلح بها النفس والمجتمع لتغييرهما للأفضل، فمساراتها تنويريّة وتوعويّة؛ لهذا فدراسة مشهدنا الثقافي بأداة علميَّة فاعلة لمعرفة آليَّاته العقليَّة والنفسيَّة الموجِّهة سلوك الأفراد والمجتمعات بحكم أنَّ هناك مجموعة منتجة للثقافة العليا، وأخرى متلقِّية لها متأثِّرة بها مفعِّلة لتوجُّهاتها، فالمنتجون للثقافة لغيرهم هم المتخصِّصون في شتَّى العلوم والمبدعون في الأدب، والمثقَّف هو الآخذ من كلِّ علمٍ بطرف لا يرقى به إلى العلم ذاته ولكنَّه به يرتقي عن العامَّة، ولا يصل به لدرجات المبدعين ولكنَّه يتوصَّل بإبداعاتهم ويستضيء بها في أفكاره وحواراته مع الآخرين.

ووكالة الوزارة للشؤون الثقافيَّة تشرف على جمعيَّات الثقافة والفنون الشعبيَّة والتشكيليَّة والمكتبات، والأندية الأدبيَّة، وهي بصدد إنشاء مراكزها الثقافيَّة التي أنشأت مقرَّاتها في جازان، نجران، الجوف، حائل وستعمِّمها على مناطق المملكة، فيما ستظلُّ الأندية الأدبيَّة في مناطق المملكة مظلَّة للأدب والأدباء باعتبارهم مبدعين، وباعتبار ذلك يتماشى مع التخصُّص التي تسعى له الأمم، ولو علمت الكاتبة أنَّ الإشكالات والمشكلات التي عصفت بالأندية الأدبيَّة في الدورة الانتخابيَّة القائمة والتي دفعت بالأدباء لعدم التسجيل في جمعيَّاتها العموميَّة، أو الانسحاب من مجالس إداراتها كلُّ ذلك جاء نتيجة لخلط الأدب بالثقافة، فلو علمت بذلك ما كتبت مقالتها هذه ولانتظرت الوزارة لتدشين مراكزها الثقافيَّة، وتخلو لغات الدول المتقدِّمة من مصطلح ثقافة، فهل تجد الكاتبة تبريراً لذلك؟! أم أنَّها لا تعلم بعدم وجود هذا المصطلح فيها.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة