في طفولتي كانت قصص «الجن» تحتل مساحة واسعة في تفاصيل حياتي؛ بيتنا الشعبي في الحي القديم لا تصل إليه إلا بعبور الأزقة الضيقة المخيفة ليلاً، والظلام يسكن الحي، والبيت المهجور موطن الرعب.

كنت كغيري من أطفال الحي لا نسير ليلاً إلا في شهر رمضان؛ لأننا نؤمن بأن الجن تحبس في الشهر الفضيل.. هكذا يعني «رمضان»، شهر «الشجاعة» في أرشيف ذكرياتي.

ها هو رمضان يطل علينا فتذكرت «جن» حارتنا القديمة.. فسألت نفسي: هل في رياضتنا جن؟؟!!

وهل هناك «جني» يعبث برياضتنا ويقودها لنفق مظلم؛ لأن طبيعة الجن تحب الظلام؟؟!!

عندما كنت طفلاً كان كبار الحي يحكون قصة رئيس النادي الشهير الذي يزور جبلاً معروفاً في منطقتنا قبل بداية كل موسم لمقابلة «كاهن».. مات الساحر، وتوقفت بطولات النادي؟؟!!

ولا يخفى على أحد قصص «الدنبوشي» في ملاعبنا, فالطلاسم والشعوذة في كرة القدم ورث إفريقي، وهذا الإرث وراء تسمية السحر الرياضي بمصطلح «الدنبوشي»، وهو أسلوب يتكئ على الوهم وسط خزعبلات بأن «الجن» لهم الأثر والتأثير في نتيجة المباريات.

ولعل أشهر قضية «سحر» في ملاعبنا كشفها «هدهد» الإعلامي أحمد الفهيد قبل فترة وهو يعلن أن نادي النصر «مسحور»، فلجأ النادي لقراءة القرآن في منشآته لطرد «الجن», لكن السؤال هو: هل حقاً هناك «هدهد» يكشف الحقائق أم «جني» يكشف المستور؟ الخبر اليقين عندك يا أحمد الفهيد؟؟!!

لِمَ لا يكون هناك «جني» حقيقي وراء تدهور رياضتنا ونتائج منتخبنا السعودي؟ خلينا نعلق الشماعة ونورط «الجني» في عدم تأهلنا لكأس العالم منذ سنوات, وليش ما يكون «الجني» هو وراء عشوائية مؤسستنا الرياضية؛ لا خطط مدروسة ولا بنية تحتية.. يبدو أنه ليس «جنياً» صغيراً بل «مارداً» صاحب سلطة يعبث في رياضتنا كيفما شاء دون حسيب ولا رقيب؟؟!!

كلما تأملت حال رياضتنا المؤلم تذكر كلمات الشاعر محمد بن الذيب وهو يقول:

هذا الليل معنا جن بسم الله الرحمن..

تعوذ من الشيطان والنيه.. النيه..

لا يبقى إلا أن أقول إن «الجن» محبوسة في شهر رمضان فهل ستعود رياضتنا لمجدها أم يبقى «جني» يسكنها للأبد ليعبث فيها في كل الشهور؟؟!!

سكنهم في مساكنهم يا الله... وأعوذ بالله من كل جني.

خارج النص

حزمت حقائبي في طريقي للعودة.. وفي داخلي شوق لأهلي ولكل من أحب.. وأخيراً سوف أصوم وأستمتع بالعيد في أحضانك يا أغلى وطن.

** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل سبت وأنت كما أنت جميل بروحك، وشكراً لك.