Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 14/07/2013 Issue 14899 14899 الأحد 05 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

طالعتنا صحيفة «الجزيرة» بخبر عن عامل من جنسية آسيوية دفع 70 ألف ريال لكفيله ليصحح وضعه من مهنة حداد إلى نخال والسبب أنَّه يمتهن تجارة التمور ويُعدُّ من أشهر التجار بسوق التمور بمدينة عنيزة وفضل دفع هذا المبلغ الكبير لأنَّه كان قد أتم صفقة شراء تمور قبل شهر رمضان بمليوني ريال وأصبح مضطرًا لتصحيح وضعه المهني ليتناسب مع ما يمارسه من عمل، فكيف سيدخل المزارع أو سوق التمور بمهنة حداد أو أن يكون على كفالة منشأة غير زراعيَّة أو متخصصة، فهذه العمالة تسيطر على تجارة التمور، إِذْ تقوم بشرائه من المزارع قبل موسمه بأشهر ويقومون بالأعمال التي تسيق موسم القطاف ومن هنا فهم يستطيعون التحكُّم بالتكاليف التي تضاف على السعر الذي يباع بالحلقات ومِنْ ثمَّ يصل للمستهلك بأسعار مرتفعة عامة ما يهمنا من هذا الخبر أنَّه واقع موجود بِكلِّ القطاعات والأعمال وأن التستر لم ولن يقضى عليه بمهلة تصحيح الأوضاع التي تنفذ الآن إذا لم يقرن بأنظمة متقدِّمة لا تستند على العقوبات فقط، فكل نظام ممكن أن تحتال عليه من خلال ثغراته، فمهلة التصحيح أعطت المجال لهيكلة العمالة داخليًّا ورتبت أوضاع كانت سلبية من حيث المهن والكفالات والمخالفات.. الخ وهو واقع عمره عشرات السنين لكن أيضًا لم تعالج موضوع التستر فهذا العامل استطاع أنْ يُغيِّرَ مهنته وكفالته ليكون أكثر نظاميَّة بما يعمل به من نشاط لكنَّه بالمقابل أصبح قادرًا أكثر على ممارسة تجارته المخالفة نظامًا على مبدأ التستر بواقع قانوني يصعب كشفه، فالمهنة ونشاط المؤسسة وموقع العمل كلّّها تتيح له ممارسة نشاطه نظامًا بقوة القانون، فكيف ستعالج قضايا التستر التي تستنزف الكثير من اقتصادنا المحلي إذا بقيت أساليب الكفالة والإقامة على ما عليه فلا بُدَّ أولاً ابتكار أنظمة تكشف حقيقة التراخيص الوهمية التي من خلالها تتم أعمال التستر وهنا لا بُدَّ من أن تتحرك وزارة التجارة فلديها إدارة مختصة بمكافحة التستر ولم نسمع لها أيّ دور أو نشاط.

كما أن مبدأ الكفيل يجب أن يعاد النَّظر به وبنظام ترخيص العمل لأيِّ شخص يدخل المملكة بما يضمن ممارسته للمهنة التي قدم على أساسها بخلاف مراقبة الحوالات الماليَّة ومقارنتها بحجم الدخل الذي يتقاضاه حسب عقد عمله.

كما أن على بقية الجهات كالتجارة والبلدية أيضًا تنظيم التراخيص بمعايير تحدّ من حجمها المبالغ فيه الذي أصبح هو بوابة التستر والمتاجرة بالتأشيرات، فهل يعقل أننا بحاجة لهذا الكم الهائل من البقالات أو المطاعم أو مؤسسات المقاولات؟ وهل أصحابها هم من يديرها.

فعلى سبيل المثال بقاء سيطرة العمالة الوافدة على سوق التجزئة ليست بوابة للتستر فقط، بل أيضًا لاعب رئيس بارتفاع التضخَّم، إِذْ إن تجارة التجزئة بالسلع الغذائيَّة نسبة سيطرة الشركات الكبرى فيها لا تتعدى 15 بالمئة والباقي بيد المحلات الصَّغيرة التي تسهم برفع الأسعار نتيجة انتشارها الكثيف جدًا وعدم قدرتها على تحمل أيّ تكاليف، كما الحال للمحلات الضَّخمة، وهذا الأمر ينطبق على كلّ القطاعات وفق معايير التشغيل لِكُلِّ واحد منها أن التستر ظاهرة قاتلة اقتصاديًّا وتستنزف عشرات المليارات من اقتصاد المملكة وتكرِّس الاتكالية ومعالجتها تتطلب إعادة التنظيم وإصلاح لوائح العمل وأيضًا تذليل العقبات أمام الشباب السعودي لممارسة هذه الأعمال بدراسة معمقة تكشف بواطن الخلل التي لا تتيح تهيئتهم لممارسة الأنشطة الاقتصاديَّة بمختلف تنوّعها بما يكفل سيطرتهم عليها من خلال فهم آلياتها وطبيعتها وإلا فإننا سنبقى ندور بنفس المربع الأول الذي يقوم على التستر والسعودة الوهمية والنزف الاقتصادي الذي يكبر من سنة لأخرى.

ثغرات الأنظمة ستبقي التستر وتحميه
محمد سليمان العنقري

محمد سليمان العنقري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة