Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 14/07/2013 Issue 14899 14899 الأحد 05 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

وداعاً محمد.. ما زالت القلوب تنبض بحبك

رجوع

وداعاً محمد.. ما زالت القلوب تنبض بحبك

حينما تجتاح الإنسان أمواج الحزن العاتية على حين غرة، ويفجع في عزيز على قلبه، لا يسعه في هذه الحال إلا أن يتقي تلك الأمواج بسلاح الإيمان بقضاء الله وقدره مردداً: «لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل». نعم، فلولا الإيمان لأصبح الإنسان كقطعة خشبية، تجترفها الأمواج إلى مدى لا يعلمه إلا الله، فنحمد الله سبحانه على نعمة الإيمان الذي فيه نجد سلوتنا.

فُجعنا مؤخراً بوفاة الصديق الشهم محمد بن رجاء المخامسي القحطاني، ذلك الرجل الذي كان نبعاً للنبل والشهامة، تتجسد في شخصه أسمى معاني الرجولة. في ذلك اليوم الحزين غادر أبو متعب دنيانا الفانية تاركاً خلفه تاريخ محبة، نثر بذورها في قلوب من حوله، وسقاها من نبع نبله، ورعى تلك البذور بوفائه وإخلاصه وكرمه الفياض، فأثمرت محبة فاضت من قلوب محبيه لتبادله المحبة بالمحبة، وإن كان فؤادي قد فاض حباً له طوال سنوات معرفتي به، فقد فاضت عياناي بالدموع في يوم رحيله، دموع لم أستطع حبسها ولا مداراتها، فقد كان الفقد أكبر مما يُحتمل.

عادت بي الذاكرة إلى الوراء كثيراً إلى أكثر من عشرة أعوام حينما كنا هو وأنا زميلين في وزارة الشؤون البلدية والقروية، وبرزت لذهني صورة ذلك الوجه البشوش الذي ما إن تراه حتى تشعر بارتياح عميق في نفسك، وكأنه نسمات باردة هبت في يوم شديد الحرارة. تعمقت علاقتنا أكثر وأكثر، ودام التواصل بيننا حتى بعد انتقاله للعمل رئيساً لبلدية رماح ثم ساجر، ولم تنقطع تلك العلاقة منذ ذلك الحين، إذ كيف يقطع التواصل من كان الوفاء طبعه والشهامة سجيته، وخلال كل تلك السنوات رافقت رجلاً مخلصاً في عمله، واكتشفت خلالها قيادياً متمرساً، يولي عمله وخدمة المواطنين جل اهتمامه في جميع المواقع التي عمل بها.. يخدم الجميع وتلك الابتسامة النقية ملازمة له، وطوال مزاملتي له لم أجد محمد عابساً في يوم من الأيام أو متجهماً، بل كان على الدوام كما عهدته بشوشاً متحلياً دوماً بحبه للآخرين مسخراً علاقاته الواسعة والممتدة لخدمتهم.. وقد كان يعرض تقديم خدماته وشفاعته لمن يستشعر أنه بحاجة لها قبل أن يُطلب منه ذلك محبة منه لخدمة الآخرين. لم يكن محمد سخياً فقط في محبته للآخرين بل كان السخاء في وفائه وكرمه ونبله وفي كل خصلة راقية في ذلك الصديق النبيل الذي تشرفت بصداقته لأكثر من عقدين من الزمان.

أسأل الله الكريم أن يعفو عنه ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأن يجمعنا به في دار رحمته، وأن يلهم والديه وأبناءه وزوجته وبناته وإخوانه وأخواته وجميع محبيه الصبر والسلوان.

د. عبدالرحمن بن عبدالله العبدالقادر

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة