Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 17/07/2013 Issue 14902 14902 الاربعاء 08 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

الحديث عن الحالة المصرية حديث ذو شجون يتشعّب ويتفرّع، ولكن هذا المقال سيتناول جانباً مهماً في هذه الحالة وقد برز دوره بوضوح في تحريك الجموع في اتجاهات مختلفة وفي تبديل مواقف تلك الجموع من مع إلى ضد، هذا الأمر هو المصداقية بين أفراد الشعب الذين كانوا مكينة التغيير في كلتا الثورتين 25 يناير و30 مايو من جهة، وقادة النشاط السياسي من جميع الأطراف من الجهة الأخرى. نجح الإخوان في اقتطاف ثمرة الثورة الأولى لأن شعارهم (الإسلام هو الحل) استهوى الملايين ولأنهم نجحوا في ارتداء المصداقية الدينية، فشعر الناس بالاطمئنان لهم واستبشروا خيراً منهم فكانت النتيجة حاسمة لتوليتهم ولاية الحكومة، وخلال رئاسة الرئيس (محمد مرسي)، استطاع المعارضون بصورة متضافرة سلب تلك المصداقية من الإخوان المسلمين والاعتماد على خيبة أمل الناس في الحصول على حل إسلامي لتحدياتهم كما بشَّر الإخوان، حيث انصب ذلك الجهد لإبراز اهتمام الإخوان بتكريس سلطتهم وإهمال الحلول العملية التي كان ينتظرها المصريون، ومرة أخرى يثور المصريون ولكن هذه المرة في وجه الإخوان، فيستنصرون الجيش الذي يحسم المرحلة بإنهاء حكومة الإخوان ويؤسس حكومة مؤقتة لحين إجراء انتخابات جديدة.

المصداقية اليوم هي من أهم أدوات العمل السياسي الناجح على وجه الخصوص، فلم تعد السياسة فن تلبيس الكذب ثوب الحقيقة كما كان سائداً في الماضي، فالناس اليوم أكثر دراية واطلاعاً في شؤونهم ومحيطهم مما كان عليه سابقوهم وأقدر على الحصول على الحقيقة من مصادر مختلفة، ولم تعد هيئة وسلطة وهيبة السياسي مدعاة لتصدق الناس له وبات السياسي لا يتمتع بالاحترام إذا لم يكن محترماً في قوله وفعله، وتلك هي مصداقيته أمام الناس.

اعتمد السياسيون في الماضي على غياب المعلومة عن عموم الناس وسريتها في دوائر محددة وقدرتهم على الوصول لها فيعرضونها للناس بصورة محورة لتناسب توجهاتهم وتعزِّز مصداقيتهم واعتمد السياسيون أيضاً على ضعف الثقافة السياسة لدى طبقات الشعب الأكثر عدداً، فأصبحوا يدغدغون أحلام الناس بوعود وعبارات ترسم لهم مستقبلاً زاهراً، وكل ذلك في سبيل الوصول للسلطة، وعندما يتولى السياسي السلطة يمارس ما اعتاده من كذب وتدليس، ولكن هذه المرة تُصاغ العبارات بنكهة السلطة والشرعية.

العمل السياسي اليوم بات لا يقبل التدليس والفبركة والكذب الناعم، العمل السياسي اليوم هو واجب لمن يحتمل الخدمة العامة، ولمن لديه رؤية ثاقبة وتطلع صادق بهما يعز وطنه ومواطنيه، لذا يتوقّع الناس من السياسي وضوحاً وصدقاً فيما يقول وفيما يفعل وفيما يريد، ويتوقّعون منه إعلان مشروع سياسي استهلك جهداً وتفكيراً ومشاركة من ذوي الرأي والخبرة، فالناس لم تعد تصدِّق الشعارات الفارغة، والناس تريد برامج محددة لمواجهة تحديات معروفة، فلقد وعوا أن الشعارات التي تحرك المشاعر لا تقدّم حلولاً، وقد وعوا أن استغلال الدين أو المذهب أو القبيلة أو الجهة الجغرافية في تلك الشعارات هي وسائل السياسي المفلس من البرامج والمشاريع التنموية.

العالم تغيَّر اليوم وكذلك يجب أن يتغيّر العالم العربي، فلم يعد في الوقت متاحاً للتردد حول الأولويات الوطنية، ولم يعد الوقت متاحاً لتجريب حلول غير عملية، فقط لأنها تدغدغ أحلام السذج، فمقولة «أن ما صلح به أول أمر هذه الأمة سيصلح به آخرها» السلفية ومقولة «الإسلام هو الحل» الإخوانية كلها شعارات ليس لها مشاريع سياسية معلنة أو مدروسة، هي عبارات قصد بها إلهاب مشاعر الناس وإشعارهم كمسلمين بالذنب إن لم يختاروا مرشحيهم، فليحذر الناس من ذلك.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
الحالة المصرية والمصداقية
محمد المهنا ابا الخيل

محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة