Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 18/07/2013 Issue 14903 14903 الخميس 09 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

استخدمت في العنوان كلمة عامية تدل على الانفلات أو الانحراف أو سوء الأخلاق، و «الداشر» في لهجة الشارع «المفلوت» من عقال الآداب العامة والأعراف الاجتماعية، أو يمكن تسميته الشخص الذي لا يحسن التفريق بين المنكر والمعروف اجتماعياً. لماذا استخدمت هذا المصطلح الموغل في المحلية؟.. لأنه يختصر كثيراً من الشرح، ولرغبتي بتسمية الأشياء بأسمائها، دون تجميل، أو تنميق وتذويق.

فئة «الدشير» ينتمي إليها عدد ليس بقليل، وهم أنواع، منهم من يتستر بالمحافظة وربما المظهر الشرعي، وقد يكون ممن يدّعون الوعظ والعلم الشرعي أمامنا وعندما يسافر خارج البلاد، يتجاوز في «دشارته» كل من كان يعظهم ويناصحهم.

وهناك أيضاً نوع «الداشر» الرسمي، وهو من أعلن انحرافه دون أي رادع، ومارس «دشارته» في السر وربما في العلن، ولكن بعيداً عن أعين «هيئة الأمر المعروف» والسلطات المختصة بملاحقة «الدشير»، وهؤلاء ربما في داخلهم فطرة، وحب للصلاح، ولكنهم في الغالب، لا يتفلسفون، ويبعدون أنفسهم عن المسائل التي يعتقدون بأنهم يحتاجون إلى نقاء روحي أكبر ليخوضوا فيها.

لكن النوع «النمرود» من «الدشير» هم «دشير» الصحوة وربما هذه التسمية التي تعكس مدى تأثرهم بحالة الطوارئ الدينية التي عاشها المجتمع في بدايات الثمانينات الميلادية، بفعل تيارات مسيسة، استغلت الدين لقيادة المجتمع، وافتعلت معارك ألبستها رداء الفكر وهي في أساسها سياسية، وهؤلاء لا يظهر عليهم التدين وقد تجدهم بعيدين عن القيام بالأركان الأساسية والفروض التي أمر الله بها، لكن الازدواجية والرواسب الصحوية تقودهم لإتخاذ المواقف الحادة.

والصحوة أثّرت في أجيال حُرّم عليها كل شيء، وصار التجهم شعارها، وغادرت السماحة والابتسامة وجوه المنتمين لها، وبقيت ترسبات تلك المرحلة في عقول كثير منهم، بل نقلت بفعل التأثير والتأثر إلى أجيال لاحقة، ولكن بجرعة أقل بقليل ربما.

أجيال الصحوة تأثرت بوعاظ تلك المرحلة، وأصبح احترام الناس لأي شخص مرهون بكثافة «لحيته» وقصر «ثوبه» فيقدمونه ويصدرونه ويتزلفون إليه وكأنه ولي من أولياء الله الصالحين، عند أهل البدع والخرافات، وقد يكون شاباً صغيراً أو قليل علم أو متنفعاً من المظهر الشرعي لا أكثر!.. ولم يسلم أحد من هذه الجرعة الفكرية المنحرفة الزائدة والتي ألبست لباس الدين، ومهدت تلك الجرعة الطريق للتيارات المسيسة لتتلاعب بالعقول، وتغرس بذور التطرف والفهم المتشنج، والإقصاء والتهميش والنظرة السوداوية في عقول الأطفال والمراهقين في المدارس والشباب في الجامعات، وفي كل مكان حتى في صالونات الحلاقة ومحلات خياطة الثياب.

وهذا الواقع يجعلنا نتفهم سبب وجود فئة «الدشير المتطرفين» والتي تمارس التطرف في الحدين، تجده يشرب المُسكر وبعد الكأس الخامس يتحول إلى واعظ، وبعد الكأس العاشر يصبح متطرفاً وبعد الكأس العشرين يستحضر الجهاد الأفغاني ويبكي وينتحب على أسامة بن لادن ويتوعد أمريكا بالويل والثبور وعظائم الأمور!.

وهذا مثال يُظهر المرض النفسي والتناقض الرهيب الذي يعيشه هؤلاء المغيبون، الذين أغلقوا عقولهم، وحفظوا شعارات المرحلة، ودفعهم السلوك غير المنضبط لممارسة منكر ديني واجتماعي بعرفهم وفهمهم، لكنهم وجدوا في ممارسته تفريغ للحرمان والكبت والظلم باسم الشعارات الدينية الرنانة والمواقف الصلبة، والتزمت الذي يبرره وعاظ المرحلة بأنه سد للذرائع وترك للشبهات ودرء للمفسدة.

الداشر المتطرف هو نفسه الذي يتحدث بلغة «شوارعية» عن جمال ودلال وتفاصيل جسم الفنانة أو المغنية أو الراقصة، وبنفس الوقت تجده يتشنج ويدافع ببذاءة و «شوارعية» عن واعظ متطرف، ولا يناقش هذا «الداشر» بالمنطق أو بالعقل أو بمقارعة الحجة بالحجة، بل قد يتحول عاشق «هيفاء وهبي» و المتيم بـ «كيم كارداشيان» إلى تكفيري في «تويتر»، وفي سبيل الواعظ الذي ربط الإسلام به وبكلامه سيعمل أخونا «الداشر» كل ما بوسعه للدفاع عنه!.

التفسير النفسي لهذا الاضطراب قد يكون الشعور بـ «عقدة ذنب» ويرى «الداشر» أن الإيمان الذي يسكن قلبه لن يتحول إلى عبادة حقيقية إلا إذا تطهر وكفّر عن ذنوبه، ويكون ذلك من خلال الكائن المقدس، الذي تربى على إجلاله وتنزيهه وتفخيمه وتعظيمه، ليقربه ربما إلى الله العلي القدير.. متناسياً أن الله قريب من عباده وأن الإسلام يرفض إشراك أيٍّ كان في علاقة العبد بربه.

الداشر المتطرف ظهر مستأسداً في الدفاع عن الإخوان المسلمين مثلاً،، وهو لا يعرف ما معنى الإخوان أو ما هو تاريخهم، ولم يقرأ حرفاً واحداً عن رؤيتهم العقائدية والسياسية، ويجادل بجهل كل من عارض الإخوان ومن كشف حقيقتهم، وبجرأة الجاهل يريد فرض رأيه، بقوة البذاءة، والشتائم ومنها يصل حد القذف.

ويضاف الداشر المتطرف ببسالته إلى من أسميتهم في المقال الماضي «رابعة العدوية فرع السعودية»، وهذه مناسبة جيدة أيضاً، لأشيد بإخوة كرام يختلفون بالرأي مع معارضي الإخوان، وتجدهم يناقشون بقمة الأدب، وحتى في دفاعهم عن بعض الوعاظ المثيرين للجدل، يكونون أكثر حكمة وتأدباً. أما دشير الصحوة وهم لا يمثلون الأغلبية بل قلة صوتها مرتفع، والأنسب عدم الانشغال بهم أو محاولة التوضيح لهم، لأن الزمن كفيل بتغيير أفكارهم وأحوالهم النفسية -هداهم الله وشفاهم-.

Towa55@hotmail.com
@altowayan

عن قرب
«الداشر» المتطرف..!
أحمد محمد الطويان

أحمد محمد الطويان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة