Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 18/07/2013 Issue 14903 14903 الخميس 09 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

ميدان رابعة العدوية!!
زياد بن حمد السبيت

زياد بن حمد السبيت

رجوع

قد تستعين السياسة بالدين في أمورٍ تستهوي بها قلوب الشعب للفوز بالانتخابات لما للدين من أثر بالغ في نفوس البشر فيستحل البعض ما يراه الناس محرماً ويستعين الدين بالسياسة من باب الإسلام السياسي وأن الإسلام ليس بمنأى عمّا يحدث بل زاحم الشيوخ الساسة فأزاحوهم رغم قلة خبرتهم وسذاجة البعض.

وما كل ما هو جائز في السياسة يجوز في الدين فاللعبة السياسية تقتضي كثيراً من المحرمات يتطلبه الموقف كمواعيد عرقوب وأخواتها. ولكن لسان حالهم يقول: ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه. وإذا نظرت ثم نظرت إلى المحروسة وجدت الغلبة ليس فيما يطرح وإنما يكون لمن يحشد أكبر عدد من الناس في أكبر ميادين الجمهورية حتى يُخيل لك أن منازل المصريين قد فرغت من أصحابها وإن الخروج في مظاهرات أصبح متنفساً كخروجه للمتنزهات وأماكن السياحة. ولعلّ ميدان رابعة العدوية أصبح بالشهرة بمكان بين محطات التلفزة العالمية والعربية ولو نُشرت رابعة مرة أخرى لشكرت الأخوان على اختيارهم ميدانها للاحتشاد فيه ولكن هل هناك علاقة بينهم وبين اختيارهم للموقع أم لكبر المساحة فقط؟ ومنْ رابعة العدوية التي بات الناس يسألون عنها؟ قيل إنما سميت رابعة لأنها جاءت رابعة لأبيها من البنات وتكنى بأم الخير ولدت في مطلع القرن الثاني الهجري 100هـ لإسماعيل العدوي أحد سكان مدينة البصرة وما إن شبّت عن الطوق حتى فقدت أبويها وهي في سن مبكرة مما جعلها تتحمل عبء تربية وعيش أخواتها الأخرين حتى سقطت في يد أحد اللصوص الذي باعها لأحد التجار فما أحسن معاملتها وزاد ارهاقها وتعذيبها فهربت مختارة لنفسها العزلة والاعتكاف وترك رفاهية الحياة ولذاذات العيش الرغد وتجنب الزواج، وكل ذلك أكسبها خشونة في الحياة بكل مظاهرها.

وتعتبر رابعة بذرة التصوف والزهد والتقرب إلى الله حتى العشق والذي أضحى فيما بعد طريقاً ممهداً إلى الإحلالية الإلهية عند ابن الفارض والحلاج الذي يقول:

أنا منْ أهوى ومنْ أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

إن أبصرته أبصرتني

وإن أبصرتني أبصرتنا

وهذا يعني وصول المتصوف لدرجة لا يكون مكلفاً بشيء حيث إن الروح الإلهية حلت بروحه!! ورابعة كامرأة ناسكة وهبت نفسها لخالقها فتركت كل ما يصرفها عنه له فسميّ بالعشق الإلهي قال لها سفيان الثوريّ: ما حقيقة إيمانك؟ فقالت: ما عبدته خوفاً من ناره ولاحباً لجنته! فأكون كالأجير السوء! بل حباً وشوقاً إليه، وهذا يخالف ما صورته السينما المصرية عنها بأن جعلتها ألعوبة وطريقاً للرذيلة، فأطلقت العنان لشعرها في عشق الإله وتمجيده حتى قالت:

أحبك حبين حب الهوى

وحباً لأنك أهل لذاك

فأما الذي هو حب الهوى

فشغلي بذكرك عمن سواك

وأما الذي أنت أهل له

فكشفك للحجب حتى أراك

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي

ولكن لك الحمد في ذا وذاك

وما ينفس على شعر رابعة إلا أقوالها فهي تتمتع بفهم وفطانة شهد لها ابن الجوزي حين قالت: أستغفر الله من قلة صدقي في قولي أستغفر الله! فرابعة تعتبر مؤسسة التصوف الحقيقي وإن جنــحت بعض الشيء إلا أنها فتحت الباب على مصراعيه فمن سار على حقيقة الزهد ومن انقلب على عقبيه فيه فخسر الدنيا والدين، ماتت رابعة العدوية ودُفنت بالقدس بعد أن قضت ثمانين خريفاً في حب الله وحده دون شريك في ذلك.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة