Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 18/07/2013 Issue 14903 14903 الخميس 09 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

أدركت متأخرًا أن علم الإدارة -وربما بعض العلوم الأخرى- وقع في خطأ منهجي كبير أفقدنا تحقيق الكثير من التقدم على المستوى النظري والعملي.

قصر هذا العلم في تقييم جهود وتكاليف تجنَّب الأخطاء. وبالتالي ركزت المدارس الإدارية على تعليم القائد الإداري ما الذي يجب علية عمله ولم تكلف نفسها تعليم ذات القائد ما الذي عليه أن يتركه.

يقول الأب الروحي لعلم الإدارة بيتر دراكر قبل رحيله بوقت قصير: «أمضينا وقتًا طويلاً في تعليم القادة الإداريين ما الذي يتوجب عليهم عمله ولم ننفق وقتًا كافيًا لتعليمهم ما الذي يتوجب عليهم التوَّقف عن عمله وتجاوزه؟».

معظم إن لم يكن كل الكتب العلميَّة في القيادة الإدارية والسلوك التنظيمي وتقييم الأداء تناولت مكافأة المديرين التنفيذيين على تحقيق إنجازات مرغوبة ومحاسبتهم على التقصير في تنفيذ برامج أو تحقيق أهداف مرسومة. ولكنَّها أغفلت وبِشَكلٍّ واضح حقيقة علميَّة وعملية وهي أن الإِنْجاز والتَّميز لا يقاس بتحقيق الأهداف فقط وإنما بتجاوز المحن وعدم الوقوع في الأخطاء أيضًا. الأمر الذي أدَّى إلى تركيز التنفيذيين على تحقيق بعض الإنجازات ولو كانت محدودة لأنّها هي التي ستظهر على السطح، في الوقت الذي وقعت فيه المنظمات التي تحت أيديهم بأخطاء جسيمة تفوق في كنهتها وربما عددها تلك الإنجازات الشكلية البسيطة.

عندما تَمكَّنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنيَّة في العام 2000م من تجاوز أزمة الألفية تقنيًّا وتجنيب البنوك والمؤسسات العامَّة والخاصَّة تبعات التغيير الصفري لم يلفت ذلك انتباه أيّ منّا ولم يكتب أحدٌ عن هذا الإِنْجاز -حسب علم الفقير إلى ربه- لسبب بسيط جدًا لأنّه ليس إنجازًا إيجابيًّا بالمفهوم المتعارف عليه وإنما يمكن تصنيفه بالإِنْجاز العكسي. ولكن هب أننا وقعنا في الكارثة الصفرية، ما الذي سيحدث؟ الكلُّ سيلقي باللائمة على المدينة. هذا يعني أننا نحاسب على الأخطاء ولا نكافئ على تجاوزها وتخطيها، أليس هذا خطأً منهجيًا؟

عندما يبذل الطيار جهدًا فائقًا في تجنيب الركاب بعض المطبات الهوائية لا يشعر أيّ منهم بما تَمَّ تحقيقه لأنَّه لا يعلم أصلاً بالتحدِّيات التي كانت تواجه الطائرة. بالرغم من أن الطيار بذل جهدًا فائقًا لذلك. نحاسب على الوقوع في الأخطاء ولا نكافئ على عدم الوقوع فيها.

من المعلوم أن جهود وتكلفة تجنَّب الأخطاء توازي أو تفوق جهود وتكلفة تحقيق الإنجازات في ذات المجال. عندما تتمكن هيئة الأمر بالمعروف من كبح بعض الممارسات غير المقبولة وتسهم في الحدّ من انتشار الرَّذيلة في المجتمع لا يلفت ذلك انتباه أيّ منّا لأن طبيعة النَّفْس البشرية لا تنظر إلا إلى الإنجازات الإيجابيَّة المحسوسة التي تحقَّق لها مصالح مباشرة. ولكن عندما يقع العاملون في الهيئة في خطأ واحد ينتشر خبره في أرجاء البلاد ونبدأ باللَّومَ والعتاب، وهو أمر طبيعي لأننا يجب إلا نقبل بالخطأ ولا نبرره. ولكن علينا أن نكون منصفين أيضًا بحيث نكافئ على الإِنْجاز العكسي أعني الحدّ من المخاطر وتجنيب المجتمع من الوقوع فيها. وفي المنهج الشرعي القويم « دفع الضرر مقدم على جلب المصالح». وهناك أجهزة معينة مهمتها تقتصر على دفع الضرر دون جلب المصلحة.

للحديث بقية إن شاء الله في الخميس القادم.

@falsultan11

هل تحقيق الإنجازات أولى من تجنب المخاطر؟
د. فهد صالح عبدالله السلطان

د. فهد صالح عبدالله السلطان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة