Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 23/07/2013 Issue 14908 14908 الثلاثاء 14 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

في تونس أحرق شاب محبط نفسه رافضا الفقر والعوز والبطالة والتجاهل.. سرعان ما أثار انتحاره المؤلم موجة غضب شعبي عارم أحرق شرعية النظام. وامتد الشرار عبر هشيم عربي يحتج على جفافه.

أتفهم أن يتعاطف معه أو يقلده الشباب الذين يعانون من إيجاد حل مقبول لمعاناة مشتركة من البطالة وعدم القدرة على إرضاء الاحتياجات الأساسية من تأسيس بيت وتكوين أسرة.. ولكن المخيف أن الاحتجاجات سمحت أيضا بتسرب رغبات تحقيق طموحات تكوينات سرية غير شرعية.

في ليبيا تحركت الجماهير لإسقاط حكم القذافي الذي ظل لآخر لحظة يصر على أنه «السلطة الشرعية», ويتساءل من أين أتت الجرذان التي ملأت الشوارع! في مصر جذب شاب مصري آلاف المؤيدين عبر الفيسبوك ليعلنوا اتفاقهم على رفض الواقع مطالبين بالمشاركة في صنع القرار. وسرعان ما تحولت الرغبة الافتراضية إلى ملايين البشر على أرض الواقع. وانتهى الأمر إلى صناديق الانتخابات وإعلان عهد جديد.. أو هكذا خلنا ولكن تمخضت السنة الأولى عن سيطرة «الإخوان المسلمين» على السلطة, وفرض قراراتهم, بعد 80 عاما من الفشل في تحقيق ذلك, والاضطرار إلى التخفي كحزب سري مرفوض ومطارد من قبل السلطة «الشرعية».

لم يستطع حزب سياسي مؤدلج مظهريا بعد أن صعد إلى سدة الحكم عبر جماهير تنادي بالديموقراطية, أن يحافظ على رضى من جاءوا به إلى الحكم, فعادت الجماهير إلى الشوارع -ضده ومعه- وكادت أن تشتعل حرب أهلية لولا تدخل الجيش لفرض حكومة انتقالية. البعض يتهم العسكر باختطاف السلطة لاستعادة ميزاتهم الأسبق. في ذات الوقت الحزب المتشبث بحقوق «الشرعية» يتناسى أن مسارعته لتغيير الدستور ومنح نفسه سلطات تلغي الآخرين هي ما أفقده الشرعية في نظرهم. وفي حين أن الاسم «الإخوان المسلمون» يوحي بالإيجابية لأننا جميعا نحترم كل ما يرتبط بالإسلام وشعار الأخوة, إلا أن الممارسات الإقصائية سرعان ما كشفت المستور من الفجوة بين الشعارات والواقع. الشرعية التي جاءت بفعل صناديق الانتخاب كانت للحزب مجرد وسيلة تنتهي فاعليتها باعتلاء كراسي السلطة.. ثم لا يهم بعدها أن تصبح السلطة مركزية إقصائية لا تسمح بالتساؤل عن معنى «الشرعية» الديموقراطية! ولم يكن لدى حكومة الإخوان أي خبرة في إدارة شعب ذي تعددية أو رغبة في ذلك!

ما زالت شوارع مصر متأججة.. وهذا محزن إذ نراقب ما يجري عن بعد لأخوة ليس فقط في الإسلام بل في العروبة أيضا. ومحزن أكثر أن انكشف الستار عند فقدان «الإخوان» في مصر لزمام السلطة عن تغلغل بعض فكرهم في العالم العربي حيث بدأ المتحمسون يتكلمون جهارا عن أحلام «الخلافة» مقابل «الدول» التي يحملون أوراقها الثبوتية.

في الواقع المحزن أن آخر ما ارتبط بفكرة «الخلافة» هي أفكار القاعدة والتكفيريين والتفجيريين وأفعال الطالبان ومقلديهم في الجزائر.

هل حلم شباب مصر أو الخليج أو أي بلد عربي أو مسلم يرتبط بدموية وتخلف أجواء الجهاديين والتفجيريين؟ بالطبع لا.. كل ما يرغب فيه المواطن الطبيعي هو الأمن والأمان والاستقرار في بيته وفي عمله وفي الشارع.

نعيش رمضان 1434 ونحن كمجموع نسمى عالميا «مسلمون» وهو تصنيف أمسى مع الأسف مرتبطا لدى الكثيرين - بجهل أو تجهيل مقصود- بأفعال سلبية تستهدفهم بالعدوان وتصنفنا مستحقين لردود فعل سلبية غاضبة وإقصائية من وجهة نظرهم. وربما ما يجمعنا أكثر من الإسلام الفعلي ما نعاني من رفض الآخرين لنا كمجموع تشمله وصمة تطرف البعض منا في رفض الآخرين إلى حد استعداء الغير ضد كل من يصنف مسلما.

والأصعب من كراهية الآخرين لنا, أن نرى بعدنا نحن كمجموع عن روح الإسلام وتعليماته السامية حين تستشري بيننا فتن التفرقة والخلاف وتحقير بعضنا للبعض, ونعاني من علل التسيس والتجهيل والمذهبية والحزبية والأدلجة التي تحلل الإقصاء والتكفير والتدمير وتتغاضى عن تهميش المستضعفين أو إذلالهم.

أجل هو فعلا وقت التذكير: رمضان ليس للانشغال بالتخطيط لتدمير أحد قريب أو بعيد والتنفيذ مع الاحتفاظ بتصنيف «مسلم».

رمضان للتقارب والشعور بالأخوة الإنسانية التى تحنن قلوبنا على القريب والبعيد حتى لتحبب إليه أن يختار الانضواء تحت هذا الدين الرائع.. دون حاجة لإقناعه بمثاليات يراها واضحة في تصرفاتنا وممارساتنا على أرض الواقع.

كل عام ونحن أقرب إلى الإسلام الصحيح الجامع للجميع.

حوار حضاري
وقت للتذكير أننا «مسلمون» 2/2
د.ثريا العريض

د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة