Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 25/07/2013 Issue 14910 14910 الخميس 16 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

ما أشبه الليلة بالبارحة، كما يقول المثل العربي، وما أشبه كثيراً من بقاع البشر بأخرى في عدد من سمات المجتمعات، التي تحرص على الاتصاف بها. فبعد أن مللنا من كثير من المبالغات، التي يصف بها العرب أنفسهم؛ سواء كانت تخص صفاتهم الشخصية، أو سمات عامة للمجتمع أو العرق، بل وحتى نقاط تميز يطلقونها على جغرافيتهم، التي يعيشون فيها، من كونها تتوسط الأرض، ومعتدلة المناخ. بينما يصفون بلدان غيرهم بكونها نشازاً، وحارة، أو باردة، أو عالية الرطوبة؛ ولذلك يكون أهلها حادي المزاج، إلى غير ذلك من الصفات غير الحسنة. بالغ في ذلك الجغرافيون والمؤرخون منهم، بل إننا نجد أثر ذلك حتى في كتابات الأدباء، والأمثال الشعبية، التي تقلل من قيمة الشعوب الأخرى، وتعلي من الذات.

ومع وجود كل هذه الادعاءات لدينا، نصف الألمان في الحقبة النازية بالعنصرية، وبأنهم شعب يرى نفسه فوق الآخرين، ولديه شوفينية مبالغ بها، إلى غير ذلك من الأوصاف التي قد تكون صحيحة من واقع الشعارات، التي كانوا يرفعونها آنذاك، من مثل: «ألمانيا فوق الجميع». وقد طبقوا فعلاً سياسات عنصرية بغيضة، تمثلت في تطهير عرقي، ومعاداة لكثير من الأجناس؛ بعضها مبرر بظروف الحرب الشاملة التي كانوا يخوضونها ضد أطراف متعددة، لكنها في كل الأحوال متناقضة مع المبادئ الأخلاقية، التي تكفل للبشر عزتهم وكرامتهم. ومع ذلك، فنحن بالذات آخر من يحق له استنكار مثل هذه الأفعال، لأننا نمارس أسوأ منها حتى في داخل مجتمعاتنا، وبين فئاتها المختلفة.

لكن هذا ليس هو ما أردت استعراضه في هذه المقالة، بل أمر منطلق من مثل هذه الخلفيات لدى المجتمعات، التي تحس بالتهميش، أو أنها لن تستطيع الوصول إلى ما تريد بعملها وحده. فقد وجدت في منطقة قريبة من عاصمة الاكوادور رمزاً يشير إلى أن تلك المنطقة، وهي تقريباً في وسط بلدهم، تمثل وسط العالم، ووضعوا لذلك إشارة معمارية كبيرة تدل على كونها مركز العالم، ويقصدها كثير من زوار البلد من السواح ومن المواطنين أيضاً. وعلى أي أساس أقاموا هذا الحكم؟ لا تعطي أي من الكتب السياحية، ولا الأدلاء أي إشارة.

عندها تذكرت الأفكار التي أشرت إليها في أعلى المقالة، واستعرضت بذهني من منا كتب عن كون مكة المكرمة هي مركز الأرض، وأسهب بعضهم في ذلك، ظناً منهم أن ذلك يضيف شيئاً إلى قداسة المدينة، أو إلى قيمة الإسلام، أو كون المسلمين هم جوهر البشر. وبالطبع يتفنن المتفذلكون في كل مجتمع بأخذ بعض أطراف الأرقام الحسابية، أو المؤشرات التاريخية، أو بعض النظريات العلمية، لينسجوا منها نظريات لا علاقة لها بالعلم ولا بالواقع ولا بالتاريخ ولا بالأديان.

فمثل تلك الأساطير نسجها أيضاً السريلانكيون بشأن سلسلة جبلية عالية عندهم؛ حيث قالوا، بأنها هي أول بقعة يطؤها البشر على الأرض. وأسموا ذلك الجبل العالي جبل آدم. وتذهب إلى هناك جحافل السياحة في رحلة شاقة جداً؛ تبدأ من قبل الفجر، لأن أغلب طريق الرحلة على الأقدام، بعد أن تنتهي الطرق، التي يمكن أن تسلكها السيارات. فما أدلة هؤلاء وأولئك؟ هي مقولات ابتكرها أحدهم لإنعاش الحس القومي لدى أمة من الأمم، أو للحصول على مصادر دخل سياحية، أو غير ذلك من الأغراض التي تدعو الناس إلى الادعاء.

وفي المقابل توجد لدى بعض المجتمعات مواقع مثبتة تاريخياً، ويسعى إلى الوصول إليها كثير من الزوار لأغراض دينية أو سياحية؛ لكن السلطات فيها تسعى إلى طمس تلك المعالم، أو التقليل من شأنها .. عوالم غريبة!

الرياض

رؤية
فتنة ادعاء التميز
أ. د. فالح العجمي

أ. د. فالح العجمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة