Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 28/07/2013 Issue 14913 14913 الأحد 19 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

رمضانيات

رمضان بين زمان والآن.. حكايات مسافرة
محمد بن إبراهيم فايع

رجوع

محمد بن إبراهيم فايع

لو سأل أحدنا أحداً عن رمضان زمان أو الآن، لقال: رمضان زمان وأتبع إجابته بتنهيدة طويلة تعبّر عن مدى الشوق والحنين إليه، فلماذا دائما نتذكر الماضي بشيء من اللهفة والشوق، ونحن للماضي بكل تفاصيله ورحم الله بشار بن برد يوم قال:

وقد يذكر المشتاق بعض زمانه

فيبكي ولا يبكي لفقد حبيب

وما أكثر ما هزنا الشوق لرائحة وطعم رمضان الأمس؟ أعتقد - إجابة على هذا التساؤل - أن تعقد الحياة والتحوّلات التي طرأت على حياة الناس، والمستجدات والمتغيرات التي تتمازج بين متغيّرات إيجابية وسلبية، شكّلت صورة جديدة لحياة الإنسان، ضاع في خضمها، وانساق مجبرا في معتركها، حتى لم يعد يقوى على الانفكاك عنها، وقد امتلأت بأخبار حروب ودمار وتحولات، وغزو أفكار وأخلاقيات، وولادة مخترعات، حتى لكأنه في مباراة في حياته وهو يلهث خلف عيشه، فمرة يتمكن منها فيغلبها، ومرة تطحنه دون رحمة بنوائب مثقلة، ولهذا كان لحياة الماضي طعم خاص، والسر «البساطة في كل شيء» فقد كانت الحياة تخلو من تلك التعقيدات التي نشهدها، ولأنّا نعيش مناسبة كريمة وهي حلول شهر رمضان الذي نسأل الله في علاه، أن يعيننا على صيامه وقيامه وقد جاوز النصف من عمره، فأشير - لا تشاؤما - أنه كان لرمضان الأمس نكهة خاصة، لا تشبهها نكهة رمضان اليوم، بالرغم ماتوفر للناس من أشكال الرفاهية، وألوان البذخ من طعام وشراب، وملذات الحياة التي لا تعد ولا تحصى، والتي لم تعد تشعر الصائم بمشقة الصوم الذي عاناه جيل الأمس، فقد كانت البساطة هي العنوان الأكبر في حياة الناس آنذاك؛ إذ إنها تعدل في الراحة والسعادة، وعدم الشعور بالقلق كل مظاهر الترف اليوم، ودعوني أصطحبكم في رحلة سريعة، لشكل من أشكال حياة الناس مع رمضان، قرأتها وسمعتها من كبار السن المعمرين، لقد كانت فرحة رمضان تسبقه في قلوب الناس آنذاك، وفي حياتهم بالاستعداد له رجالاونساء «فالبيوت تصهر وتخضب» أي بمعنى اليوم أنها تجدد أو ترمّم، والمساجد تنظف وتهيأ للصلوات وتجهز، والأسرتجهز له متطلباته، حتى إذا ما جاءت بشائر «المناديب» وهم رسل ولي الأمر إلى كل منطقة، ليخبروا الناس بدخول هلال رمضان بعد ثبوت رؤيته، حتى يتبادلوا التهاني والتبريكات بينهم، والفرح يعمهم، كان هذا قبل وسائل الإعلام، يوم تتحرى رؤية هلال رمضان عن طريق بعض الرجال الذين اشتهروا بحدة البصر، وقوة النظر في بعض المناطق، وقد حققت منطقة نجد شهرة لملاءمة تضاريسها في تحقيق رؤية الهلال، وبالأخص منطقة «حوطة سدير» ولاشتهار بعض رجالاتها بحدة النظر، حتى أصبح يمكن استطلاع هلال الشهرعن طريق «التلسكوبات» أما مايخص حياة الناس فلم يكن هناك تغيرات تحيط حياتهم إذ كان التاجر يذهب لمتجره، والمزارع يقضي يومه في مزرعته، والموظف يذهب لعمله، ولم يكن لرمضان أيأثر في تغيير برامجهم اليومية؛ عدا ما يعيشه الناس من روحانية العبادة، حين تتعطر نهاراتهم بقراءة القرآن الكريم والذكر، ولياليهم بالصلوات والزيارات بين الأهل والأقارب، والسمر بين الأقارب والأصدقاء قبل أن يستحوذ عليهم الفضاء بما عج به من قنوات فضائية عزلتهم إليها، وما أصبح في رمضان اليوم الذي استبدلت فيه الزيارات بوسائل الاتصال، وانشغال الكثير بتحضير مختلف الأطعمة والمشارب، حتى لكأنه شهر أكل وشرب، واستحواذ البرامج التلفزيونية التي تحضّر لشهر رمضان على أوقاتهم، وتجمعهم، فتأثرّ حجم التواصل والتقارب بين الناس، تلك إلماحة عجلى على حياة الناس بين رمضانين، وفطرة الإنسان، وحنينه أبداً للماضي مهما بلغت به جماليات الحاضر، فالذكريات زاد الأيام كما قال مولير، ولا تلمني أخي القارئ فهذا يوسف فاخوري يقول «أعطني الماضي وتذكاراته.. وخذ الحاضر والمستقبلا».

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة