Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 29/07/2013 Issue 14914 14914 الأثنين 20 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

عاش بيننا الإذاعي الكبير الأستاذ إبراهيم الذهبي ما يقرب من عشرين عاما؛ بدءا من عام 1393هـ إلى 17 رمضان 1412هـ حيث توفي رحمه الله بعد أن تناول إفطاره بعد الأذان مباشرة في ضيافة الزميل علي إبراهيم وبحضور عدد كبير من الإذاعيين من معدين ومخرجين ومقدمي برامج؛ وكان أبو نضال يتمتع بحاسة تنبؤ عالية في معرفة الشخصيات وتوقع ما يمكن أن يحدث؛ كان يقرأ الوجوه والملامح ونبرات الصوت فيحدد من يكون هذا أو ذاك، وما هي ملكاته وقدراته، وهل هو سمح طيب كريم أم أنه يمكن أن يكون حادا صلفا ضيق الأفق محدود المدارك؛ فيبني صلته العميقة أو السطحية بمن يلتقي بهم على اللمعة التي تشع له من خلال فراسته الذاتية الثاقبة، وقد حدثت مواقف عديدة لا يمكن أن تنسى بتنبؤاته القوية عن شخصيات أو أحداث، وحتى عن نفسه هو؛ ومن ذلك ما يتصل بالعالم العربي، فقد كنت أجاذبه الحديث الخاص بيننا إبان أزمة الخليج الثانية حين غزا العراق الكويت واحتدمت الأمور، وتصعدت المواجهة، فقال: إن المنطقة ستتغير، وستثور شعوب عربية كثيرة على أنظمتها العسكرية الدكتاتورية؛ فلن تطيق هذه الشعوب صبرا، وستحدث فوضى من أجل التغيير، ربما تنتهي إلى حروب أهلية أو تدخلات خارجية! وتنبأ عن زملاء في العمل الإعلامي بوصولهم إلى مناصب قيادية وتحقق ذلك، وتنبأ عن نفسه ليلة وفاته وقال لي الساعة العاشرة ليلا 16 رمضان حين رأيته يسير متهاديا على الرصيف قادما إلي من شقته لنذهب معا إلى منزلي، وكنت أعاتبه مازحا على شيخوخته المبكرة: فضرب بيده على مقعده قائلا: هل تتوقع أنني سأعمر مائة عام؟! أو أنني أموت شيخا عجوزا يدب على عصاه في جبل الحسين بعمان ؟! الأشجار تموت واقفة ! وقد عشت ستة وخمسين عاما تعادل الضعف، وثمة من يعيش مائة سنة لا تساوي شيئا ! وحين لاقاه الزميل علي الخضيري - ليس الدكتور وكان أبو نضال خارجا من الإذاعة الثالثة ظهرا بعد أن سجل برنامج «أضواء على الأنباء» وهو المادة الإذاعية الأخيرة له في اليوم السابع عشر من رمضان اليوم الذي توفي فيه؛ قال له علي كما يروي لي: مالك تبدو متعبا يا أبا نضال؟! أجابه على الفور: تركناها لكم!

وقبل أن يؤذن المغرب على مائدة الإفطار في منزل علي إبراهيم - كما يروي لي أحد الزملاء - سلم سلاما حارا على الجميع، وكأنه سلام مودع، ثم عانق أحد زملائه ممن كان بينهما شيء من الجفاء، واعتذر منه وطلب أن يسامحه، ورفع أذان المغرب وأفطر ثم شعر بضيق في التنفس؛ فطلب منه زملاؤه أن يذهب به أحدهم إلى المستشفى، فودعهم وذهب به المرحوم حافظ جمعة مسرعا إلى أقرب مستشفى وهو الهلال الأخضر؛ ولكنه أسلم الروح على الجسر المؤدي إلى المستشفى في ميدان القاهرة .

كان إبراهيم الذهبي أحد الإذاعيين الكبار في إذاعة عمان أواسط الخمسينيات والستينيات الميلادية من القرن الماضي، بحيث أصبح علامة مميزة للإذاعة الأردنية؛ فكان مع سليمان المشيني والدكتور عمر الخطيب ثلاثيا يشكل هوية إذاعة عمان مع أسماء لامعة أيضا في الفترة تلك أسهمت في نهضة الإذاعة الأردنية وعدد من إذاعات دول الخليج العربي؛ مثل: حيدر محمود ومحمود الشاهد وعبد الرحيم محمود وتيسير سبول وإبراهيم شاهزادة وسلوى حداد وعائشة التيجاني وخالد محادين ومروان دودين وغالب الحديدي وكوثر النشاشيبي وعزالدين التل ومحمد أمين وجودت مرقة وعلي غرايبة وسلامة محاسنة وغيرهم.

كان الذهبي واسع الاطلاع عميق الثقافة قوي الذاكرة لطيف المعشر لبقا متحدثا بارعا حاضر الذهن سريع النكتة.

لقد خدم إبراهيم الذهبي بلادنا بإخلاص ووفاء ووقف إبان أزمة الخليج وقفة المحب المضحي، فكان واجبا علينا ألا ننساه بعد اثنين وعشرين عاما على رحيله رحمه الله.

moh.alowain@gmail.com
mALowein@

كلمات
إبراهيم الذهبي: الأشجار تموت واقفة!
د. محمد عبدالله العوين

د. محمد عبدالله العوين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة