Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 29/07/2013 Issue 14914 14914 الأثنين 20 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

في الحلقة الماضية بدأت موضوع اليوم بطرفة طبية عن تنافس أعضاء الجسم على الأفضلية والأهمية، انتهت الطرفة باستحالة حسم التنافس لصالح عضو بعينه وضرورة الخضوع لقواعد التكافل والتكامل وعدم قفز أحد على حساب أحد، لا مادياً ولا معنوياًً.

في عالم الحياة الحقيقية الحياة التي يكون فيها الكائن الحي بكامل أعضائه تكامليا تكافليا بعضه لبعض مع بعض، يلزم أن يكون التواصل بين الرأس في الأعلى أو في المقدمة (حسب البنية الهيكلية) فائق السرعة والدقة في التوصيل وبأقل التفرعات الممكنة، لو حدث أن نقطة ما في أحد أطراف الكائن تلامست مع لسعة حرارة أو وخزة ألم، تقوم الموصلات الجيدة بنقل الحدث من الطرف وإدخاله في الحال إلى مركز التحكم والسيطرة. هنا (إذا كان الكائن يعيش بطريقة صحية وسليمة) تبدأ الاستجابة الفورية من المركز وإصدار التعليمات لإبعاد الأذى عن الطرف المتضرر، أو على الأقل تحفيزكل جواره لإبعاده عن مصدر الضرر. ذلك يعني أن الكائن الحي يتعامل مع نفسه ومحيطه كوحدة متكاملة متكافلة.

أمام كل كائن حي في حيزه المعيشي الداخلي والخارجي عدة احتمالات.

الاحتمال الأول أن يكون التوصيل من كل وحدة فيه إلى المركز جيداً وسريعا، وطرق نقل التعليمات من المركز إلى الأطراف كذلك، هكذا يكون التكامل والتكافل على ما يرام وتستمر الحياة إلى ما شاء الله.

الاحتمال الثاني أن تكون وسائل التوصيل من الأطراف إلى المركز رديئة أو متلكئة أو قديمة مهترئة، فلا يتم التبليغ الأمين والآمن عن الحدث في هذه الحالة يستفحل الضرر الطرفي، ويبدأ في الاندفاع إلى الداخل والانتشار ويقتل الكائن بكل أعضائه المركزية والطرفية.

الاحتمال الثالث أن يكون التوصيل من الأطراف إلى المركز جيداً لكن معبر المعلومة الأخير، أي الحجاب المحيط بالمركز اختياريا ًيقبل ويرفض حسب برنامجه الخاص الذي قد لا ينسجم في كل الأحوال مع البرنامج التكافلي العام، في هذه الحالة تكون الاستجابة عشوائية وبطيئة وغير متكافئة مع مقدار الضرر. النتيجة النهائية تكون شبيهة بما يحصل في الاحتمال الثاني، لكن بوتيرة أبطأ وبطريقة التأقلم البائس مع شروط الاضمحلال التدريجي.

الاحتمال الرابع أن يكون التوصيل الوارد جيدا حتى لحظة وصوله إلى المركز، وكذلك حدوث الاستجابة السريعة له، لكن الطرق الموصلة لهذه الاستجابة (التعليمات المركزية)، ذات تفرعات وأكواع وتحويلات، أكثرها مع وبين بعضها البعض بعيداً عن مكان الضرر، في هذه الحالة ترشح الفعاليات قبل الوصول إلى أماكن الاستحقاق، فتضمر الأطراف وتنمو الطحالب وتعشش في الداخل. ينتهي الأمر أيضاً بموت الكائن بكامله، ولو أن الموت الأخير في نهاية التسلسل يكون من نصيب الطحالب.

الاستنتاج الختامي: الدول والمجتمعات البشرية كيانات تعايشية تخضع لنفس شروط البقاء مثل الكائنات الحية. أسرع الطرق للنيل منها هو تدبير أو تعطيل الطرق والنواقل ما بين الأطراف والرأس والرأس والأطراف.

المجتمعات العقلانية فقط هي التي تعرف كيف تتعامل مع هذه الشروط باحترافية علمية تخضع باستمرار للمراقبة والصيانة.

الرياض

إلى الأمام
حتمية التواصل بين الرأس والأطراف (2-2)
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة