Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 30/07/2013 Issue 14915 14915 الثلاثاء 21 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

بعد الحمام الزاجل والبريد جاءت الكاميرا، والراديو والترانزيستور، والمسجل، والتلفزيون، والكمبيوتر، والبث المباشر، والبث الفضائي والدش, وانتقلت ساحة الحدث إلى شاشة صغيرة يطرقها الأغلبية إن لم يكن الجميع، ويتسمرون أمامها وهي تحاول إجابة الأسئلة:

أيتها المرآة السحرية حدثيني عن فتنة الأقاصي.. وعن فتن الأقاصي.

ما الذي يستجد هناك في مشارق الأرض ومغاربها؟

من القاتل؟ ومن المقتول؟.. ومن يلتبس بين هذا وذاك؟.

إعلام القرن الواحد والعشرين ابتدأ مع السي إن إن التي ابتدأت عصر الفضائيات بشرها وخيرها. واضح أن وسائل الإعلام التقليدية والمحلية تراجعت سطوتها أمام هيمنة الفضائيات إذ تتسابق على السيطرة على وعي الإنسان وتسيير معتقداته وخياراته ومعلوماته.

والفضائيات أصبحت جزءا من حياتنا اليومية؛ خير وشر كلاهما لا مفر منه؛ بعضها الذي يشغل الأذهان بمتابعة الحدث، وما استجد على ظهر البسيطة قد يحمل المفيد مثل القنوات العلمية, والتعليمية, وبرامج التوعية الصحية, والاجتماعية , وتحركات البورصة والسوق النقدية العالمية. وقد يحمل المسلي مثل المباريات الرياضية, وقنوات الأفلام القديمة, ومسابقات المعلومات واللغة. وقد يحمل مالا يفيد، مثل مسابقات رمضان التي غالبا لا علاقة لها برمضان سوى توقيتها, وما يضايق كبرامج استنساخ الكاميرا الخفية بكل مسمياتها. بل قد يحمل ما يضر مثل أفلام العنف والجريمة وحركات التهور التي دفعت بعض الجهلة إلى تقليد أحداثها ودفع حياتهم ثمنا.

ويظل الأهم في أولويات المتابعة خاصة اليوم في أجواء عواصف الجوار, نشرات الأخبار الموثقة حين تتوغل في المجازر الجماعية وتقطع نياط القلوب حزنا أو يشعل الضمائر غضبا.

المشكلة أنه مع القدرة على تزييف الأدلة صوتا وصورة لم يعد هناك ضمان أنها «أخبار موثقة»! فأخبار الإعلام الرسمي من هذا القطر الملتهب أو ذاك تناقضها أو تنفيها سريعا فضائيات عالمية تنقل الأخبار ولا ناقة لها ولا جمل في ما يحدث محليا ولا في تفضيلات المتابعين.

ربما أهم ما يتابعه الناس في كل أنحاء العالم هو أخبار الحروب,

الحرب تعني أن أحدا ما يموت.

والموت يخيفنا ويشدنا إلى متابعة مساره حولنا.

ولا شيء مثل الحروب يحمل الموت بالجملة.

أخبار الحروب الأولى وصلتنا عن طريق الشعر، الياذة اليونان وشاهنامة الفرس , ومهابهراتا الهنود. وسجلت قصائد الشعراء حروب العرب؛ مثل زهير بن أبي سلمى وعنترة والمتنبي. حرب البسوس استمرت أربعين عاما وتناقلت أخبارها الأجيال.

أخبار ما قبل الحرب العالمية الأولى، ربما كانت تصل الجمهور العام بضعة أشهر بعد حدوثها عندما يوصلها المراسلون الصحفيون بشق النفس إلى صحفهم.

وأخبار الحرب العالمية الأولى كان صوت المذيع يوصلها إلى بعض المناطق في العالم، ولكنه لا يصل إلا القلة في حدود قدرة البث في دائرة مختصرة.

وأخبار الحرب العالمية الثانية حملها اللاسلكي فوصلت الى الاذاعات والصحف في وقتها وليس بعد أن تفقد طزاجتها ورائحة البارود.. ولكنها لم تحمل صوت الانفجارات والتماع القذائف.

كنا نسمع عن أخبار القتال والاقتتال في قارات بعيدة يسكنها مجهولون, فأمسينا نتتبع يوميا أخبار القتال في شوارع المدن العربية بين مواطنيها وليس جهادا ضد غريب ولا دفاعا ضد غريب. وأمسينا مع كثرة الدق نتلمس اللحام وهو يتفكك في اللحمة الأقرب في الجوار.

صرنا نتأجج مع كل حوار وكل نشرة أخبار..

وأصبح حقا لنا أن ندعو : اللهم احمنا من شر الفضاء إذا التهب.

حوار حضاري
ومن شر الفضاء إذا التهب
د.ثريا العريض

د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة