Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 31/07/2013 Issue 14916 14916 الاربعاء 22 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

فوجئت بانتقال ابن العم الغالي منصور حسين عطار إلى رحمة الله تعالى، فقد قمت بزيارته قبل وفاته ببضع أيام، إذ وجدت نفسي - لا شعورياً - ان هناك دافعاً قوياً للقيام بهذه الزيارة بعد أن رأيته آخر مرة مستلقياً على السرير الأبيض في مدينة الملك عبد العزيز الطبية، فلمست يده، فإذا به - يرحمه الله - يضمها إلى صدره مشيراً إلى أنه مسرور لرؤيتي، فحمدت الله حمداً كثيراً، حينما هممت بالرحيل، طلب مني البقاء، فبقيت بعض الوقت، فإذا به ينام بهدوء تام، تركته وأنا مرتاح بأني سأراه عما قريب كما عهدته في صحة وعافية، ولكن شاءت إرادة الله أن يترك دار الفناء في يوم الثلاثاء 18 رجب 1434هـ الموافق 28 مايو (أيار) 2013م.

عرفته عن كثب فكان نعم القريب، القريب إلى القلب والقريب إلى الذهن، فلم ينقطع التواصل بيننا عبر الهاتف الثابت الذي لم يكن معروفاً سواه وحتى مع ظهور الهاتف الجوال النقال كنا على اتصال بين الحين والآخر.

وفي كل مناسبة أسرية (عائلية) أو اجتماعية أول ما يحرص بعد السؤال عن الصحة والعمل والأسرة عن آخر ما قرأ لي في الدوريات فيشعرني -جزاه الله خيراً - في كل مرة يراني فيها بأنني من الكتاب الذين يستحقون أن يقرأ لهم وكنت أجيبه - رحمه الله رحمة واسعة - في كل مرة يكفيني شعورك الطيب نحوي ونحو ما تقرأ لي سواء في الدوريات أو المؤلفات التي صدرت تباعاً في دائرة الوطن وفي دائرة العلاقات الدولية أو الاقليمية أو في دائرة الفرد والأسرة والمجتمع، ثم يستفسر بعد ذلك عن آخر ما صدر لي، فيحرص بعد أن يأخذ النسخة المهداة أن أترك بضع نسخ ليوزعها بنفسه لمحبيه، وكان آخر ما أهديته كتابي: (منظمة التجارة العالمية منذ النشأة وحتى اليوم) قبل أن يصاب بمرضه المفاجىء الذي أفقده القدرة على التحدث.

وكان - رحمه الله - بمثابة الأخ العزيز الذي اسعد كثيراً بلقائه والالتقاء به وأشعر براحة لا توصف، فاجأني - وأنا لم أزل طالباً بالجامعة- بشراء مساهمة لي في أرض العريجاء في مدينة الرياض وأسهم في شركة الفنادق والمناطق السياحية دون أن أطلب منه فشكرته على هذه البادرة الكريمة فقال: أدعو الله بالصحة والعافية، وهناك مواقف ثلاثة - لا تزال - عالقة في الذهن، فقد تلقيت ابان عملي كسفير (قائم بالأعمال) في سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية غينيا خطاباً رقم: (14918) وتاريخ 12-12-1416هـ من معالي رئيس الديوان الملكي الشيخ محمد النويصر مرفقاً به طرد بداخله ثلاثون نسخة من كتابه بعنوان: (الحرمان الشريفان فخر العمارة الإسلامية المعاصرة) أخرجه وطبعه طباعة فاخرة لمكانة الحرمين الشريفين في قلوب المسلمين على حسابه الشخصي هذا نصه:

سعادة سفير المملكة العربية السعودية في غينيا..

بعد التحية..

حسب التوجيه الكريم نبعث اليكم مع هذا ثلاثين نسخة من كتاب (الحرمان الشريفان فخر العمارة الإسلامية المعاصرة) لتوزيعها من قبلكم على المراكز الإسلامية الموجودة لديكم حسبما ترونه، وتقبلوا تحياتي. رئيس الديوان الملكي محمد النويصر. وهذا هو الموقف الأول.

أما الموقف الثاني فقد ذهبت معه - يرحمه الله - للسلام على سمو الأمير عبد الله الفيصل في قصره فعرفني على سموه وقدم له كتابي: (التمثيل الدبلوماسي والقنصلي بين المملكة العربية السعودية والعالم الخارجي)، فتناول سموه الكتاب بشغف فتصفحه سريعاً، واطلع على اهدائي الكتاب لسمو الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، واطلع أيضاً على محتوياته، وتوقف ملياً أمام مدخل الكتاب الذي أشرت فيه إلى نشأة وزارة الخارجية، فأعجب بالتسلسل التاريخي قائلاً: أحسنت - يا ابني - أن استخدمت التاريخ الهجري والميلادي فأنا لا أعرف إلا الهجري كما أحسنت في تسلسل نشأة البعثات الدبلوماسية وحرصت على بقاء أسماء البعثات كما هي.

شكرت سموه على أريحيته في الثناء على الكتاب واعجابه به، فأمر بشراء نسخ من الكتاب، وبعد تناول الغداء التفت سموه إلى - أبا سميح - قائلاً: خلي جماعتك يراجعوا المستشفيات.

أخبرني - رحمه الله - بالمقصود بالجماعة من طلبت من سموه بأمر علاج في المستشفيات الخاصة من الأقارب والأصدقاء.

وأما الموقف الثالث والأخير، فمع سمو الأمير ممدوح بن عبد العزيز في قصره في جدة رحب سموه كعادته بي ترحيباً حاراً: أهلاً بأهلنا في افريقيا أريد منك أن تحكي لي بالتفصيل عن وضع المسلمين هناك. وأجلسني بجانبه فقلت لسموه: غينيا بلد مسلم بنسبة 95% وأغلب الدعاة وأئمة المساجد والجوامع ممن تخرجوا - بحمد الله - من معهد اللغة العربية في مكة المكرمة ومن الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ومن جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض.

قال سموه هذه بشارة خير لم أعرف عنها وكيف عرفت أنهم من خريجي مؤسساتنا التعليمية؟ أجبت سموه الذي كان متحمساً إلى سماع الاجابة مني وباقي الموجودين في المجلس قلت: إبان زيارتي مع فخامة رئيس الجمهورية (لانسانا كونتي) لتدشين مشروع الطريق السريع الذي يربط أكثر من أربعمائة مدينة وقرية فعندما يتوقف موكب فخامته في المدن والقرى على هذا الطريق الذي بنته حكومة المملكة يحتفل الاهالي بفخامته وفي سرادق احتفال الأهالي في كل مدينة وقرية يتقدم هؤلاء بالسلام علي أمام فخامة رئيس الجمهورية، فأسألهم من أين تعلمتم اللغة العربية؟ فيجيبونني بافتخار في بلدكم فيبتسم فخامته ويميل إلي قائلاً: غينيا كلها مدينة لكم يا سعادة السفير.

ابتسم سموه والحضور واضفت: لم يهدأ لي بال حتى تم رفع المنح الدراسية المقدمة لغينيا من عشرين منحة إلى مائة منحة دراسية.

ثم التفت سموه إلى ابن العم - أبا سميح - قائلاً: الشيكات جاهزة! أخبرني - رحمه الله - بأنها مساعدات متنوعة للجمعيات الخيرية وإلى المسجد المجاور لمنزله ولبعض أقاربه.

هكذا كان - رحمه الله رحمة واسعة - ديدنه أنى ذهب مساهمة الآخرين اما بالمال واما بطلب العلاج ولم يكتف بالأمراء في طلب المساعدات للأيتام والأرامل وانما أيضاً مع المؤسسات الخيرية كهيئة الاغاثة الإسلامية ابان فترة أمينها العام الأسبق (فريد قرشي) كان يشاركه في زياراته التفقدية حتى أنه أشرف بنفسه على توزيع مساعدات الهيئة في بلدان وقرى نائية في قارتي آسيا وافريقيا حتى تم اختياره لعضوية أحد مجالس الجامعات الباكستانية.

رحم الله فقيدنا الغالي الذي كان حنوناً طيباً يتفانى في خدمة الإسلام والمسلمين ويسعى بطيبة نفس في جمع التبرعات لبناء المساجد والجوامع أو المساعدة في ترميمها.

تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

صدق الله العظيم.

رحمك الله.. أبا سميح
طلال محمد نور عطار

طلال محمد نور عطار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة