Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 31/07/2013 Issue 14916 14916 الاربعاء 22 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

لا أدري أي عفريت يركب تجار التسلية الفضائية في شهر رمضان الكريم بالذات؟ المؤكد أنه أحقر واحد في عالم رواج الزبالة الفضائية في رمضان العفاريت الفضائية. المفترض أن العفاريت تصفد في رمضان، مثلها مثل الأبالسة والشياطين وكفرة الجن. لكن يبدو أن رمضان فقد صلته الحقيقية بالحياة الاجتماعية. تجار التسلية الفضائية حولوه إلى مسرح ومردح للخلاعة والسماجة وقلة الحياء والاستخفاف بالمناسبة وبالمجتمع وبعقول البقية العاقلة من المشاهدين.

كل الفضائيات العربية لم تعد تقدم شيئاً يخاطب الروح والقلب والعقل، والفضائيات الخليجية هي الأسوأ. الفضائيات الخليجية تكب في رمضان بالذات كل ما في زبالاتها من قاذورات على رؤوس المشاهدين. المحزن أنها تجد مشاهدين مستعدين لتقبل هذه الزبالة والاستمتاع بمناظرها المقززة وروائحها الكريهة.

كقاعدة عامة للعرض والطلب، لا يقبل التفاهات سوى التافهون، مثلما أنه لا يقبل بالفائت والبائت من الطعام سوى الجائع والمضطر. إذا تجمعت عصابة من تجار التسلية وملاك الفضائيات، مع مخرجين نصف أو ربع كم، على ممثلات بأجسام البقر وبراطم الخراتيت، مع أشباه ممثلين تتلخص مواهبهم في المسخرة والتقليد والتشبه بالجنس الآخر، حينئذ تكون النتيجة زبالة فضائية هائلة الحجم.

تجار الشمطة وكهول الإخراج والتمثيل في مجلس التعاون الخليجي تجمعوا مع شمطاوات نفس المجلس، وليس في أدمغتهم من الثقافة والأهداف التنويرية سوى الكركرة والاستملاح السمج للنفس وجمع الفلوس. النتائج مزرية ومــريـعـة. حلقات طويلة ومتسلسلة من السطحية وتفاهة المفاهيم والإيحاءات الجنسية تفرغ على رؤوس البشر شبه المبنجين بما ابتلعوه من دهون وسكريات ولحوم ، فتترجرج بطونهم وترتعش أطرافهم وترفرف لغابيبهم تعبيرا عن الانسجام والاستحسان وطلب المزيد.

يهرب الناس في ليالي رمضان عن الأخبار السياسية لأنها تسد النفس وتجلب الاكتئاب، وعن البرامج الحوارية لنفس الأسباب، وعن قنوات تفسير الأحلام وطب الخرافات والشعوذة وحكاوى السحر والمس لأنها تثير الهلع والرعب في ساعات ما بين الفطور والسحور.

يبحث الناس عن شيء يجمع بين الترويح عن النفس ومخاطبة العقل والتثقيف المعرفي فلا يجدون. إذن ماذا يفعلون بالريموتات المرفوعة في أياديهم؟. يتقافزون بها من محطة إلى أخرى ثم يكتفون بما تقدمه لهم عصابات المسخرة الفضائية من تفاهات. ترى كم نسبة المشاهدين الذين ينصرفون إلى القنوات الوثائقية والبرامج التاريخية والجغرافية؟. أتوقع أنهم الأقلية، أما الغالبية فهي في حالة ارتخاء وانسجام أمام صناديق الزبالة الفضائية.

هل تستطيع أي جماهير تقبل كل هذه البضاعة الرخيصة، إلا أن يكون هناك خلل ثقافي هائل في المجتمع؟.

الرياض

إلى الأمام
رواج الزبالة الفضائية في رمضان
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة