Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 31/07/2013 Issue 14916 14916 الاربعاء 22 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

يتلبسني في أحيان كثيرة هاجس الانطواء والانزواء والهروب من الكتابة، سببه الرئيسي خوفي من الوقوع في فخاخ الاستهلاك والشح والنضوب أو التكرار الممل، أحياناً كثيرة أهرب من أفكار تدعوني لصياغتها ككائنات ورقية، لكني أقصيها بتبرير عدم أهميتها أو كثرة ما كتب عنها، ليس هناك أي معادلة أخرى في الهروب من الكتابة سوى القراءة والاطلاع والتأمل، تداعيات التأمل عديدة أهمها: إعادة إنتاج المقروء، التحفيز النفسي لاستنبات فكرة تكون منطلقاً لكتابة جديدة، وتغذية الرابط الدلالي سياسياً وثقافياً واجتماعياً بين المقروء والواقع، وعلى ذلك لا مهرب من التأثر بقراءاتنا، ليست هناك كتابة بيضاء، بل الكتابة الناجحة هي إحكام الخلطة الكيميائية بين التأثر والتأثير، التأثر بما قرأنا وشاهدنا وسمعنا، وبتجاربنا الجادة في الحياة، والتأثير في من سيقرأ لنا، لعل هذا القارئ يفلح في اصطياد لآلئ جديدة في أعماق ما كتبنا، إن الإرجاء في الكتابة ناجز عند يقيننا بأننا وما قرأناه في سنوات طويلة من أعمارنا إنما هي نقطة في بحر القراءة، وعلى ذلك تأسست لدينا دوائر أسئلة لا متناهية، كيفية تجاوز ما قرأت ومافائدة ماكتبت، أن إرجاء الكتابة قد نلجأ إليه عند احتدام جدل في ظواهر أو شخصيات ثقافية أو فكرية أو اجتماعية أو سياسية، أو تجدد الجدل في أخرى قديمة، تتناولها الأقلام بانفعال، وليس من اليسر الاعتقاد بأن ما نكتبه تحت هيمنة الانفعال سيكون مقالاً طيب الأثر، وإن كان الإرجاء أو التأني في الكتابة سلاحاً ذا حدين: خفوت بريق الظاهرة المثيرة للجدل إعلامياً وثقافياً ومن ثم اجتماعياً، الثاني: الكتابة المتأنية طاردة للإنشائية والاستسهال، ومن ثم امتلاك القدرة على تناول جميع ما طُرح وفق مرجعية بحثية موضوعية بلغة مؤثِّرة ومختارة بعناية، هناك من يستبق الموت فيكتب بغزارة، وقد تسنح له ظروف نشر جيدة أو تبقى طي الكتمان، وهناك من يتأنى كثيراً، بهدوء لا يثير زوابع آنية لاقتطاف الشهرة والثروة والمجد، يتأنى وإن كان دبيب الموت يزحف حثيثاً إلى أصابعه، لكنه يأبى حتى اللحظة الأخيرة أن يوقّع اسمه على كتابة شاحبة أو مستهلكة، أغلب المتأنين والمرجئين في الكتابة هم أولئك الذين تكون رهاناتهم على ما يكتبون لا غير، آثروا الانطواء والعزلة، حتى يمكن القول بأنهم يجيدون فن العزلة وفن الانطواء، ولا يجيدون فنون العلاقات الاجتماعية وصخب الفلاشات والحضور وطرق الظهور وأساليالبروز وأبجدياته وفذلكاته، وعلى ذلك هم من الذين (قد) تسلّط الأضواء على كتاباتهم ويمتد الضوء إلى تفاصيل حياتهم بعد مماتهم، بينما هم يكتبون ويعيشون حياتهم بقوة اليأس، مدركين أنهم خاسرون لكل شيء، لكنهم ربحوا النقاء والبياض والجمال في الحياة والكتابة، ربحوا أنفسهم قبل كل شيء، بينما خسر الآخرون نصف حياتهم وجل الكتابة.

ramadanalanezi@hotmail.com
ramadanjready @

هاجس الهروب من الكتابة!
رمضان جريدي العنزي

رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة